jo24_banner
jo24_banner

لكي لا يخطىء الاسلاميون في توظيف خيار «التحالف»!

حسين الرواشدة
جو 24 :







دخل الاسلاميون انتخابات نقابة المعلمين وفق قوائم “مفتوحة” اعتمدت مبدأ “التحالف” مع شخصيات تربوية تمثل اتجاهات فكرية مختلفة لكنها لا تتصادم مع رؤية “الجماعة” السياسية، وحصدوا بالتالي نحو 80% من مقاعد فروع النقابة.

النتيجة –بالطبع- متوقعة، فقد استثمر الاسلاميون “ميزتهم” التنظيمية وخبرتهم في ادارة الانتخابات لانتزاع ما يلزم من اصوات فيما وجد الاخرون من المستقلين والمحسوبين على الاتجاهات اليسارية والقومية وغيرها انفسهم امام “تجربة” جديدة لم يحسنوا التعامل معها فالنوايا الطيبة ونضالات الشارع والافكار الكبيرة لا تكفي وحدها لاختبار “الوزن” لدى الناس ولا للانتصار في لعبة “الاقتراع” المعقدة.

للانصاف، الاسلاميون لم يكونوا بعيدين عن “حراكات” المعلمين، لكنهم وسط محاولات “الصاق” التهم بالحراك بذريعة حضورهم فيه، آثروا “الاختفاء” والكمون، وتركوا لغيرهم ان يتصدروا المشهد، ثم تحالفوا لاحقا في الانتخابات، وهذا يذكرنا –طبعا- بما فعله الاسلاميون في مصر اثناء الثورة وبعدها في الانتخابات البرلمانية، وبمقدار ما نشعر بالرضا والارتياح من توجه الاسلاميين الى الانحياز للشراكة ومبدأ التحالف ووحدة الجماعة الوطنية، فان اخشى ما نخشاه ان يخطىء اخواننا –كما اخطأ اخوانهم المصريون- حين بدأوا بهذا الخيار ثم انتهوا الى خيار آخر قدموا فيه مصلحة “جماعتهم” على مصلحة البلد، وتشبثوا بحقهم “كأغلبية” في تحديد مستقبله، وتسببوا في تفتيت وحدة الصف الوطني، مع ان قدرتهم على افراز “توافق” وطني كانت كفيلة بمضاعفة رصيدهم في الشارع وسحب “ذرائع” المشككين بهم والمتربصين بفوزهم.. ووجودهم ايضا.

هذه الملاحظة كانت ضرورية “لان” الاسلاميين، حين جربوا خيار “التحالف” وابتعدوا عن القوائم “المعلقة” عليهم في انتخابات المعلمين، كانوا ينظرون الى الانتخابات البرلمانية القادمة وما دام ان “البروفة” نجحت فان فرصة تكرارها واردة بقوة، وبالتالي فان ما يحدث على صعيد انتخابات مجلس نقابة المعلمين بعد عشرة ايام، ودور الاسلاميين فيه وطبيعة حراكهم وتحالفهم داخله، سيقدم لنا نموذجا لما يريده الاسلاميون حقا، وما يسعون الى تحقيقه –عمليا- في الانتخابات البرلمانية القادمة.

صحيح، ان وزن “الاسلاميين” في الشارع، سواء كان لاسباب تنظيمية او جماهيرية او سياسية، يبدو اكبر بكثير من “وزن” غيرهم من التيارات اليسارية والقومية الاخرى، وصحيح ان اي انتخابات نزيهة تجري وفق قانون قائم على نسبية التمثيل بحدود متوازنة، ستؤمن للاسلاميين مع حلفائهم الاغلبية التي تمكنت من الامساك بالقرار..

لكن صحيح ايضا ان تجربة “الاسلاميين” في مصر، تحديدا، “دعك من النهضة في تونس” تضع امام اخواننا في الاردن دروسا يمكن استحضارها وقراءتها والاستفادة منها، لا لكي يتنازلوا عن حقهم في المشاركة وفي صناعة القرار ايضا، وانما لكي يتعاملوا مع المرحلة الجديدة وفق اعتبارات مرنة وحكيمة، تحافظ على سلامة خطهم ومبادئهم، وعلى ثقة جمهورهم بهم، وتسحب من “خصومهم” حجج التخويف منهم، وتحمي –وهذا هو الاهم- وحدة الدولة والمجتمع باعتبارها اولوية مقدمة على وحدة الجماعة “الاسلامية” ومصلحتها.

ومع انني ادرك تماما ان ثمة من لا يسعده حضور “الاسلاميين” في المشهد الانتخابي والسياسي عموما، ولا حتى وجودهم في الاصل، وان هؤلاء سيبدؤون “بالطخ” ضد اي انتخابات يكسب فيها الاسلاميون، الا ان هذه المواقف (وهي مفهومة وتعبر غالبا عن وعي لدى هؤلاء بحجم ثقلهم في الشارع ومحدودية فرصهم السياسية) يجب ان لا تدفع الاسلاميين الى تجاه “المغالبة” سواء وفق تكتيك “التحالفات” او غيره او الى “نشوة” الانتصار التي قد تُزيغ الابصار لا سمح الله.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news