ايها الوطن : كل عام وانت بخير ..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : مشكلتنا ليست في مجتمعنا ، هذا الذي يسجل كل مرة افضل ما يمكن ان نتوقعه من صور التماسك والتوافق ،ويفرز كل يوم اجمل ما فينا من قيم الاخوة والنخوة والصبر، ولكن مشكلتنا في بعض النخب التي استقالت من فطرتها السليمة ، وانساقت الى العبث بنواميسنا الوطنية ، واستسلمت لصراعاتها وانحازت لمصالحها، واختارت ان تنام في « المقبرة» : تنبش رفات الاموات وتصدمنا بكوابيسها لتغتال احلامنا ، الواحد تلو الآخر.
الاردنيون كلهم: فلاحون ومعلمون، عمال وجنود، تجار ومهنيون وطلاب، فتحوا شرايينهم لكي ترتوي «شجرة» الوطن وتظل دائما باسقة،عضوا على فقرهم وجوعهم وتعبهم لكي يبقى الاردن سيدا عزيزا، تحملوا فسد الفاسدين ونهم الذين لا يملأ اعينهم الا التراب ،ليظل بلدهم واقفا ، ودولتهم قوية وامنهم صامدا امام جحافل الشطار والعيارين.
هذا ليس مديحا «للظل العالي» وان كان يستحق اكثر من ذلك، ولكنه للتذكير بما فعله بعضنا بحق الوطن، وبما نحن مدينون به للوطن ، في الشق الاول لا بد ان نتصارح اليوم – كأردنيين- بان خلافاتنا السياسية اعمت بعضنا عن مشتركاتنا الوطنية، وبان انتماءنا لبلدنا اصبح للاسف يقاس على «مساطر» جديدة لم نألفها ،حتى كدنا نصدق بأن المداهنة هي اقرب طريق الى قلب الوطن ، وان الفهلوة والشطارة اجدى وسيلة لخدمة عتباته الشريفة، اما في الشق الثاني فلا بد ان نتصارح ايضا بان هذا البلد الذي بنيناه جميعا هو ملكنا جميعا ، وخيمتنا التي اظلت الاحرار من كل مكان حين ضاقت بهم بلدانهم ، وبالتالي فان قوته من قوتنا ، وعزمنا من عزمه، واذا جاز لنا ان نختلف على اي شيء فيه فلا بجوز لنا ان نختلف عليه، او ان نتركه لبعض الذين يرونه مجرد «حقيبة» سفر، او محطة رحلة ، او تمثال بعين سائح معجب لا يهمه منه سوى التقاط صورة للذكرى.
بصدق ، لا ادري لماذا راودتني هذه الخواطر في اليوم الاول من مطلع العام الجديد، هل اخشى على وطن عزيز اصبح وحيدا في منطقة تهدمت بالكامل ، هل اشعر ان الايام القادمة ستكون محملة بما لم نألفه من غبار ، هل استشعر الخطر اذا ام ان ثمة من يطرق هذه الذاكرة التي « هرمت» ويهزها لكي تصحو على نبرات الاصوات التي التي ارتفع ضجيجها في الزمان والمكان،؟ لا ادري ، ولكنني اعترف انني خائف على وطني ، خائف عليه من همزات الشياطين ، وحماسة المتسرعين، وجنون العابرين ، خائف علية من نسمات مبطنة بالسموم ، ورياح تهب من كل اتجاه، ومن شتاء ملبد بالغيوم.
يا هذا الوطن الذي نحب، ابق فينا كما انت،حررنا من احقادنا وصراعاتنا ، من كذبنا وضلالاتنا ، يا هذا الوطن المجروح من اخطائنا علمنا كيف نواجه عقوقنا ونعود اليك كما يعود الابناء ان ضلوا الطريق الى ابائهم وامهاتهم معتذرين، يا هذا الوطن الصامد في وجه» العاديات : اقرا علينا سورة « العاديات» وافرد يديك لنبايعك من جديد ، وارفع صوتك فوق منابرنا : استقيموا يرحمكم الله.
نحن اليوم – ايها الوطن – احوج ما نكون اليك ، فحدق بنا لكي تنكسر العيون التي ما تزال تغمز فيك وفينا ، وقف امامنا لكي نصلي في المحاريب التي ترتقي بنا الى الله بلا واسطة، وتبدد منا هذه الوحشة التي اخذنا اليها من لا يخافون الله.
حين نحدق في المرآة ونرى صورة «الاوطان» المكسورة ، والخيام التي توزعت على الحدود ، والاطفال الذين يرددون آخر ما علق في ذاكرتهم من اناشيد البلد ، والدماء التي سالت على حدود سيوف القبيلة والطائفة والعشيرة، ونبحث عن بلاد العرب اوطاني ، او لسان العرب يوحدنا، او الحب ديني وايماني، لا نجد سواك ايها « الوطن» لكي يعزينا عمن رحل، او يطمأننا على من بقي، او يزرع فينا الصبر والهمة والامل ، انت وحدك الذي ما تزال واقفا امامنا كالجبل، رحيما كالمطر، مضيئا مثل جباه الاردنيين الذين يحرسونك على الحدود، او يسقون شجرتك الوارفة بدمهم وعرقهم ..وحبهم ايضا.
