قانون ضريبة دستوري عادل
تشرع الحكومة خلال الأيام الحالية بحوار مع اللجنة المالية والاقتصادية حول قانون الضريبة المؤقت المطبق حاليا لإقراره بشكل نهائي خلال الدورة الاستثنائية التي ستبدأ أعمالها اليوم.
الوقت ليس في صالح الحكومة ولا القانون الذي لا يوصف بأقل من المهم، بيد أن الفرصة ما تزال مواتية لإقرار تشريع يحقق الحد الأدنى من العدالة الضريبية التي تكفل زيادة العبء الضريبي على الاغنياء وتخفيضه على آخرين.
النجاح في إقرار القانون يتطلب تشكيل حائط صد يحيّد مساعي قوى الضغط التي ستبدأ عملها، إن كانت لم تبدأ، مع بدء الحديث عن التعديلات التي ستدخل على القانون، والهدف وضع تشريع يخدم مصالحها.
وما من شك أن جماعات الضغط وأصحاب المصالح طالما تمكنوا من قول الكلمة الأخيرة في إقرار قانون الضريبة، ولذلك نجد الأردن في العام 2013 بدون قانون ضريبي دائم يقوم على تحقيق الغايات الحقيقية من فرض الضرائب بمختلف أنواعها ونسبها، وما تزال الأفكار التي تخدم الفكرة محفوظة في عقول من ينادون بها.
في زمن الربيع العربي ومعاناة الاقتصاد يجب أن لا تكون الكلمة الفصل في تحديد ملامح قانون الضريبة لأصحاب الأجندات، بل استجابة لنبض الشارع والسعي للتخفيف من مأساته، خصوصا أن تحقيق إيرادات من بند ضريبة الدخل سيلعب دورا مهما في تخفيض العبء مستقبلا من الضرائب المباشرة وتحديدا تلك التي تمس مداخيل الفقراء ومحدودي ومتوسطي الدخل.
منذ زمن وكثيرون يجادلون في رفع الضرائب على قطاعات بعينها مثل البنوك والتأمين والتعدين، ويطالبون في الشق الآخر باعتماد شتى صنوف الدلال لقطاعات أخرى بحجة زيادة التنافسية، وهذا صحيح ومطلوب إلى حد ما.
لكن العدل يقتضي أن يقوم التشريع الجديد الذي سيقر كقانون دائم لأول مرة على فرض نسب ضريبة متساوية على مختلف القطاعات تبعا لصافي الربح الذي يحققه، وليس اعتمادا على أية معايير أخرى، فصافي الربح هو المؤشر النهائي على مدى قدرة الشركة مهما كان حجمها أو طبيعة عملها في تحديد قدرتها على دفع الضريبة.
المنطلق الرئيس لفرض الضريبة هو الدستور الذي ينص صراحة على تصاعدية الضريبة، وهو الأمر الذي طالما التفّت عليه الحكومات، وتنصلت منه، وذلك بتطبيق جزئي لمبدأ التصاعدية واقتصار ذلك على ضريبة الفرد، والتهرب من تطبيقها قطاعيا، وهنا يكمن الخلل الكبير.
قانون الضريبة يعد أساسا في عملية الإصلاح ولا يقل أهمية عن قانون "من أين لك هذا؟" الذي لا يبدو أننا سنرى له نهاية وسيبقى محفوظا في أدراج النواب والحكومات.
سنّ قانون الضريبة يتطلب إعادة النظر، فضريبة الدخل المفروضة على القطاعات من منطلق العدالة بين القطاعات واعتماد نسب ضريبية تبدأ ربما من 5 % وتصل لحدود 40 %، تبعا لصافي الأرباح المتحققة، بحيث تطبق على مختلف القطاعات، على حد سواء.
سيكون إقرار هذا البند تحديدا المدخل للإصلاح الاقتصادي بشكل عام والضريبي بشكل خاص، الأمر الذي يضمن أيضا وضع صفحة نظيفة في سجل مجلس النواب الحالي الذي يضم عشرات الصفحات السوداء بعد أن أقر كثيرا من التشريعات سيئة الصيت، وقد يقدم أخرى أكثر سوءا خلال الاستثنائية الحالية، فلماذا لا يترك أثرا طيبا، بإقرار قانون ضريبة عادلة؟!
jumana.ghunaimat@alghad.jo
(الغد)