الأزمة السياسية بين التمسك بقانون الصوت الواحد واستجداء المشاركة في الانتخابات النيابية
تامر خرمه - قررت حكومة الطراونة البدء في جولاتها ولقاءاتها الدعائية لتسويق قانون الانتخاب املا في إقناع بعض القوى والأحزاب بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة التي تشهد مقاطعة سياسية وشعبية واسعة.
وفي سياق هذه اللقاءات عمدت الحكومة إلى عقد اجتماع وصف بـ "غير الرسمي" بين عدد من الوزراء وممثلين عن بعض احزاب المعارضة الوطنية، وذلك لبحث المشاركة بالانتخابات النيابية المزمع إجراؤها أواخر العام الجاري.
وكانت الأحزاب التي ارسلت ممثليها إلى هذا اللقاء قد أعلنت مواقفها بشكل واضح معبرة عن رفضها لقانون الصوت الواحد وعن صعوبة المشاركة في الانتخابات استنادا إليه.
كما استثني من اللقاء كل من الحركة الاسلامية وحزب الوحدة الشعبية اللذين أعلنا موقفيهما بمقاطعة هذه الانتخابات.
وفي هذا الصدد يقول سالم الفلاحات، الأمين العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين، ان "هذه اللقاءات كان من المفترض ان تتم قبل إقرار قانون الانتخاب الذي أوقع البلد، وكذلك الملك، في مازق سياسي".
ويضيف: "إذا كان هذا اللقاء ليس مجرد لقاء بروتوكولي ومن شأنه ان يقود إلى تعديل قانون الانتخاب وإجراء التعديلات الدستورية المطلوبة، فنحن نرحب به".
ويتابع: "الحكومة كانت مصممة على عدم لقاء الاحزاب السياسية، والشعب يطالب بتعديلات دستورية وليس بإجراء تعديلات شكلية او زيادة لعدد المقاعد في قانون الانتخاب، حيث ان القانون هو مجرد جزء من المشكلة".
ومن جانبه يؤكد د. سعيد ذياب، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، ان الأزمة لا يمكن حلها بمثل هذه اللقاءات التي من شانها ان تغيب طبيعة المطلب الأساسي والمركزي لكافة القوى السياسية، والمتمثل بإعادة النظر في قانون الانتخاب.
ويقول ذياب: "هذه اللقاءات التي تهدف إلى جذب طرف حزبي على حساب الأطراف الأخرى لإقناعه بالمشاركة في الانتخابات النيابية، هي تكتيك لن يسهم إلا في المزيد من التأزيم".
ويضيف: "كما أن استثناء القوى التي أعلنت مواقفها بمقاطعة الانتخابات من هذا اللقاء، يؤكد على عدم رغبة السلطة بالحوار، فالحكومة لا تسعى إلا لحشد أصوات تؤيد المشاركة في الانتخابات النيابية وفق القانون الحالي".
ويتابع: "غير انه لا يمكن الخروج من الأزمة الحالية إلا عبر تشكيل حكومة إنقاذ وطني والدخول في حوار شامل للوصول إلى قانون انتخاب توافقي".
أما النائب عبلة أبو علبة، الأمين العام لحزب حشد، فتقول انه "من الطبيعي أن تحظى مسألة الانتخابات النيابية بكل هذه الحيوية السياسية، خاصة وأن هنالك قوى وشرائح اجتماعية وسياسية واسعة تعارض قانون الانتخاب، لذا فمن الطبيعي أن يجري التداول حول هذا القانون كونه جزء عضويا من مشروع الإصلاح السياسي".
وتؤكد أبو علبة رفض حزب حشد لقانون الانتخاب، وتضيف: "هذه اللقاءات تتيح المجال لإبراز وجهة النظر العامة لشرائح واسعة ترفض قانون الانتخاب بصيغته الحالية"، مناشدة الملك بإعادة النظر في هذا القانون بما يخدم العملية الإصلاحية.
وينوه د. منير حمارنه، الأمين العام للحزب الشيوعي، إلى أن لقاءات الحكومة وحواراتها مع القوى والأحزاب السياسية لن تحقق أية فائدة في حال لم تؤدي إلى تغيير قانون الانتخاب الذي يمثل جوهر المشكلة.
ويقول: "الحكومة تلجأ لمختلف أساليب وأشكال الحوار، ولكن لا ندري ما هي النتيجة التي ستترتب عن هذه الحوارات".
وعوضا عن دراسة أبعاد المقاطعة الواسعة للانتخابات النيابية نتيجة لتمسك السلطة التنفيذية بقانون الصوت الواحد، وبدل إعادة النظر في هذا القانون الذي من شأنه ان يقود إلى أزمة سياسية يصعب التكهن بنتائجها التي لن تكون إيجابية في أحسن الأحوال، يواصل الطراونة حملات البروباغاندا دون ان يكون لهذه الصولات والجولات أية نتيجة سوى قتل الوقت، وكأنه في انتظار غودو ليعيد توزيع الأوراق على المسرح السياسي.