الطبقة الوسطى في قبضة التطرف..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : يحتاج التطرف كي ينمو ويتمدد وينتعش لحواضن اجتماعية تتكفله بالرعاية والاهتمام ، و مصادر تغذيه بعناصر الحياة والبقاء، وهي في الغالب تتوزع على مختلف الحقول السياسية والدينية والثقافية ، وتتغطى بخطاب موحد عنوانه : “المظلومية “ والرغبة بالانتقام .
في بلداننا العربية أصبحت الطائفية والمذهبية بيئة مناسبة لاستنبات التطرف ، كما فاض الخطاب الطائفي بحمولات زائدة من التحريض على العنف، واستثمرت حالة التنوع في مجالات مسمومة انتصر فيها منطق التشظية على الوحدة ،و الجنون على العقلانية ، وفقه الحروب على فقه السلام.
ما كان يمكن للطائفة ان تجنح نحو العنف والتطرف إلا بدخول “غول “ الخوف اليها ، حيث تمكن هذا الغول من السطو على قناعات الناس وأحلامهم، ولوث فطرتهم، وحولهم إلى مجرد أصداء لصوت “النكاية”، ونسخ متشابهة في سوق “الذبح” ، ولو كان العدل حاضرا لتمكن المجتمع -مهما اختلفت مكوناته وتنوعت طوائفه- من دحر الغازي الوافد وإلحاق الهزيمة به.
لكن ماذا عن البلدان التي لا يوجد فيها طوائف؟ هل يمكن للتطرف أن يجد فيها ظهرا يركبه ويستند اليه؟ أعتقد أن البديل هو “الطبقية الفاجرة” ، وسواء أكانت سياسية او اقتصادية، فإنها تشكل بالنسبة للتطرف سكة مناسبة يمكن أن يستقلها ويمضي عليها الى حيث يريد، كما أنها (الطبقية ) تصب في رصيد المتطرفين لدرجة انهم يصبحون من اصحاب الملايين المتطرفة.
المتطرفون هنا ليسوا مجرد سلالة من الفقراء والمهمَّشين أو ضحايا العوز والحاجة، وانما قد ينسلّون من الطبقة الوسطى، خاصة بعد التحولات السياسية والاقتصادية التي طرأت على مجتمعاتنا ، واصابت قيم هذه الطبقة واتجاهاتها وطموحاتها بجراحات بالغة، فأربكت حركتها، وحولتها من قاعدة تتولى قيادة المجتمع وتحافظ على توازنه، الى ماكنة ثقيلة ومعطلة، أو جسد مستنزف ومستهلك، حيث اصبحت بالتالي مخزنا لليأس والتطرف، وعبئا على المجتمع( ملاحظة: حسب آخر دراسة للطبقة الوسطى في الاردن-2010، فإن الطبقة الغنية تشكل نحو 8,4 % فيما يشكل من هم دون الطبقى الوسطى 50,8 % اما الطبقة الوسطى حسب ارقام 2008 فبلغت نحو 40% ).
وكما أنه لا يمكن إلغاء الطائفة او المذهب او القبيلة فإنه لا يمكن ايضا إلغاء الطبقة، لكن المشكلة ليست هنا وانما في التحولات التي تجري على هذه المكونات( تحول الطبقة الى طبقية والطائفة الى حالة طائفية ..وهكذا) ويمكن الاشارة الى مسألتين للتوضيح، الأولى سوء استخدام او توظيف مثل هذه المكونات ، بحيث تتحول من لبنات اساسية في بناء منسجم ومتكامل الى الغام متفجرة تنسف البناء من الاساس، اما المسألة الأخرى فهي دخول عناصر جديدة غير محايدة مثل الظلم او العنصرية او الاستعلائية على خط هذه المكونات ، بحيث تنتزع منها اسوأ ما فيها، خاصة حين تتراجع الدولة او القيم “الصاهرة” للمجتمع والاخلاقيات الضابطة لحركته، وتدخل الاطراف المتناقضة حينها في معادلة الصراع والتطرف والانتقام.
ومثلما تستند الطائفية المنتجة للتطرف والعنف الى منظومة من المفاهيم والممارسات التي يتداخل فيها السياسي بالديني والثقافي ، تستمد الطبقية ايضا مستلزمات وجودها وانتشارها من ارث اجتماعي واخطاء سياسية وممارسات اقتصادية خارجة على العدالة، وبموجبها ينشأ الصراع الطبقي بين ابناء المجتمع الواحد، وتنسحب الطبقة الوسطى لحساب مجموعات صغيرة تستأثر بالغنيمة وتتحالف مع السلطة القائمة فتستفيد منها و تروج لها، فيما تتوسع طبقة”الفقر” افقيا وعموديا ويتصاعد احساسها بالغبن والغضب ، وبتراجع الطبقة الوسطى التي تشكل عصب المجتمع، تتراجع منظومة الثقافة والفن والانتاج والتدين الصحيح ، وتنشأ نخب كسولة وانتهازية ، وبالتالي تصبح المناخات العامة “قابلة” لانتشار جراثيم التطرف ،كثقافة وممارسة، ايضا.
باختصار، أرجو أن ندقق في الثغور التي يمكن للتطرف ان يتسرب منها الى مجتمعاتنا ، خاصة الى شبابنا الذين اصبحو صيدا ثمينا لشبكات المتطرفين ، إاذا كان لي أن اشير الى أبرز هذه الثغور فهو هذه الطبقية التي افرزتها سنوات عجاف تولدت من رحم الخصخصة والمحسوبية والمحاصصة وانتجت غياب العدالة والشعور باليتم ناهيك عما يطفو على السطح من بطالة وعطالة ونهب وفساد..
الدستور
في بلداننا العربية أصبحت الطائفية والمذهبية بيئة مناسبة لاستنبات التطرف ، كما فاض الخطاب الطائفي بحمولات زائدة من التحريض على العنف، واستثمرت حالة التنوع في مجالات مسمومة انتصر فيها منطق التشظية على الوحدة ،و الجنون على العقلانية ، وفقه الحروب على فقه السلام.
ما كان يمكن للطائفة ان تجنح نحو العنف والتطرف إلا بدخول “غول “ الخوف اليها ، حيث تمكن هذا الغول من السطو على قناعات الناس وأحلامهم، ولوث فطرتهم، وحولهم إلى مجرد أصداء لصوت “النكاية”، ونسخ متشابهة في سوق “الذبح” ، ولو كان العدل حاضرا لتمكن المجتمع -مهما اختلفت مكوناته وتنوعت طوائفه- من دحر الغازي الوافد وإلحاق الهزيمة به.
لكن ماذا عن البلدان التي لا يوجد فيها طوائف؟ هل يمكن للتطرف أن يجد فيها ظهرا يركبه ويستند اليه؟ أعتقد أن البديل هو “الطبقية الفاجرة” ، وسواء أكانت سياسية او اقتصادية، فإنها تشكل بالنسبة للتطرف سكة مناسبة يمكن أن يستقلها ويمضي عليها الى حيث يريد، كما أنها (الطبقية ) تصب في رصيد المتطرفين لدرجة انهم يصبحون من اصحاب الملايين المتطرفة.
المتطرفون هنا ليسوا مجرد سلالة من الفقراء والمهمَّشين أو ضحايا العوز والحاجة، وانما قد ينسلّون من الطبقة الوسطى، خاصة بعد التحولات السياسية والاقتصادية التي طرأت على مجتمعاتنا ، واصابت قيم هذه الطبقة واتجاهاتها وطموحاتها بجراحات بالغة، فأربكت حركتها، وحولتها من قاعدة تتولى قيادة المجتمع وتحافظ على توازنه، الى ماكنة ثقيلة ومعطلة، أو جسد مستنزف ومستهلك، حيث اصبحت بالتالي مخزنا لليأس والتطرف، وعبئا على المجتمع( ملاحظة: حسب آخر دراسة للطبقة الوسطى في الاردن-2010، فإن الطبقة الغنية تشكل نحو 8,4 % فيما يشكل من هم دون الطبقى الوسطى 50,8 % اما الطبقة الوسطى حسب ارقام 2008 فبلغت نحو 40% ).
وكما أنه لا يمكن إلغاء الطائفة او المذهب او القبيلة فإنه لا يمكن ايضا إلغاء الطبقة، لكن المشكلة ليست هنا وانما في التحولات التي تجري على هذه المكونات( تحول الطبقة الى طبقية والطائفة الى حالة طائفية ..وهكذا) ويمكن الاشارة الى مسألتين للتوضيح، الأولى سوء استخدام او توظيف مثل هذه المكونات ، بحيث تتحول من لبنات اساسية في بناء منسجم ومتكامل الى الغام متفجرة تنسف البناء من الاساس، اما المسألة الأخرى فهي دخول عناصر جديدة غير محايدة مثل الظلم او العنصرية او الاستعلائية على خط هذه المكونات ، بحيث تنتزع منها اسوأ ما فيها، خاصة حين تتراجع الدولة او القيم “الصاهرة” للمجتمع والاخلاقيات الضابطة لحركته، وتدخل الاطراف المتناقضة حينها في معادلة الصراع والتطرف والانتقام.
ومثلما تستند الطائفية المنتجة للتطرف والعنف الى منظومة من المفاهيم والممارسات التي يتداخل فيها السياسي بالديني والثقافي ، تستمد الطبقية ايضا مستلزمات وجودها وانتشارها من ارث اجتماعي واخطاء سياسية وممارسات اقتصادية خارجة على العدالة، وبموجبها ينشأ الصراع الطبقي بين ابناء المجتمع الواحد، وتنسحب الطبقة الوسطى لحساب مجموعات صغيرة تستأثر بالغنيمة وتتحالف مع السلطة القائمة فتستفيد منها و تروج لها، فيما تتوسع طبقة”الفقر” افقيا وعموديا ويتصاعد احساسها بالغبن والغضب ، وبتراجع الطبقة الوسطى التي تشكل عصب المجتمع، تتراجع منظومة الثقافة والفن والانتاج والتدين الصحيح ، وتنشأ نخب كسولة وانتهازية ، وبالتالي تصبح المناخات العامة “قابلة” لانتشار جراثيم التطرف ،كثقافة وممارسة، ايضا.
باختصار، أرجو أن ندقق في الثغور التي يمكن للتطرف ان يتسرب منها الى مجتمعاتنا ، خاصة الى شبابنا الذين اصبحو صيدا ثمينا لشبكات المتطرفين ، إاذا كان لي أن اشير الى أبرز هذه الثغور فهو هذه الطبقية التي افرزتها سنوات عجاف تولدت من رحم الخصخصة والمحسوبية والمحاصصة وانتجت غياب العدالة والشعور باليتم ناهيك عما يطفو على السطح من بطالة وعطالة ونهب وفساد..
الدستور