jo24_banner
jo24_banner

رسالة إلى الذي مات واقفا.. إليك يا معاذ الكساسبه

د. خالد سليمان الخلفات
جو 24 : تحية ممزوجة بتراب عي ومؤتة واليرموك وبعد،
فقدرنا يا معاذ في هذا الوطن أن ندفع الثمن.. قدرنا أن نكون حراثين وعسكر كما كل الشرفاء في كل أنحاء الوطن.. قدرنا أن نكون جنودا معلومين.. نعانق السماء بطائراتنا دفاعا عن الأمة وسماء الوطن وأرضه.. قدرنا أن تقف خيولنا على التخوم وان نرابط على الثغور وفي الثغور واختار الجبناء أن يكونوا في الجحور في باطن الأرض وان يكونوا خفافيش الليل.. ظلاميين حاقدين.. نار المجوس في أرواحهم.. قدرنا.. يا معاذ.. أن نكون في ارض الحشد والرباط لأمر يريده الله.. قدرنا يا معاذ أن يبقى هذا الوطن الذي صعدت في السماء من أجله مدافعا عنه.. أن يبقى آمنا مستقرا في بحر متلاطم الأمواج.. في وطن كبير مليء بالثورات والثورات المضادة من تونس إلى ليبيا إلى مصر التي صارت أم الدنيا في الخراب.. إلى سوريا وقد فتك الطغاة بشعبها.. إلى العراق بوابة الشرق التي تفسخت أسوارها.. إلى اليمن الذي احتله الفرس.. إلى كل بقعة طالها الخراب في هذا الوطن الممتد من الجرح النازف إلى مضيق طارق بن زياد الذي باع أبو عبدالله الصغير ارض الأندلس التي فتحها.. قدرنا هكذا يا معاذ.. قتلوا الحارث بن عمير الأزدي رسول رسول الله.. واستشهد فروة بن عمرو الجذامي.. أول شهيد خارج الجزيرة العربية.. لأنه رفض الظلم.. وبايع محمدا عليه السلام ليكون مسلما يطهر ارض الأردن من الروم.. قريبا من عي يا معاذ التي جعلتها مزارا.. قدم شهداء مؤتة رخيصة في سبيل الهدى والدين السمح والخطاب المعتدل ووصية الرسول عليه السلام حين يجهز جيشا غازيا ألا تقتلوا شيخا ولا امرأة ولا طفلا ولا تقطعوا شجرة ولا تمثلوا بالقتلى.. جاء عبدالله بن رواحة وزيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب.. قطع الأعداء الأيدي وبقيت الراية مرفوعة على أرض مؤتة على أرض الأردن.. رفعها خالد بن الوليد.. لأن الله لا يريد لهذه الأرض أن تكون بلا راية..راية يريدها واقفة صلبة غرسناها في الصخر.. وضعها عبدالله بن رواحة وجعفر وزيد ثم استلمها خالد ثم أبو عبيدة.. واستمرت القافلة حتى هذا العصر.. وصفي.. وهزاع.. وفراس وغيرهم.. دفعوا ثمن مواقفهم .وتضحياتهم.. لم يخونوا هذا الوطن.. لم يبيعوا ترابه.. وها أنت يا معاذ تدفع ثمن غاليا روحك الظاهرة.. تدفعها ثمنا من أجل بقاء الوطن حرا أبيا.. ومن أجل بقاء الدين صافيا من الخزعبلات والتشويه والدم والجزر والحرق والجواري.. أمك يا معاذ بكت.. وبكت كل النساء معها.. ثم تماسكت.. ونساء اﻷردن لم يتماسكن كما هي أمك.. الصابرة المجاهدة ثم رفعت رأسها عاليا مفتخرة بك.. زوجتك بكت أيضا ثم افتخرت بأنها زوجة شهيد تحدثت عن أحلامكما.. أيقظتها في ذاك الصباح للصلاة.. ووعدتها أن توقظها عند الساعة التاسعة ولم تفعل.. بكت ﻷنك لم تف بوعدك قالت بحزن (بس ما صحاني) وتوقف اللقاء المتلفز لم تستطع الكاميرا أن تصور البكاء.. وقد احتبست الدموع في عينيها.. أما والدك يا معاذ وهو أخي الكبير وزميلي وصديقي..ما لم نتعلمه منه في لقاءات العمل سابقا في التربية والتعليم.. تعلمناه في يوم استشهادك.. والدك يا معاذ.. هذا الأردني الشامخ بقي شامخا.. علمنا.. وقد بكينا جميعا.. علمنا دروسا في القوة ورباطة الجأش استمد من جبال عي القوة والعنفوان.. واستمد من الدم الزكي دم الشهداء في معركة مؤتة العزيمة والقوة.. رأى جعفر الطيار وقد قطعت يداه وزيدا وعبدالله.. هل ينحني؟ لا.. وهل تنحني قامات الرجال يا معاذ؟ رأيناك وقامتك في القفص.. وأمام لهيب النار.. وقفت كقناة الرمح مستقيمة شامخة.. الحديد انحنى مع النار خجلا منك وأنت بقيت واقفا ومت واقفا.. ذاب حديد القفص.. وما ذبت.. انحنى حديد جبنهم وما انحنيت.. ساخرا منهم راكعا الحديد لك.. عن بعد أوقدوا نار الخيانة لك لم يتجرأوا ليقتربوا منك.. لا بسيف ولا خنجر.. ولا برمح ولا بسهم.. ولا بحبل المشنقة.. لان جسدك الطاهر لا يليق به أن يلامس أجسادهم النتنة... واختار الله لك هذه الشهادة بهذه الحالة.. وهل من حرقته نار الدنيا ستحرقه نار اﻵخرة ؟..إلى جنات الخلد يا معاذ.. يا من أبكيتنا.. وأبكيت العالم.. وعندما يبكي الرجال هناك ثمن كبير سيدفعه من أبكاهم.. وسندفع كل ما نملك من أجلك.. ومن اجل الوطن..
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير