رفسنجاني يدقّ من داخل الخزان الشيعي!!
حسين الرواشدة
جو 24 : فيما تستعد (قم) لتنظيم مؤتمر حاشد حول (التكفير) نهاية هذا الشهر، فاجأنا هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني السابق بتوجيه انتقادات حادة لبعض الشيعة الذين (يتعبدون) بسب الصحابة الكرام، والاحتفال بيوم مقتل عمر رضي الله عنه، رفسنجاني قال ايضا بأن الخلافات السنية الشيعية هي التي مهدت الطريق لوصول القاعدة وداعش وطالبان.
ربما تكون هذه المرّة الاولى التي يعترف فيها مسؤول من داخل أركان الحكم الايراني بأن بعض الشيعة يسيؤون الى أخوانهم السنة، وهي بالطبع فضيلة تحسب للرجل، لكنها تحتاج الى خطوتين إضافتين : الاولى (فتوى) تصدر عن المرجعيات في قم والنجف تحرم هذه المسلكيات العقيدية الفاسدة، وتلزم المقلدين من العامة بالامتناع عن الشتم و الاساءة وإقامة الاحتفالات المشحونة بالكراهية، أما الخطوة الثانية فهي (قرار) سياسي وقانوني، يصدر عن الجمهورية الايرانية ويعتبر هذه الممارسات جريمة يحاسب عليها القانون.
لا اعتقد – بالطبع- أن لدى اخواننا في ايران تحديدًا ( الرغبة) أو القدرة على ذلك، لكنني اتمنى أن تدق تصريحات رفسنجاني (الخزان) من داخله، وأن يقتنع اخواننا الشيعة بأن ثنائية الشتم و التكفير بينهم وبين السنة، يجب أن تنتهي، لأنه لا مصلحة لأحد الطرفين فيها، على العكس من ذلك فقد ولّدت جراحات عميقة بينهما، كما أنها اشعلت ما نشاهده من نيران وحرائق أكلت الاخضر و اليابس، وبالتالي فإن أقصر طريق للخروج من محنة ( المظلومية) التي أصبحت متبادلة هو طي صفحة هذا الخلاف التاريخي ودفن هذه (التراثيات) الفلكورية والتوافق على كلمة سواء عنوانها (الاخوة) الجامعة التي لا تقبل الاساءة و الشتم ولا التكفير أيضا.
أتذكر أنني شاركت منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي في عشرات الندوات للتقريب بين المذاهب الاسلامية، وغالبا ما كانت المصارحات تغيب لحساب المجاملات، لكن ما حدث في في مؤتمر الدوحة قبل نحو 7 سنوات (2007) قلب المعادلة تماما، اذ خرج الشيخ القرضاوي آنذاك ليعلن من فوق المنصة أن امتحان التغريب بين السنة و الشيعة في الافعال لا في الاقوال فقط، وأن استئناف هذه الحوارات أصبح غير ممكن ولا مجد أيضا ما لم يوافق الاخوة الشيعة على عدة شروط منها الكف عن شتم الصحابة وأم المؤمنين عائشة، وعدم الاحتفال بمقتل الخليفة عمر بن الخطاب أو زيارة قبر قاتله المجوسي، والتوقف عن نشر (التشيع) في المجتمعات ذات الاغلبية السنية، ووقف التدخل السياسي و العسكري في العراق وغيره من البلدان العربية، قلت آنذاك بأن ما حدث كان ( مفاصلة) بين المرجعيات السنية و الشيعية، لكن صدى هذه المفاصلة على الطرف الايراني كان هادئا، اذ نهض آية الله التسخيري ( وهو من المعتدلين الداعين للتقارب) لنفي هذه الاتهامات طرح مبادرة لحوارات في ايران تشتمل علماء الدين و السياسيين،وقد حصل ذلك اذ التقى الشيخ القرضاوي في طهران بالرئيس خاتمي، وكان يمكن أن ينجح الطرفان في طي صفحة هذا الخلاف البائس، لكن للأسف لم يتم ذلك وبعدها تعطل ( التقريب وأصبحت الدعوة اليه مجرد أصوات ( ناشزة) لا يسمعها أحد.
الآن، يمكن أن نفكر بشكل جدّي في اطلاق مبادرة (للتقارب) الحقيقي، على قاعدة احترام المذهب واتباعها، بحيث يلتزم كل طرف بأن لا يسيئ الى الطرف الآخر، وهذه – بالطبع- تحتاج الى توافق ديني وسياسي، واعتقد أن ما يحدث اليوم من صراعات وحروب باسم الدين وداخله يستوجب التحرك فورا الى اتمام هذه ( المصالحة) التاريخية، صحيح أن لدى الشيعة (تراثا) طويلا في هذا الباب لا يمكن شطبه، كما ان لدى السنة اليوم احساسا بالمظلومية من ممارسات بعض الشيعة، لكن المطلوب هو أن يتصارع الطرفان بأن الاستمرار في مثل هذه المواجهات والاساءات سيلحق الضرر بهما، وقبل ذلك بالدين الواحد الذي ينتمون اليه، كما أنه لا يمكن لاحدهما ان ينتصر على الآخر أو أن يلغيه من التاريخ و الجغرافيا، فهما يتحركان في دائرة حضارية واحدة بحكم الدين و الجيرة و بحكم المصلحة و المصير أيضا.
