هذا ما يخبئه لنا عام 2015...!!
حسين الرواشدة
جو 24 : تبدو خريطة التحالفات في المنطقة - للوهلة الاولى - غير مفهومة، لكن حين ندقق في تفاصيلها وخلفياتها نكتشف اننا امام “ بانوراما “ مرسومة بدقة، ولا تحتاج لاكثر من “ عين بصيرة” لعلها ترشدنا فنراها بوضوح.
ما يحدث في اليمن يمكن ان يصلح كنموذج لفهم طبيعة هذه التحالفات، على تناقضاتها، فقد تمكن النظام القديم في لحظة ما ان يتحالف مع الحوثيين المدعومين من ايران لمواجهة جماعة “الاصلاح” التي تمثل الاخوان المسلمين الذين سبق ان تحالفوا مع الرئيس صالح قبل تنحيته، وبموجب صفقة جرت بين الرئيس هادي وبعض الدول في الاقليم استطاع الحوثيون ان يستولوا على صنعاء، ويفرضوا شروطهم على الرئاسة، لكن سرعان ما سقط تحالفهم مع الرئيس السابق بعد ان اخلوا بشروط اللعبة، فيما نشأ تحالف جديد وغير معلن بين جماعة الاصلاح والقاعدة، وبالتالي اصبحت اليمن -كما رسم لها تماما - ساحة لتصفية الحسابات بأيد يمنية وبرعاية اقليمية وبدعم امريكي واضح.
في سوريا لا تختلف الصورة، فقد دخلت منذ ثلاث سنوات في حلبة صراع اشتبكت فيها مصالح اقليمية ودولية وداخلية، وكان واضحا ان التحالفات التي ادارت العملية العسكرية واستبعدت اية حلول سياسية استثمرت في ادامة الصراع الى ابعد مدى ممكن، ولم تفكر في حسمه او انهائه، والمقصود بالطبع هو استنزاف سوريا تمهيدا لتقسيمها وفق تصورات جرى التفاهم عليها بين الدول الكبرى وايران من جهة، انتظارا لتفاهمات اخرى مع روسيا التي يجري الان ترويضها من خلال حرب النفط.
ما جرى في اليمن وسوريا يبدو متطابقا نسبيا مع ما يحدث في العراق، فقد تمكن المالكي بضوء اخضر من امريكا وايران ان يدفع اهل السنة الى” الجدار” ، وفجأة ظهر “داعش” لكي يشكل “رأس” حربة لمواجهة النفوذ الايراني والميليشيات الطائفية الموالية لها، ولان الفاعلين الاساسيين استبعدوا الحلول السياسية وجد اهل السنة انفسهم في حضن “داعش” التي استهدفتهم ايضا؛ افقد الجميع قدرتهم على الحسم وولد لديهم الرغبة في ادامة الحرب دون النظر الى ما يمكن ان تفضي اليه من استنزاف للدولة تمهيدا لتقسيمها الى دويلات.
حين ندقق اكثر في الصورة نجد اننا امام عدة افتراضات ( حقائق ان شئت) قد تساعدنا على الفهم ، الاول- ان امريكا -كما كرر اوباما اكثر من مرة - قررت ان تتولى ادارة اللعبة مؤقتا (قبل ان تخرج من المنطقة) دون ان تستغرق فيها او تدفع تكاليفها كما فعلت سابقا في افغانستان والعراق، ثانيا- ان ايران حصلت على تفويض مباشر من واشنطن باستخدام اوراق نفوذها وقوتها، وانها باشرت هذا الدور لضمان اتمام “الصفقة الكبرى” التي سيكون بموجبها “الفقيه المسلح” شرطيا للمنطقة، واعتقد انها ستكون جاهزة مع نهاية هذا العام، ثالثا- ان العرب خرجوا تماما من “مولد “ تقاسم الادوار في المنطقة، وبالتالي فهم مجرد ورقة على طاولة التفاوض، وسيجدون انفسهم امام وقائع جديدة لن يتمكنوا من الاعتراض عليها او رفضها، رابعا- ان التنظيمات المسلحة التي خرجت من رحم الاسلام المسلح ( داعش والحوثيين والنصرة ..