jo24_banner
jo24_banner

حلو نعنع

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : مدخل البوابة نظيف ، المضيف مرتّب ،الوسادة الغريبة على طقم الغرفة حاضرة ،الفناجين مقلوبة، القهوة فوق طاولة الوسط ، الأجواء مشحونة ، والطفل ساهٍ لاهٍ لا يعرف ماذا يدور في العقول.
كان يحدث عند تحضير طهور «الصبي» ان يوضع مقدّما صحن من الحلو المشكّل نعنع على ليمون على ملبّس على ناشد، وكما يقع عصفور الدوري بالفخ كان يقع الطفل في صحن الحلو، يقترب منه وهو يرتدي دشداشة في «عزّ الشتاء» دون أن يسأل لماذا ، ويأخذ حلوة على نعنع ، يفتح الورقة بهدوء ، وما ان يضعها بفهمه...حتى يسمع صعود أحدهم على الدرج وهو ينادي» يا الله يا الله..» ثم يدخل وبيده حقيبة جلدية مكتنزة ، يكون الولد للتو قد «دحش» الحلوة في فمه وما زال يتذوّق حلاوة الطبقة الأولى..يُرحَّب بالضيف على عجل يشرب فنجان من القهوة السادة ، ثم يفتح حقيبته ويقرّب الوسادة الغريبة بينه وبين والد المغدور.. والصبي ما زال يراقب الحركات بعينين مدوّرتين خائفتين وحلوة النعنع ما زالت تلف من «نيع الى نيع» مع سحب «الريالة» نتيجة الطعم الحار...وفي اقل من ثانية ودون سابق انذار يُبطح الولد على الوسادة ويرفع الثوب ويبدأ المطّهر «بالمكنكة» من وضع فيش المكوى ورش «السبيرتو» وعقد الخيطان ، في هذه الأثناء الصبي ينفلت من البكاء والصراخ «وحلوة النعنع» ما زالت تترجرج في فمه..هنا يحاول الموجودون التهدئة «هه خلّصنا» ،»ما فيش اشي..»..»زلمة انت لويش بتبكي « وغيرها من كلمات الشجاعة التي تسمن ولا تغني من جوع...فكل كلمات رفع المعنوية هذه لا «تبرّد» الألم الذي انقسم الى اثنين واحد تحت والآخر فوق حيث تشتعل الحلوة الملعونة والمكوى الناري..وبعد ان ينهي المطهّر عمله يحمل الفتى إلى أمه...ببكاء متقطّع ودموع غزيرة لكن دون ان يضحّي بالحلوة التي لم يزل يحركها ويمص رحيقها بين «جعرتين»!.
***
منظر الصبي الذي يبكي و»يمص حلو» بنفس الوقت....يشبه تماماً منظر أمانة عمان الكبرى في المنخفض الأخير حيث شرعت بــ»قمة العجقة والانشغال « بتصوير فيديو للمناهل «المتفجرة» في عديد من شوارع العاصمة عمان لتثبت بالصوت والصورة شبهات التقصير في أداء جهات حكومية أخرى في التعامل مع الظروف الجوية.
اشتغل و»صور» وأسفن ربعك = ابكي ومص حلو..بتنسى وجعك!.

الرأي
تابعو الأردن 24 على google news