ديوان المحاسبة : مهمة (المؤرخ) لا تكفي ..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : المهمة التي ينهض لتحقيقها ديوان (المحاسبة) هي رقابية بإمتياز ، فبموجب المادة 119 من الدستور تم انشاء هذا الديوان (1925) لمراقبة ايرادات الدولة ونفقاتها وطرق صرفها ، إلا أن القانون المؤقت المعدل (2003) أضاف له مهمات اخرى من أهمها الرقابة الادارية و البيئية ، كما أنه وسع مظلة الرقابة التي يمارسها لتشمل المؤسسات العامة، واخضع الموظفين حال امتناعهم عن تقديم الوثائق لمدققي الديوان للمساءلة القانونية.
يقدم الديوان في نهاية كل عام ( تقريرا) مفصلا عن التجاوزات المالية و الادارية التي يرصدها مدققوه لدى المؤسسات الحكومية و العامة، وفي مراسيم احتفالية يقوم رئيسه بتسليم التقرير الى رؤساء الحكومة ومجلسي الأعيان و النواب ، وبذلك ينتهي دوره ، ومن المفترض أن يخضع هذا التقرير للنقاش في البرلمان ، لكن ذلك لم يحصل منذ عام 2009م.
لا يملك ديوان ( المحاسبة) بالطبع- حق المحاسبة على التجاوزات ، و ليس لديه صفة ( الضابطية) العدلية لملاحقة الأخطاء التي يكتشفها ، لكنه يمارس في الغالب عملية ( رصد) وكشف ومتابعة ، ويتولى مهمة مخاطبة المسؤولين لتنبيههم وحثهم على إصلاح ما لديهم من خلل ، وهو بالتالي (يؤرخ) - من خلال تقريره بمئات الصفحات -لواقع ( الادارة) في مؤسساتنا ، وما وقعت فيه من مخالفات أو تجاوزات.
هل يكفي أن تقتصر مهمة الديوان الذي يفترض أن يكون ( عين ) الدولة وذراعها الرقابي على ( التأريخ) و الأرشفة فقط ؟ لا ، بالتأكيد ، الديوان - بالطبع- تنبه لهذه المسألة فاجتهد بتفعيل دورة حسب الصلاحيات التي يمتلكها ، حيث بادر مثلا إلى تقديم تقرير خاص لمجلس الأمة يتضمن تحليلا للحساب الختامي للسنة المالية 2013 والانحرافات التي حصلت في الموازنة العامة وسبل معالجتها ، كما أنه أعد خطة لتحقيق التميز و الشفافية ، والأهم من ذلك أنه حافظ على استقلاليته ولم يرضخ لأي تدخلات أو ضغوطات.
صحيح أن المؤسسات تحسب حسابا لمدققي الديوان ، وأن الاعلام يقوم في الغالب بنشر بعض المخالفات التي يتضمها التقرير، لكن الصحيح هو أن هذه السلطة الأخلاقية ومعها الإعلامية لا تكفي لدفع المؤسسات الى تصحيح أخطائها ، ولا - أيضا- لمحاسبتها عليها ، زد على ذلك أن ( المخالفات) الكبرى المحسوبة على صفقات الفساد الأكبر تبقى خارج تغطية الديوان ، و بالتالي فإن حصاد التقرير على الواقع يبدو متواضعا ، ولا يلبي مطالب الرأي العام الذي مازال يعتقد بأن عين الفساد لم تكسر بعد ، وبأن العدالة ما تزال مجروحة .
من المفارقات أن أغلب المخالفات التي تتضمنها تقارير الديوان السنوية تبدو متكررة ، وأن الإعلام يلتقط منها ما يلبي رغبة الجمهور من الإثارة ، وقد يستخدمها أحيانا في التشهير ، فيما لم نسمع أن تقريرا واحدا خضع للنقاش الجدي داخل قبة البرلمان او خارجها، أو أن مسؤولا تورط في مخالفة تم إحالته الى القضاء، أو أن توصية صدرت أخذت على محمل الجد و التطبيق .
خلال ال5 سنوات الأخيرة حقق الديوان وفرا مالية لخزينة الدولة قيمته نحو 313 مليون منها 64 مليونا هذا العام ، وبلغت عدد قضايا الاعتداء على المال العام التي كشفها 210 قضايا ، معظمها مازال منظورا أمام القضاء ، وهذه - بالطبع- جهود كبيرة ومقدرة ، لكنني اعتقد أن بمقدور الديوان في حال توسيع صلاحياته ومنحه ما يلزم من دعم وتشجيع أن يحقق ما هو أفضل من ذلك ، لكن يكفي أنه الآن يقرع أمامنا الجرس من أجل الدخول في عملية إصلاح إداري لمرافق الادارة العامة ، ويبقى الدور على المؤسسات الاخرى في التقاط الإشارة وتحويلها إلى مقررات لكي نراها تمشي على الأرض.
