jo24_banner
jo24_banner

هل ينقلب الملك على الحرس القديم؟

هل ينقلب الملك على الحرس القديم؟
جو 24 :

كتب د. حسن البراري - هناك مقاربتان لفهم الفجوة بين "الرؤية الاصلاحية" التي اعلنها ويعلنها الملك والتي يؤكد فيها أن الربيع العربي وفرّ فرصة كبيرة لكي ينطلق قطار الاصلاح الاردني الذي كان يؤسس له الملك منذ أن تسلم سلطاته الدستورية وبين ما أنجز لغاية الآن من "اصلاحات" شكلية فارغة المضمون لم تقنع القوى السياسية الرئيسية ولا الحراك العشائري الذي ظهر كقوة لا يستهان بها طيلة الأشهر الماضية.

هناك فريق من المحللين والسياسيين يرفض فكرة أن هناك رؤية ملكية للاصلاح من الاساس، ويصر هذا الفريق أن كل ما يقال يقع في سياق تقاسم الأدوار. فالملك يريد أن يحافظ على صورته كاصلاحي وكصاحب رؤية ثاقبة في الاصلاح وكقائد متقدم على شعبه، واجهزة الدولة تقوم بما يلزم للالتفاف على المطالب الاصلاحية. وبالفعل نجد تصريحات الملك في خارج البلاد تذهب بهذا الاتجاه. فالملك ومنذ بداية الربيع العربي تحرك بسرعة وترك انطباعا بأنه منحاز لمطالب الشارع في الاصلاح. ويرى هذا الفريق أن مراكز القوى لا يمكن لها الا تنفيذ توجهاته. فالسياسي الذي يعمل بالدولة الاردنية ويمتلك الجرأة على وضع عراقيل امام خطط الملك الاصلاحية لم تلده أمه بعد! فالحكومات ضعيفة ولا تمتلك ولاية عامة والبرلمان موجه وبقية الاجهزة الامنية يفترض أن تنفذ توجيهات الملك من دون فذلكات، فكيف يمكن تفسير رفض الاجهزة الرسمية للرؤية الملكية؟!.

ولو أخذنا قانون الانتخابات مثالا لفهمنا عمق المشكلة، حسب تعبير عدد من أبرز رموز هذا التيار الذي يحاجج بتقاسم الادوار. فكما اشار النائب الدكتور عبدالله النسور، قام مجلس النواب بتأييد الصوت الواحد بعد أن كان له موقف مغاير، بمعنى أن توجيهات صدرت لصالح قانون الصوت الواحد. وما أن خرج القانون للضوء حتى هللت الدولة من خلال رموزها الحاكمة ومنابرها بالقانون على اعتبار أنه ما كان بالامكان أفضل مما كان. وعندما تلقى هذا التيار صفعة ملكية بعد أن طلب الملك اجراء تعديل على المادة الثامنة في اليوم الذي صادق فيه على القرار عاد علينا نفس الفريق مهللين بالحكمة الملكية وأصبح القانون الجديد الافضل ولا رجعة عنه. ويرى أحد السياسيين المخضرمين أن هذا الفريق سيهلل مرة أخرى في حال طلب الملك تعديل يلغي به الصوت الواحد.

هذا الفريق هو spineless إذ لا موقف له منفصل عن توجيهات الملك، من هنا يستنتج الفريق أن الفجوة المشارة اليها ناتجة عن عدم وجود فجوة بالدرجة الاولى وأن كل ما يجري يقع في سياق تقاسم الادوار.

وعلى الطرف الآخر هناك فريق يرى ان الملك جاد في الاصلاح لكن الدولة العميقة تعيقه، ويرى الدكتور مروان المعشر أن النخب الريعية بشقيها المحافظ والاصلاحي هي من يضع العراقيل وترفض الاصلاح حماية لمكتسباتها. ويرفض هذا الفريق مقولة أن الملك هو من يقرر في نهاية الأمر وأن هناك قوة للتيار المحافظ الحاكم الذي يخلق الظروف التي تسهل من عملية الالتفاف على رؤى الملك.

