jo24_banner
jo24_banner

بوابة العلنية للعمل الإسلامي

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : منهج العلنية هو بوابة للانفتاح على جملة مسارات ضرورية للعمل الإسلامي، لا تتحقق إلّا من خلال العبور عبر بوابة الانفتاح العلني المكشوف على المجتمع، ومغادرة كل أشكال السريّة والخفاء السابقة التي كانت وليدة ظروف سياسية إقليمية عديدة مرّت بها المنطقة العربية كلها، مما جعل العمل الإسلامي ينكفىء إلى داخله ويتغلف بالخوف والوجل والرعب من الملاحقة الأمنية، خاصة في ظل بعض الأنظمة القمعية التي أحكمت سيطرتها على بعض الأقطار العربية التي اتخذت القانون ستاراً للتخلص من الخصوم السياسيين، وتجرأت على سن قانون يقضي بإعدام كل من ثبت انتماؤه إلى الحركة الإسلامية الأم.
منهج السرية والخفاء ألحق أضراراً هائلة بالعمل الإسلامي عموماً، وكان سبباً في تعرضه إلى جملة أمراض خطيرة وقاتلة، أهمها على الإطلاق حجب الحقائق عن القاعدة العريضة التي تقتصر وظيفتها الرئيسية على إصباغ الشرعية على تصعيد بعض القيادات إلى أعلى مستويات القرار ثم ينعدم دورها في الرقابة الحقيقية على الأعمال الإدارية بعد ذلك، وهذا اللون من العمل الذي اتخذ من القول: (سرية التنظيم وعلنية الدعوة) شعاراً لفترة طويلة من الزمن، جعل الجسم التنظيمي العريض يتلقى المعلومات من خلال الإعلام الخارجي الذي لا يخلو من الاختراق والتوجيه والانحياز الكامل، مما هيأ الفرصة لمن يمتلك الآلة الإعلامية التي تحتاج إلى انفاق مالي سخي، إلى امتلاك القدرة على التأثير وصياغة الرأي العام، بعيداً عن التوجيه المركزي التنظيمي الرسمي.
بوابة العلنية يجب أن تفتح الباب على مصراعيه نحو إطلاق حركة حوارات واسعة مع أصحاب هذا الطيف والمتعاطفين معه والمتأثرين به، من أجل امتلاك القدرة على تصحيح المسارات الكبيرة والعريضة بعد الوقوف على جملة من الأخطاء المتراكمة والمعقدة التي أدت إلى تحول العاملين في هذا الحقل إلى طائفة منعزلة عن المجتمع لها منهاجها وثقافتها وسياستها وأعرافها المستقلة ولها مؤسساتها الخاصة على صعيد التربية والصحة والعمل الاجتماعي، التي توفر فرص العمل واقتصاد الظل، وإنشاء شبكة مصالح واسعة ترتكز على تقارب عائلي أحياناً أو على تقارب فكري أيدولوجي تشكل عبر المدارس الفكرية الصارمة التي نشأت في الظل، وامتزجت بالعصبوية والجهوية بشكل تدريجي متراكم، مما أدى إلى ايجاد مزيج معقد من الدين والنسب والمصاهرة والعصبية المتفاوتة التي وجدت طريقها أحياناً عبر مسارب التبرير المختلفة والمتعددة.
الإنفتاح والعلنية ينبغي أن يكون مرتكزاً على المنهج الدعوي الأصيل الذي كان يهدف أصالة إلى بث روح التدين في المجتمع كله، التي تجعله محتكماً إلى منظومته القيمية النبيلة المستمدة من الإسلام العظيم وفكره الواسع الممتد وسجله الحضاري الطويل عبر قرون من الزمن، مما يعزز مرتكزات الوحدة الكبرى في نفوس الأجيال، ويعزز الانتماء العميق للأمة ويبني معاني الاعتزاز والفخر بذاتها وهويتها من أجل القدرة على استئناف مسيرتها الحضارية التي توقفت وتعطلت منذ عقود.
العمل على جعل الحركة الإسلامية حاضنة فكرية ودعوية للمجتمع كله، من خلال الانفتاح الواسع المرن على كل مخلص غيور في هذا الوطن، وعلى كل مواطن نظيف بعيداً عن الحزبية الضيقة والتأطير العصبوي الضيق بكل ألوانه السياسيّة والخلافية، وبعيداً عن كل أنواع المصالح المادية والمكتسبات الشخصية، سوف يجعل من الحركة الإسلامية مظلة اجتماعية محببة وارفة الظلال ليس فيها نزق ولا توتر، ولا محاكم ولا مقاصل، وإنما تصبح مرجعية مجتمعية لكل العاملين والنشطاء على كل مستويات العمل السياسي والعمل العام دون أوامر عسكرية صارمة، ولا تقمص غير سليم لمعاني الخلافة والبيعة والسمع والطاعة والجندية، حيث يجب التحلل من كل أشكال العسكرة التي ألحقت ضرراً بالغاً بالفكرة الإسلامية عموماً.
يجب العمل على تمليك المجتمع كله للفكرة الإسلامية، ونزعها من احتكار أي جهة تنظيمية أو حزبية، حفاظاً على الإسلام وحماية له من الاختطاف، بكل أشكاله .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير