الاستثمار: اليأس مرفوض
جمانة غنيمات
جو 24 : في غمرة الانشغال بالتطورات السياسية والأمنية، والحديث عن مآلات الحرب ضد تنظيم "داعش"، يفقد الكلام عن الأحوال الاقتصادية بريقه؛ إذ حتى النخبة، بما فيها الاقتصادية، منشغلة بتطورات هذه الحرب ومدى خطورتها علينا، أكثر من الحديث عن فرص جلب الاستثمارات، بل وعلى حساب هذه الفرص بالنتيجة؛ مع اتساع القلق والتوجس.
واتساع المخاوف بشأن "داعش" والحرب عليه، مرتبط أساساً بغياب الخطاب الرسمي الذي يحدد حجم الخطر والتحديات من التنظيم ورفاقه، لتغيبَ بالتالي المعلومة، ويبقى الناس عرضه للتكهنات والتحليلات، وحتى الإشاعات.
"المزاج الاستثماري"، إن صح التعبير، يعكسه حجم المشاريع الجديدة التي تقام في البلد. وخلال الفترة الماضية، لم نسمع عن مشروع واحد ضخم، يُظهر مزاجا مختلفا عما سبق؛ بل تجد الخوف وعدم اليقين هما المسيطران على متخذ القرار من أصحاب المال. كما تكاد تكون غائبة الدعوة والحديث عن جذب الاستثمار وجعله أولوية.
بيد أن إهمال الملف الاقتصادي في هذه المرحلة الحساسة أكثر ضررا مما يعتقد. فاستقطاب الاستثمار لا يقل أهمية عن أي موضوع آخر، كون الاستثمار هو ما يكفل التخفيف من مشاكلنا الاقتصادية، بل وفيه الجزء الأكبر من الحل، من واقع أنه القادر على تحقيق التنمية المستدامة التي تعدّ أحد حوائط الصد ضد انجذاب شبابنا للتنظيمات المتطرفة، من أمثال "داعش"، تحت إغراء المال الذي تقدمه.
الحكومات من واجبها الاهتمام بجذب الاستثمار، ودفعه إلى الأمام، بدلا من إعاقته في مختلف القطاعات، لاسيما في قطاع الطاقة الذي يعاني من بيروقراطية تبطئ العمل، وتؤخر المشاريع التي تكفل توفير الآلاف من فرص العمل؛ فحجم الاستثمار في هذا القطاع تحديدا ما يزال أقل كثيرا مما هو مؤمّل. وكذلك الحال في قطاعي النقل والسياحة اللذين لا يبدوان أكثر حظا.
الملف الاقتصادي، وعلاج أزماته المتراكمة تحديداً، يحتاج إلى خطة مختلفة جذرياً، تقوم على إدراك أن المخاطر لم تعد مقتصرة على التبعات الاجتماعية التقليدية، من قبيل ارتفاع منسوب الجريمة في مجتمعنا؛ بل هي تتجاوز ذلك إلى احتمالية خسارة جيل من الشباب ينجذب إلى التنظيمات المتطرفة والأفكار الراديكالية.
ما من شك في أن الظروف الإقليمية تفرض إيقاعها على الجو الاستثماري، إلا أن ذلك لا يمنع من تكثيف الترويج للاستثمار في البلد. لكن لا تبدو الحكومة جادة في تنشيط الاستثمار بقدر نشاطها في إقرار تشريعات اقتصادية، لا نعرف، أيضاً، مدى الجدية في تطبيقها، ومنها على سبيل المثال قانون "الصكوك الإسلامية" التي يفترض أن تكون ركنا أساسيا في موازنة العام المقبل، بحيث يُستثمر هذا التشريع في رفد مشاريع جديدة من خلال استخدام الأموال المتاحة في هذا النوع من التمويل، والذي يقدر عائده بمليارات الدنانير، كان مجمدا فيما مضى.
كذلك، فإن قانون الاستثمار الذي أقرته الحكومة وتتغنى به باعتباره منجزا، لا ندري متى ستتمكن من إظهار نتائجه، لاسيما أنها كانت تحاجج الجميع، ولأشهر طويلة، بأنه قانون نوعي متقدم، فيما يرى الخبراء أن نتائجه على الاستثمار وبيئته ستكون عكسية. وهذا يُفترض أن يدفع الحكومة إلى العمل على البرهنة على صحة رأيها، بإثبات أن التشريع الجديد ساهم في تحسين الأجواء الاستثمارية، وأدى إلى استقرار تشريعي ساهم في إقامة مشروعات جديدة.
صحيح أن حالة عدم اليقين مسيطرة، لكن مسؤولية الحكومة تتمثل في التخفيف منها وتبديدها، ليتسنى جذب استثمارات بحجم كاف لتحقيق النمو المطلوب، وتوفير فرص عمل للشباب، خصوصا أن أرقام الاستثمار الأولية، حتى حزيران (يونيو) الماضي، لا تكفي لتنفيذ الخطط الحكومية وتحقيق أهدافها؛ إذ بلغت 659 مليون دينار، مع توقع تراجعها خلال الفترة المقبلة. وهنا، ثمة دور ضروري كبير على صعيد تسويق الأردن كوحدة منفصلة عن الإقليم، لناحية تميز المملكة بالاستقرار الأمني.
المطلوب خطاب إعلامي وخطة حكومية يضعان التحدي في حجمه الطبيعي؛ لينشغل الاقتصاديون بتشجيع الاستثمار بدلا من تنفيره، ومن أجل تحصين الجبهة الداخلية وتقوية خاصرتها الضعيفة وهي الاقتصاد.
الغد
واتساع المخاوف بشأن "داعش" والحرب عليه، مرتبط أساساً بغياب الخطاب الرسمي الذي يحدد حجم الخطر والتحديات من التنظيم ورفاقه، لتغيبَ بالتالي المعلومة، ويبقى الناس عرضه للتكهنات والتحليلات، وحتى الإشاعات.
"المزاج الاستثماري"، إن صح التعبير، يعكسه حجم المشاريع الجديدة التي تقام في البلد. وخلال الفترة الماضية، لم نسمع عن مشروع واحد ضخم، يُظهر مزاجا مختلفا عما سبق؛ بل تجد الخوف وعدم اليقين هما المسيطران على متخذ القرار من أصحاب المال. كما تكاد تكون غائبة الدعوة والحديث عن جذب الاستثمار وجعله أولوية.
بيد أن إهمال الملف الاقتصادي في هذه المرحلة الحساسة أكثر ضررا مما يعتقد. فاستقطاب الاستثمار لا يقل أهمية عن أي موضوع آخر، كون الاستثمار هو ما يكفل التخفيف من مشاكلنا الاقتصادية، بل وفيه الجزء الأكبر من الحل، من واقع أنه القادر على تحقيق التنمية المستدامة التي تعدّ أحد حوائط الصد ضد انجذاب شبابنا للتنظيمات المتطرفة، من أمثال "داعش"، تحت إغراء المال الذي تقدمه.
الحكومات من واجبها الاهتمام بجذب الاستثمار، ودفعه إلى الأمام، بدلا من إعاقته في مختلف القطاعات، لاسيما في قطاع الطاقة الذي يعاني من بيروقراطية تبطئ العمل، وتؤخر المشاريع التي تكفل توفير الآلاف من فرص العمل؛ فحجم الاستثمار في هذا القطاع تحديدا ما يزال أقل كثيرا مما هو مؤمّل. وكذلك الحال في قطاعي النقل والسياحة اللذين لا يبدوان أكثر حظا.
الملف الاقتصادي، وعلاج أزماته المتراكمة تحديداً، يحتاج إلى خطة مختلفة جذرياً، تقوم على إدراك أن المخاطر لم تعد مقتصرة على التبعات الاجتماعية التقليدية، من قبيل ارتفاع منسوب الجريمة في مجتمعنا؛ بل هي تتجاوز ذلك إلى احتمالية خسارة جيل من الشباب ينجذب إلى التنظيمات المتطرفة والأفكار الراديكالية.
ما من شك في أن الظروف الإقليمية تفرض إيقاعها على الجو الاستثماري، إلا أن ذلك لا يمنع من تكثيف الترويج للاستثمار في البلد. لكن لا تبدو الحكومة جادة في تنشيط الاستثمار بقدر نشاطها في إقرار تشريعات اقتصادية، لا نعرف، أيضاً، مدى الجدية في تطبيقها، ومنها على سبيل المثال قانون "الصكوك الإسلامية" التي يفترض أن تكون ركنا أساسيا في موازنة العام المقبل، بحيث يُستثمر هذا التشريع في رفد مشاريع جديدة من خلال استخدام الأموال المتاحة في هذا النوع من التمويل، والذي يقدر عائده بمليارات الدنانير، كان مجمدا فيما مضى.
كذلك، فإن قانون الاستثمار الذي أقرته الحكومة وتتغنى به باعتباره منجزا، لا ندري متى ستتمكن من إظهار نتائجه، لاسيما أنها كانت تحاجج الجميع، ولأشهر طويلة، بأنه قانون نوعي متقدم، فيما يرى الخبراء أن نتائجه على الاستثمار وبيئته ستكون عكسية. وهذا يُفترض أن يدفع الحكومة إلى العمل على البرهنة على صحة رأيها، بإثبات أن التشريع الجديد ساهم في تحسين الأجواء الاستثمارية، وأدى إلى استقرار تشريعي ساهم في إقامة مشروعات جديدة.
صحيح أن حالة عدم اليقين مسيطرة، لكن مسؤولية الحكومة تتمثل في التخفيف منها وتبديدها، ليتسنى جذب استثمارات بحجم كاف لتحقيق النمو المطلوب، وتوفير فرص عمل للشباب، خصوصا أن أرقام الاستثمار الأولية، حتى حزيران (يونيو) الماضي، لا تكفي لتنفيذ الخطط الحكومية وتحقيق أهدافها؛ إذ بلغت 659 مليون دينار، مع توقع تراجعها خلال الفترة المقبلة. وهنا، ثمة دور ضروري كبير على صعيد تسويق الأردن كوحدة منفصلة عن الإقليم، لناحية تميز المملكة بالاستقرار الأمني.
المطلوب خطاب إعلامي وخطة حكومية يضعان التحدي في حجمه الطبيعي؛ لينشغل الاقتصاديون بتشجيع الاستثمار بدلا من تنفيره، ومن أجل تحصين الجبهة الداخلية وتقوية خاصرتها الضعيفة وهي الاقتصاد.
الغد