وتلجأ هذه النخب الحاكمة إلى تلاعب manipulation بالحقائق لاخافة الملك من نتائج الاصلاح. وعادة ما تستعين هذه الجهات بتقارير مضللة ترعب رأس الدولة من مآلات استسهال استحقاقات الربيع العربي، وقد اشار الزميل الدكتور محمد أبو رمان الى دراسة تظهر أن الاسلاميين سيحصدون اغلبية برلمانية في حال تم تجاوز مبدأ الصوت الواحد الامر الذي رجح كفة الصوت الواحد لدى راس الدولة. الملك الذي قال في السابق إن الصوت الواحد لم يعد قائما عاد وصادق على قانون الصوت الواحد. وبهذا المعنى دخلت الدولة في أزمة سياسية وأصبح هناك صراع ما كان يجب ان يكون لاقناع الناس بالمشاركة في الانتخابات القادمة التي تشير تقارير مستقلة مستندة على دراسات إلى أن نسبة التصويت لن تتجاوز ٢٥٪ وهذا سيكون اعلان فشل الاصلاحات.

في لقاء الملك في منزل مروان دودين مع شخصيات سياسية لتباحث المرحلة القادمة كان الملك أكثر ايجابية من كل التيار المحافظ الحاكم، وقد تسرب عن اللقاء أن الملك المح إلى امكانية طلب تعديل على المادة الثامنة بغية تجاوز الصوت الواحد وهذا ممكن عن طريق دورة استثنائية بعد عيد رمضان. وإن صحت التسريبات فأن رأس الدولة في مزاج يساعده على الانقلاب على الحرس القديم وسيطلب اجراء تعديل آخر على قانون الانتخابات يضمن مشاركة واسعة في الانتخابات القادمة دون الحاجة لحملات رسمية لاقناع الناس بضرورة المشاركة.

وحتى نكون أكثر وضوحا نقول إن الحرس القديم ليس متعلقا بفئة عمرية معينة أو بمرجعية أيدولوجية محددة وانما بالمواقف وبالتالي يشمل تيار الحرس القديم كلا من الحكومة وبخاصة رئيسها ومجلس النواب والاجهزة الامنية. ونشير إلى ان تاريخ الاردن فيه من السوابق عندما ينقلب فيها الملك على النخب القريبة منه، وقد سمي انقلاب عام ١٩٥٧ بالانقلاب الملكي، ما مكن الملك من استعادة الدولة، فهل يقوم الملك بهذه الخطوة التي باتت ضرورية? يتساءل الكثيرون!

ويشعر تيار الحرس القديم الحاكم أنه عرضه لسهام النقد بعد أن ورّط الملك في أزمة سياسية وأنه قد يفشل في الحصول على شرعية شعبية وسياسية لما تم من اصلاحات، لذلك يلجأ رئيس الحكومة إلى ما يسمى في ادبيات السياسة الدولية بال scapegoat theory أي زج البلد في صراعات خارجية حتى تتمكن الدولة من ضبط التنقاضات المجتمعية، وهذا في نهاية الأمر قد يفضي الى نتائج قصيرة الأمد. وقد شاهدنا رئيس الحكومة وبتصريح تلو الآخر مسخنا الجبهة مع سوريا وشاهدناه في زيارة للجبهة أو مخيمات اللاجئين ببدلة سفاري على اعتبار أن هناك خطرا محدقا بالدولة وأن حكومته غير الاصلاحية قادرة على التصدي لذلك.

فشل التيار المحافظ الحاكم في رؤية أن الاردن أكثر قدرة على التصدي لأي سيناريو بعد الاسد إن تمكن من انهاء الازمة السياسية القائمة والناتجة عن عدم رغبة الدولة في الاستسلام لتوافق وطني حول الاصلاح، وبانحياز هذا التيار لمصالحه الضيقة أو حسب المقاربة الاولى باستمرار لعبة تقاسم الادوار سنصل إلى وضع صعب تفقد فيه الدولة هيبتها وتتعمق فجوة الثقة بين المواطن والحكم وعندها قد يفقد تكتيك التخويف من المجهول أو الفزعة أي بريق لدى مجتمع سياسي محبط.

المطلوب ليس انهاء المحافظين في الدولة وإنما اجتراح معادلة win-win تربح بها كل الاطراف، وهذا امر ممكن.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير