مؤسسة الحوار الوطني
نحن بحاجة إلى حوار جدي وحقيقي بشكل دائم بين الأطراف الوطنية والقوى السياسية الفاعلة في المجتمع الأردني؛ بحيث يتم إنضاج المواقف السياسية الجمعية بطريقة هادئة ومنظمة، وضمن معايير العقل والمنطق التي لا يختلف عليها العقلاء، وفي جو طبيعي يخلو من التوتر والانفعال، ولا يقع ضمن ضغط الأحداث المستعجلة وردات الفعل الغاضبة.
الحل المقترح يتمثل بتأسيس هيئة وطنية مستقلة للحوار الوطني يكون عمادها الأحزاب السياسية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، وتكون الخطوة الأولى بأن يتم تشكيل لجنة تحضيرية تقدم تصوراً ناضجاً لهيئة واسعة تضم ممثلين من كل الأطراف السياسية والمؤسسات المجتمعية التي تحظى بثقة المجتمع، وتملك مصداقية معتبرة لدى الشعب الأردني، من أجل الشروع بالحوار الوطني الشامل القائم على التوافق على جملة الثوابت الوطنية والمبادىء الأساسية التي ينبغي أن لا تكون محلاً للخلاف.
تشير الأحداث الكبرى والتفصيلية التي تمر بها المنطقة والإقليم أننا أمام محطة مفصلية في تاريخ المنطقة كلها، وأننا على أعتاب انطلاق قطار التغيير العالمي والإقليمي، وفقا لتفاهمات دولية مقرة مسبقاً وأصبحت موضع التنفيذ، مما يقتضي مننا جميعاً أن نكون على أهبة الاستعداد وفي تمام اليقظة والحضور الفعلي.
الحضور الجمعي المؤثر للشعوب والجماهير العربية يتم من خلال حوار عاقل ومنظم، قادر على صنع التوافق الجمعي، الذي يتجاوز حالة البلادة الذهنية أولاً، ويتجاوز حالة الفرقة والتشرذم التي أدت إلى ضياع الحقوق وهدر المقدرات وسلب الخيرات وتدمير المؤسسات، والتي أدت إلى تحويل الشعوب العربية إلى لاجئين ومتسولين على أعتاب دول العالم، وحولت المنطقة إلى يباب ودول فاشلة وعاجزة عن القيام بتنظيم شؤون شعوبها على الوجه المعقول بالحدود الدنيا.
شعوبنا زاخرة بالطاقات وأصحاب التخصصات العلمية من كل جامعات العالم، ولدينا عقول شابة وخبرات واسعة ومتنوعة يعتد بها على مستوى العالم، وفي الوقت نفسه نعاني من الركود الاقتصادي وضعف الانتاج، والاغراق في الديون والعجز عن رفع سوية الاستثمار، وعدم القدرة على تدشين التنمية الحقيقية.
عندما ينظر المواطن العربي إلى بعض البلدان التي كانت تعاني من التخلف والحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي قبل سنوات، ثم بعد ذلك استطاعت أن تطوي صفحة التخلف وتدشن مرحلة نهوض سريعة مثل أثيوبيا ورواندا الافريقيتين، يجعل المواطن العربي يقع في دهشة وحيرة حول ما نعانيه من فساد وتأخر وعجز ومديونية وركود وشظف العيش، مما يجعلنا أمام ضرورة الشروع بالحوار الوطني الشامل الذي نقف من خلاله على حالتنا الحقيقية ونتوافق على تشخيص المرض والعوائق المهمة.