الخ) ستمارس دورها كبديل عن الدولة او كطرف لاذكاء الصراع معها، لكنها ستظل ظاهرة مؤقتة يجري استخدامها وتوظيفها ومشاغلتها عسكريا حتى تنضج شروط “الصفقة “ بين امريكا وايران وبعدها ستختفي من الصورة او سيتم التفاوض معها ( كما حصل مع طالبان) ودمجها في الدول( الدويلات ) الجديدة التي تتشكل لاحقا، خامسا- ان تركيا التي تعرضت في العامين المنصرفين “لضربات “ استهدفت ارباكها وتخويفها ستكون طرفا محايدا نسبيا او “مجمدا “ وبالتالي ستنكفئ على نفسها وستسعى الى الحفاظ على استقرارها دون ان تدخل في لعبة اقتسام النفوذ او الصراع عليه، يبقى سادسا- وهو ان تمرير الصفقة بين امريكا وايران سيحتاج الى جملة من الانهيارات والانفجارات الكبرى في العواصم المجاورة، وبالتالي فان ثمة تحولات جوهرية ستطرأ على هذه العواصم ، وربما تنقلب بموجبها معادلات العلاقة بين الانظمة والاسلاميين لصالح الاسلاميين، وربما تنطلق موجة احتجاجات جديدة في بعض الدول، وربما نشهد ولادات دول (دويلات) جديدة تحت عنوان اقاليم او ولايات باسم الطائفة او المذهب او غيرهما، فيما ستبقى اسرائل -وهي تمارس دور المحرض - تتفرج على المشهد دون ان تتدخل مباشرة فيه الا اذا اقتضت الضرورة وبشكل خاطف ومحدد.
بصراحة ما يخبئه لنا العام الجديد قد يكون مفزعا، لكنه في ضوء المخاضات التي جرت في منطقتنا والزلازل التي دكت الجميع يبدو طبيعيا، واذا اتفقنا على ان خريطة التحالفات التي تشكلت في العام الماضي تسعى لتحقيق الصفقة الكبرى التي اشرنا اليها ثم تتويج ايران مندوبا ساميا على منطقتنا، فان ما يصدمنا هو الدور الذي تقوم به بعض بلداننا العربية لاتمام هذه الصفقة على حسابها، دون ان “تقبض” ما تستحقه من ثمن، وحتى دون ان تسأل عما اذا ما تفعله يصب في مصلحة انظمتها وشعوبها ام في مصلحة الاخرين الذين سيتبرؤون منها وينقلبون عليها في اية لحظة...؟الدستور
ما يحدث في اليمن يمكن ان يصلح كنموذج لفهم طبيعة هذه التحالفات، على تناقضاتها، فقد تمكن النظام القديم في لحظة ما ان يتحالف مع الحوثيين المدعومين من ايران لمواجهة جماعة “الاصلاح” التي تمثل الاخوان المسلمين الذين سبق ان تحالفوا مع الرئيس صالح قبل تنحيته، وبموجب صفقة جرت بين الرئيس هادي وبعض الدول في الاقليم استطاع الحوثيون ان يستولوا على صنعاء، ويفرضوا شروطهم على الرئاسة، لكن سرعان ما سقط تحالفهم مع الرئيس السابق بعد ان اخلوا بشروط اللعبة، فيما نشأ تحالف جديد وغير معلن بين جماعة الاصلاح والقاعدة، وبالتالي اصبحت اليمن -كما رسم لها تماما - ساحة لتصفية الحسابات بأيد يمنية وبرعاية اقليمية وبدعم امريكي واضح.
في سوريا لا تختلف الصورة، فقد دخلت منذ ثلاث سنوات في حلبة صراع اشتبكت فيها مصالح اقليمية ودولية وداخلية، وكان واضحا ان التحالفات التي ادارت العملية العسكرية واستبعدت اية حلول سياسية استثمرت في ادامة الصراع الى ابعد مدى ممكن، ولم تفكر في حسمه او انهائه، والمقصود بالطبع هو استنزاف سوريا تمهيدا لتقسيمها وفق تصورات جرى التفاهم عليها بين الدول الكبرى وايران من جهة، انتظارا لتفاهمات اخرى مع روسيا التي يجري الان ترويضها من خلال حرب النفط.