الدستور
يقدم الديوان في نهاية كل عام ( تقريرا) مفصلا عن التجاوزات المالية و الادارية التي يرصدها مدققوه لدى المؤسسات الحكومية و العامة، وفي مراسيم احتفالية يقوم رئيسه بتسليم التقرير الى رؤساء الحكومة ومجلسي الأعيان و النواب ، وبذلك ينتهي دوره ، ومن المفترض أن يخضع هذا التقرير للنقاش في البرلمان ، لكن ذلك لم يحصل منذ عام 2009م.
لا يملك ديوان ( المحاسبة) بالطبع- حق المحاسبة على التجاوزات ، و ليس لديه صفة ( الضابطية) العدلية لملاحقة الأخطاء التي يكتشفها ، لكنه يمارس في الغالب عملية ( رصد) وكشف ومتابعة ، ويتولى مهمة مخاطبة المسؤولين لتنبيههم وحثهم على إصلاح ما لديهم من خلل ، وهو بالتالي (يؤرخ) - من خلال تقريره بمئات الصفحات -لواقع ( الادارة) في مؤسساتنا ، وما وقعت فيه من مخالفات أو تجاوزات.
هل يكفي أن تقتصر مهمة الديوان الذي يفترض أن يكون ( عين ) الدولة وذراعها الرقابي على ( التأريخ) و الأرشفة فقط ؟ لا ، بالتأكيد ، الديوان - بالطبع- تنبه لهذه المسألة فاجتهد بتفعيل دورة حسب الصلاحيات التي يمتلكها ، حيث بادر مثلا إلى تقديم تقرير خاص لمجلس الأمة يتضمن تحليلا للحساب الختامي للسنة المالية 2013 والانحرافات التي حصلت في الموازنة العامة وسبل معالجتها ، كما أنه أعد خطة لتحقيق التميز و الشفافية ، والأهم من ذلك أنه حافظ على استقلاليته ولم يرضخ لأي تدخلات أو ضغوطات.
صحيح أن المؤسسات تحسب حسابا لمدققي الديوان ، وأن الاعلام يقوم في الغالب بنشر بعض المخالفات التي يتضمها التقرير، لكن الصحيح هو أن هذه السلطة الأخلاقية ومعها الإعلامية لا تكفي لدفع المؤسسات الى تصحيح أخطائها ، ولا - أيضا- لمحاسبتها عليها ، زد على ذلك أن ( المخالفات) الكبرى المحسوبة على صفقات الفساد الأكبر تبقى خارج تغطية الديوان ، و بالتالي فإن حصاد التقرير على الواقع يبدو متواضعا ، ولا يلبي مطالب الرأي العام الذي مازال يعتقد بأن عين الفساد لم تكسر بعد ، وبأن العدالة ما تزال مجروحة .
من المفارقات أن أغلب المخالفات التي تتضمنها تقارير الديوان السنوية تبدو متكررة ، وأن الإعلام يلتقط منها ما يلبي رغبة الجمهور من الإثارة ، وقد يستخدمها أحيانا في التشهير ، فيما لم نسمع أن تقريرا واحدا خضع للنقاش الجدي داخل قبة البرلمان او خارجها، أو أن مسؤولا تورط في مخالفة تم إحالته الى القضاء، أو أن توصية صدرت أخذت على محمل الجد و التطبيق .
خلال ال5 سنوات الأخيرة حقق الديوان وفرا مالية لخزينة الدولة قيمته نحو 313 مليون منها 64 مليونا هذا العام ، وبلغت عدد قضايا الاعتداء على المال العام التي كشفها 210 قضايا ، معظمها مازال منظورا أمام القضاء ، وهذه - بالطبع- جهود كبيرة ومقدرة ، لكنني اعتقد أن بمقدور الديوان في حال توسيع صلاحياته ومنحه ما يلزم من دعم وتشجيع أن يحقق ما هو أفضل من ذلك ، لكن يكفي أنه الآن يقرع أمامنا الجرس من أجل الدخول في عملية إصلاح إداري لمرافق الادارة العامة ، ويبقى الدور على المؤسسات الاخرى في التقاط الإشارة وتحويلها إلى مقررات لكي نراها تمشي على الأرض.
الدستور