السؤال: هل يمكن لصوت رفسنجاني أن يدق جدار ( الكراهية) المفتعلة بين دائرة المظلومية الى دائرة المسؤولية بان يتوقفوا عن ( استفزاز) إخوانهم السنة وهل سينجح القادة الدينيون و السياسيون على الطرفين بالخروج من ( طاحونة) التاريخ الذي أصبح الاستثمار فيه مكلفا لهما الى فضاء الدين الواسع بما فيه من سماحة واحترام واعتراف وتعارف أيضا ؟ هذا ما نتمناه.
الدستور
ربما تكون هذه المرّة الاولى التي يعترف فيها مسؤول من داخل أركان الحكم الايراني بأن بعض الشيعة يسيؤون الى أخوانهم السنة، وهي بالطبع فضيلة تحسب للرجل، لكنها تحتاج الى خطوتين إضافتين : الاولى (فتوى) تصدر عن المرجعيات في قم والنجف تحرم هذه المسلكيات العقيدية الفاسدة، وتلزم المقلدين من العامة بالامتناع عن الشتم و الاساءة وإقامة الاحتفالات المشحونة بالكراهية، أما الخطوة الثانية فهي (قرار) سياسي وقانوني، يصدر عن الجمهورية الايرانية ويعتبر هذه الممارسات جريمة يحاسب عليها القانون.
لا اعتقد – بالطبع- أن لدى اخواننا في ايران تحديدًا ( الرغبة) أو القدرة على ذلك، لكنني اتمنى أن تدق تصريحات رفسنجاني (الخزان) من داخله، وأن يقتنع اخواننا الشيعة بأن ثنائية الشتم و التكفير بينهم وبين السنة، يجب أن تنتهي، لأنه لا مصلحة لأحد الطرفين فيها، على العكس من ذلك فقد ولّدت جراحات عميقة بينهما، كما أنها اشعلت ما نشاهده من نيران وحرائق أكلت الاخضر و اليابس، وبالتالي فإن أقصر طريق للخروج من محنة ( المظلومية) التي أصبحت متبادلة هو طي صفحة هذا الخلاف التاريخي ودفن هذه (التراثيات) الفلكورية والتوافق على كلمة سواء عنوانها (الاخوة) الجامعة التي لا تقبل الاساءة و الشتم ولا التكفير أيضا.
أتذكر أنني شاركت منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي في عشرات الندوات للتقريب بين المذاهب الاسلامية، وغالبا ما كانت المصارحات تغيب لحساب المجاملات، لكن ما حدث في في مؤتمر الدوحة قبل نحو 7 سنوات (2007) قلب المعادلة تماما، اذ خرج الشيخ القرضاوي آنذاك ليعلن من فوق المنصة أن امتحان التغريب بين السنة و الشيعة في الافعال لا في الاقوال فقط، وأن استئناف هذه الحوارات أصبح غير ممكن ولا مجد أيضا ما لم يوافق الاخوة الشيعة على عدة شروط منها الكف عن شتم الصحابة وأم المؤمنين عائشة، وعدم الاحتفال بمقتل الخليفة عمر بن الخطاب أو زيارة قبر قاتله المجوسي، والتوقف عن نشر (التشيع) في المجتمعات ذات الاغلبية السنية، ووقف التدخل السياسي و العسكري في العراق وغيره من البلدان العربية، قلت آنذاك بأن ما حدث كان ( مفاصلة) بين المرجعيات السنية و الشيعية، لكن صدى هذه المفاصلة على الطرف الايراني كان هادئا، اذ نهض آية الله التسخيري ( وهو من المعتدلين الداعين للتقارب) لنفي هذه الاتهامات طرح مبادرة لحوارات في ايران تشتمل علماء الدين و السياسيين،وقد حصل ذلك اذ التقى الشيخ القرضاوي في طهران بالرئيس خاتمي، وكان يمكن أن ينجح الطرفان في طي صفحة هذا الخلاف البائس، لكن للأسف لم يتم ذلك وبعدها تعطل ( التقريب وأصبحت الدعوة اليه مجرد أصوات ( ناشزة) لا يسمعها أحد.
الآن، يمكن أن نفكر بشكل جدّي في اطلاق مبادرة (للتقارب) الحقيقي، على قاعدة احترام المذهب واتباعها، بحيث يلتزم كل طرف بأن لا يسيئ الى الطرف الآخر، وهذه – بالطبع- تحتاج الى توافق ديني وسياسي، واعتقد أن ما يحدث اليوم من صراعات وحروب باسم الدين وداخله يستوجب التحرك فورا الى اتمام هذه ( المصالحة) التاريخية، صحيح أن لدى الشيعة (تراثا) طويلا في هذا الباب لا يمكن شطبه، كما ان لدى السنة اليوم احساسا بالمظلومية من ممارسات بعض الشيعة، لكن المطلوب هو أن يتصارع الطرفان بأن الاستمرار في مثل هذه المواجهات والاساءات سيلحق الضرر بهما، وقبل ذلك بالدين الواحد الذي ينتمون اليه، كما أنه لا يمكن لاحدهما ان ينتصر على الآخر أو أن يلغيه من التاريخ و الجغرافيا، فهما يتحركان في دائرة حضارية واحدة بحكم الدين و الجيرة و بحكم المصلحة و المصير أيضا.
السؤال: هل يمكن لصوت رفسنجاني أن يدق جدار ( الكراهية) المفتعلة بين دائرة المظلومية الى دائرة المسؤولية بان يتوقفوا عن ( استفزاز) إخوانهم السنة وهل سينجح القادة الدينيون و السياسيون على الطرفين بالخروج من ( طاحونة) التاريخ الذي أصبح الاستثمار فيه مكلفا لهما الى فضاء الدين الواسع بما فيه من سماحة واحترام واعتراف وتعارف أيضا ؟ هذا ما نتمناه.
الدستور