ما جرى في اليمن وسوريا يبدو متطابقا نسبيا مع ما يحدث في العراق، فقد تمكن المالكي بضوء اخضر من امريكا وايران ان يدفع اهل السنة الى” الجدار” ، وفجأة ظهر “داعش” لكي يشكل “رأس” حربة لمواجهة النفوذ الايراني والميليشيات الطائفية الموالية لها، ولان الفاعلين الاساسيين استبعدوا الحلول السياسية وجد اهل السنة انفسهم في حضن “داعش” التي استهدفتهم ايضا؛ افقد الجميع قدرتهم على الحسم وولد لديهم الرغبة في ادامة الحرب دون النظر الى ما يمكن ان تفضي اليه من استنزاف للدولة تمهيدا لتقسيمها الى دويلات.
حين ندقق اكثر في الصورة نجد اننا امام عدة افتراضات ( حقائق ان شئت) قد تساعدنا على الفهم ، الاول- ان امريكا -كما كرر اوباما اكثر من مرة - قررت ان تتولى ادارة اللعبة مؤقتا (قبل ان تخرج من المنطقة) دون ان تستغرق فيها او تدفع تكاليفها كما فعلت سابقا في افغانستان والعراق، ثانيا- ان ايران حصلت على تفويض مباشر من واشنطن باستخدام اوراق نفوذها وقوتها، وانها باشرت هذا الدور لضمان اتمام “الصفقة الكبرى” التي سيكون بموجبها “الفقيه المسلح” شرطيا للمنطقة، واعتقد انها ستكون جاهزة مع نهاية هذا العام، ثالثا- ان العرب خرجوا تماما من “مولد “ تقاسم الادوار في المنطقة، وبالتالي فهم مجرد ورقة على طاولة التفاوض، وسيجدون انفسهم امام وقائع جديدة لن يتمكنوا من الاعتراض عليها او رفضها، رابعا- ان التنظيمات المسلحة التي خرجت من رحم الاسلام المسلح ( داعش والحوثيين والنصرة ..الخ) ستمارس دورها كبديل عن الدولة او كطرف لاذكاء الصراع معها، لكنها ستظل ظاهرة مؤقتة يجري استخدامها وتوظيفها ومشاغلتها عسكريا حتى تنضج شروط “الصفقة “ بين امريكا وايران وبعدها ستختفي من الصورة او سيتم التفاوض معها ( كما حصل مع طالبان) ودمجها في الدول( الدويلات ) الجديدة التي تتشكل لاحقا، خامسا- ان تركيا التي تعرضت في العامين المنصرفين “لضربات “ استهدفت ارباكها وتخويفها ستكون طرفا محايدا نسبيا او “مجمدا “ وبالتالي ستنكفئ على نفسها وستسعى الى الحفاظ على استقرارها دون ان تدخل في لعبة اقتسام النفوذ او الصراع عليه، يبقى سادسا- وهو ان تمرير الصفقة بين امريكا وايران سيحتاج الى جملة من الانهيارات والانفجارات الكبرى في العواصم المجاورة، وبالتالي فان ثمة تحولات جوهرية ستطرأ على هذه العواصم ، وربما تنقلب بموجبها معادلات العلاقة بين الانظمة والاسلاميين لصالح الاسلاميين، وربما تنطلق موجة احتجاجات جديدة في بعض الدول، وربما نشهد ولادات دول (دويلات) جديدة تحت عنوان اقاليم او ولايات باسم الطائفة او المذهب او غيرهما، فيما ستبقى اسرائل -وهي تمارس دور المحرض - تتفرج على المشهد دون ان تتدخل مباشرة فيه الا اذا اقتضت الضرورة وبشكل خاطف ومحدد.
بصراحة ما يخبئه لنا العام الجديد قد يكون مفزعا، لكنه في ضوء المخاضات التي جرت في منطقتنا والزلازل التي دكت الجميع يبدو طبيعيا، واذا اتفقنا على ان خريطة التحالفات التي تشكلت في العام الماضي تسعى لتحقيق الصفقة الكبرى التي اشرنا اليها ثم تتويج ايران مندوبا ساميا على منطقتنا، فان ما يصدمنا هو الدور الذي تقوم به بعض بلداننا العربية لاتمام هذه الصفقة على حسابها، دون ان “تقبض” ما تستحقه من ثمن، وحتى دون ان تسأل عما اذا ما تفعله يصب في مصلحة انظمتها وشعوبها ام في مصلحة الاخرين الذين سيتبرؤون منها وينقلبون عليها في اية لحظة...؟الدستور