jo24_banner
jo24_banner

بروز دور قيادي عربي

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : السعودية بخطوتها العملية الجريئة في اليمن تؤسس لبلورة دور عربي ذاتي، يسهم بحل مشاكل العالم العربي، ويسهم ببلورة جسم عربي له قوام وهيكل ورؤية موحدة، عبر الشروع في خطوات شجاعة وجريئة في الدفاع عن الأمن القومي العربي و الحدود العربية والمقدرات العربية.
القيادة السعودية الجديدة خلال مدة قصيرة استطاعت أن تثبت وجود عزيمة قوية، وجرأة كبيرة في التعامل مع الملفات العربية الساخنة التي تتعرض لتدخل إقليمي سافر، يقوم على فرضية أن العالم العربي يشكل حالة هشة وأنظمة مفككة وشعوب ضائعة جعلت دول الجوار تتنّمر على العرب بطريقة مليئة بالغطرسة وتفوح منها رائحة الاستهبال المبالغ بها.
الخطوة السعودية الجريئة في العمل على تخفيض أسعار النفط كانت خطوة مذهلة وفي غاية الاهمية، وأرسلت رسالة قاسية لبعض الأطراف المتنمّرة التي استطاعت خلال الفترة السابقة التي ارتفعت فيها أسعار النفط ارتفاعاً جنونياً أدى الى خلق فائض نقدي هائل لدى بعض الدول النفطية مما ولد عندها جنون العظمة، وأصبحت قادرة على العبث في الحالة السياسية العربية عبر الدعم المالي لبعض المجموعات والقوى العربية وإمدادها بالسلاح والدعم السياسي الذي خلق منها أدوات فاعلة تستمد أوامرها من الخارج، ما شكل خطراً عظيماً على البنية العربية الداخلية، وأدى إلى ايجاد حالة من الفوضى المرعبة، والصراع السياسي الداخلي الذي تجاوز الحدود وكل السقوف، وقد شكلت خطوة تخفيض أسعار النفط ضربة موجعة للذين توسعوا بدائرة نفوذهم بطريقة مبالغ بها كثيراً، وأخذت بعض الأطراف الإقليمية تتصرف وكأنها قوى عظمى عبر استغلال المناطق الرخوة في الجسم العربي.
أما الخطوة الثانية فكانت عبر الضربة الجوية المفاجئة للعصابات الحوثية في اليمن التي تمردت على الشرعية وعلى مخرجات توافق الشعب اليمني، واتجهت نحو التحالف مع الرئيس المخلوع المعبأ بالثأر الذي يرفع شعار (أنا أو الطوفان)، ولو كان ذلك على حساب الدولة اليمنية وعلى حساب شعبها وجيشها عبر (الستة والستين مليار دولار) المسروقة من مقدرات الشعب اليمني عبر ثلاثين سنة من الحكم الفردي المطلق، وبالاستعانة الواضحة مع قوة إقليمية خارجية.
نحن أمام لحظة تاريخية مذهلة يقتضي من القيادة السعودية الاستمرار في استثمارها من أجل الاسهام في بناء الجسم العربي، وبناء القوة العربية المشتركة، وبناء البرنامج السياسي العربي الذي يرتكز على المصالح العربية المشتركة العليا، والعمل على إعادة الاستقرار العربي، ورفض كل التدخلات الإقليمية العابثة في الشأن العربي، وإذا نجحت السعودية في خطوة إعادة الاستقرار لليمن بشكل حاسم لا يقبل المهادنة مع العبث والفوضى، فسيشكل ذلك اللبنة الأولى والأساسية في بناء التحالف العربي وبناء القوة العربية المشتركة القادرة على بلورة خطة عربية للدفاع عن النفس.
هذه الخطوة تحتاج إلى بناء رأي عام عربي، من خلال خطاب إعلامي رصين ، لا يقبل الاستمرار باللغة الخشبية التقليدية التي تمجد التبعية، وتثير الفتنة، مع ضرورة التحذير من إثارة النعرات الدينية أو المذهبية، فالمسألة عبارة عن مواقف سياسية قائمة على تشخيص المصلحة العربية العليا بطريقة سياسية محضة، ولذلك ينبغي تجنب استخدام اللغة المذهبية أو العرقية والشعوبية، والاكتفاء باستخدام اللغة السياسية الرزينة والحاسمة، التي تهدف إلى مقاومة التدخل الخارجي والعبث بالأمن العربي من أي جهة، ومن كل طرف خارجي مهما كان أصله وفصله، ومهما كانت ديانته ومذهبه.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير