jo24_banner
jo24_banner

الخيارات الصعبة ..وضرورة المراجعة

د. عمر العسوفي
جو 24 :



للوهلة الأولى يبدو الأردن وكأنه الدولة الوحيدة المستقرة في بحر متلاطم الأمواج ومزنر بنيران الفوضى من الجهات الأربع. الموقع الجيوسياسي والجيوغرافي جعلا منه بلدا مطلوب استقراره كرما لعيون غيره وليس لذاته....وبعد أربع سنوات هي عمر الربيع العربي وإفرازاته زادت الفجوة عمقا واتساعا مابين الدولة والشعب لابل أصبحت الثقة مفقودة إلا في أدبيات كتاب التدخل السريع وأصحاب الحظوة .

الاستقرار أمر مطلوب ومرغوب على أن يكون حقيقيا وليس مصطنعا أو وظيفيا

لم يستثمر الأردن مطالبات الشعب بالإصلاح بدلا من التغيير فعمدت طبقة الفساد إلى استغلال وعي الشعب الأردني وخوفه على بلده وبدلا من أن تستجيب له قامت بردة ممنهجة على الإصلاح خلاصتها إن الشعب يترحم على أيام ماقبل الربيع العربي.. لا بل إن الغرور قد أصاب بعض غرف القرار وتمادت في إلحاق الأردن بملفات لا ناقة ولا جمل لنا بها... تباهى أصحاب القرار بأننا في حرب مفتوحة مع الإرهاب .. وبلغ الأمر ذروته في انجاز(قانون منع الإرهاب) الذي بموجبه يعتقل أحرار الوطن لا لشئ إلا فقط لأنهم يحبون وطنهم، وتلا ذلك تقييد الحريات والسيطرة المطلقة على السلطات الثلاثة، أما عن الوضع الاقتصادي الخانق فحدث ولا حرج، ولا يقل عن ذلك العنف الجامعي والمجتمعي والقلق الذي يساور كل أردني.. إلى أين نتجه..

وكل ذلك وبطانة التضليل والخداع تزداد قبضتها خوفا على مصالحهم ويزينون الجحيم على إنه نعيم.... لقد أخطأت جوقة الدعسة الفجائية عندما فسرت أن نخوة الأردنيين للطيار الأسير معاذ الكساسبه على أساس إنها تأييد لدخول الأردن في حرب التحالف.

الوضع الراهن يقف الأردن على فوهة البركان وعود ثقاب واحد ربما يغير المعادلة.....أمام الأردن خياران لاثالث لهما نتيجة سياسته الخارجية إما أن يذهب إلى مناطق الدولة الإسلامية ويشتبك معها ...أو أن يفاجأ في الصباح وإذا بالدولة تنقل حربها إلى الساحة الأردنية....في الحالة الأولى سيواجه برفض شعبي عارم وتبعات إستراتيجية لا يعلمها إلا الله ونتيجة غير مضمونه تؤدي إلى أنهاك الأردن ودخوله في النفق المظلم.......أما الحالة الثانية فهي صعبة أيضا ولكن إدارتها ممكنه وهزيمة أي عدو يفكر بغزو الأردن مؤكده....أنها تحتاج إلى العودة إلى الشعب والاستماع إلى ممثليه الحقيقيين مباشرة والابتعاد عن الحلقات المحيطة بالحكم التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه.

العودة للشعب تعني أشراك جميع قواه من دون إقصاء واستقوا على أحد ومن دون تقليد لما يحصل في بعض الدول العربية التي اجتاحها الربيع العربي أو التي ترتعد من وقوفه على عتباتها.....لقد قدم الأردن اغلي ما يمكن إلى أشقائه العرب قاطبة،فقد سكب الدم الأحمر القاني دون منه ....العرب بمجموعهم في وضع لا يحسدون عليه ومن الممكن إن يتخلوا عن الأردن بمجرد إيماءة  من سيدهم المطاع.....ولكن الرد على الجميع هو عندما يتحد الموقفان الرسمي والشعبي في موقف واحد يستخدم مزايا الموقع الهام للأردن وعندما تتحرر الأراده السياسية من سياسات البنك الدولي وتستخرج الموارد ألطبيعيه الكامنة في أحشاء أرضنا .

التغيير حتمية تاريخية والأردن ليس استثناء ولا خارج عن سياق التاريخ....التغير المطلوب والمستدام ما ينتج عن إرادة الشعب فهو الأقدر والأجدى على حمايته ....ولطالما أن الوطن فوق الجميع ومن أجل مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، فإننا لن نجامل أحد ونقول للنهج الحالي كفى وإلا فإن الاستمرار في هذا النهج سيوردنا موارد الهلاك والعاقبة للمتقين .

تابعو الأردن 24 على google news