ايها الوطن العزيز : كل عام وانت بخير .الدستور
الاردنيون كلهم: فلاحون ومعلمون، عمال وجنود، تجار ومهنيون وطلاب، فتحوا شرايينهم لكي ترتوي «شجرة» الوطن وتظل دائما باسقة،عضوا على فقرهم وجوعهم وتعبهم لكي يبقى الاردن سيدا عزيزا، تحملوا فسد الفاسدين ونهم الذين لا يملأ اعينهم الا التراب ،ليظل بلدهم واقفا ، ودولتهم قوية وامنهم صامدا امام جحافل الشطار والعيارين.
هذا ليس مديحا «للظل العالي» وان كان يستحق اكثر من ذلك، ولكنه للتذكير بما فعله بعضنا بحق الوطن، وبما نحن مدينون به للوطن ، في الشق الاول لا بد ان نتصارح اليوم – كأردنيين- بان خلافاتنا السياسية اعمت بعضنا عن مشتركاتنا الوطنية، وبان انتماءنا لبلدنا اصبح للاسف يقاس على «مساطر» جديدة لم نألفها ،حتى كدنا نصدق بأن المداهنة هي اقرب طريق الى قلب الوطن ، وان الفهلوة والشطارة اجدى وسيلة لخدمة عتباته الشريفة، اما في الشق الثاني فلا بد ان نتصارح ايضا بان هذا البلد الذي بنيناه جميعا هو ملكنا جميعا ، وخيمتنا التي اظلت الاحرار من كل مكان حين ضاقت بهم بلدانهم ، وبالتالي فان قوته من قوتنا ، وعزمنا من عزمه، واذا جاز لنا ان نختلف على اي شيء فيه فلا بجوز لنا ان نختلف عليه، او ان نتركه لبعض الذين يرونه مجرد «حقيبة» سفر، او محطة رحلة ، او تمثال بعين سائح معجب لا يهمه منه سوى التقاط صورة للذكرى.
بصدق ، لا ادري لماذا راودتني هذه الخواطر في اليوم الاول من مطلع العام الجديد، هل اخشى على وطن عزيز اصبح وحيدا في منطقة تهدمت بالكامل ، هل اشعر ان الايام القادمة ستكون محملة بما لم نألفه من غبار ، هل استشعر الخطر اذا ام ان ثمة من يطرق هذه الذاكرة التي « هرمت» ويهزها لكي تصحو على نبرات الاصوات التي التي ارتفع ضجيجها في الزمان والمكان،؟ لا ادري ، ولكنني اعترف انني خائف على وطني ، خائف عليه من همزات الشياطين ، وحماسة المتسرعين، وجنون العابرين ، خائف علية من نسمات مبطنة بالسموم ، ورياح تهب من كل اتجاه، ومن شتاء ملبد بالغيوم.
يا هذا الوطن الذي نحب، ابق فينا كما انت،حررنا من احقادنا وصراعاتنا ، من كذبنا وضلالاتنا ، يا هذا الوطن المجروح من اخطائنا علمنا كيف نواجه عقوقنا ونعود اليك كما يعود الابناء ان ضلوا الطريق الى ابائهم وامهاتهم معتذرين، يا هذا الوطن الصامد في وجه» العاديات : اقرا علينا سورة « العاديات» وافرد يديك لنبايعك من جديد ، وارفع صوتك فوق منابرنا : استقيموا يرحمكم الله.
نحن اليوم – ايها الوطن – احوج ما نكون اليك ، فحدق بنا لكي تنكسر العيون التي ما تزال تغمز فيك وفينا ، وقف امامنا لكي نصلي في المحاريب التي ترتقي بنا الى الله بلا واسطة، وتبدد منا هذه الوحشة التي اخذنا اليها من لا يخافون الله.
حين نحدق في المرآة ونرى صورة «الاوطان» المكسورة ، والخيام التي توزعت على الحدود ، والاطفال الذين يرددون آخر ما علق في ذاكرتهم من اناشيد البلد ، والدماء التي سالت على حدود سيوف القبيلة والطائفة والعشيرة، ونبحث عن بلاد العرب اوطاني ، او لسان العرب يوحدنا، او الحب ديني وايماني، لا نجد سواك ايها « الوطن» لكي يعزينا عمن رحل، او يطمأننا على من بقي، او يزرع فينا الصبر والهمة والامل ، انت وحدك الذي ما تزال واقفا امامنا كالجبل، رحيما كالمطر، مضيئا مثل جباه الاردنيين الذين يحرسونك على الحدود، او يسقون شجرتك الوارفة بدمهم وعرقهم ..وحبهم ايضا.
ايها الوطن العزيز : كل عام وانت بخير .الدستور