دولة العاطلين عن العمل
جمانة غنيمات
جو 24 : تقول رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إن عدد المتعطلين في العالم عن العمل يبلغ الآن نحو 200 مليون شخص يبحثون عن العمل، وتزيد أن العاطلين عن العمل لو شكلوا بلدا لهم لكان خامس أكبر بلدان في العالم.
تخيلوا أن يتوحد العاطلون عن العمل، ويعلنوا دولتهم، أغلب الظن أنهم سيؤثرون في المسار العام للعالم، لكن ذلك لا يعني أن وجودهم متفرقين في دول مختلفة وفي جميع أنحاء العالم لا يشكل مشكلة اجتماعية عميقة، بل هم كذلك.
فمشكلة البطالة باتت الدولة تدركها وتضعها في صلب اهتمامها، تماما كما البنك الدولي الذي يقود حاليا حوارا حول فشل الحكومات في خلق فرص عمل كافية عن طريق القطاع الخاص عبر موقع التويتر، ما يشي بوعي المؤسسات الدولية بمخاطر البطالة على استقرار العالم، ويؤثر سلبا على المنظومة في تلك الدول.
لدينا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبدو المشكلة أكثر تعقيدا، فمشكلة البطالة تأخذ بعدا مختلفا في ظل انتشار أفكار التطرف الديني واتساع مدى النزاعات الطائفية، ما يجعل من الشباب العاطل عن العمل وقودا فاعلا لتلك النزاعات، ولقمة سهلة للتنظيمات المتطرفة، التي تغري الشباب بمداخيل مالية مرتفعة وتؤمن لهم العيش في الدنيا و"الشهادة" في الآخرة باستخدام ملوّث لمفهوم الدين البعيد كل البعد عن حقيقته وجوهره.
في ظل هذا الواقع، يتعاظم خطر البطالة، فالأزمة لم تعد متمثلة في شباب متعطل لا يملك دخلا شهريا يكفل له الحق بالحلم، والتفكير بالمستقبل، بل أجيال كاملة تعاظمت معاناتها وزاد احتقانها وتعمق لديها الشعور بالتهميش والإقصاء وضعف المشاركة السياسية والاقتصادية، نتيجة فشل السياسات الرسمية في إدماجهم في حياة يومية فكرية وإنتاجية تقيهم شر التفكير بالتنظيمات الإرهابية، كملاذ قبل الانضمام إلى صفوفها.
أردنيا، تبقى سياسات معالجة مشكلة البطالة عاجزة عن التخفيف من المشكلة، ويدعم ذلك قصور القطاع الخاص وأنانيته في خلق فرص عمل لخريجي الجامعات الذين يزيد عددهم عن 65 ألفا سنويا، بما يعوض تراجع قدرات القطاع العام عن توفير فرص العمل المطلوبة.
محليا؛ تقدر الأرقام معدلات البطالة بحوالي 12 %، وهي نسبة مرتفعة، مقارنة بعدد السكان، وزاد من عمق المشكلة حركة اللجوء السوري التي استحوذت على الآلاف من فرص العمل لأسباب تتعلق بتدني أجورهم أو مهارة العمالة.
البطالة اليوم ليست بيئة حاضنة للفكر المتطرف فحسب، بل تشكل تحديا كبيرا، فالفشل في تقليصها يعني مزيدا من التعاطف مع التنظيمات الإرهابية وانجرار كثير من الشباب لهذا الفكر الهدام لإشباع حاجة الثأر من الدولة والمجتمع!.
تزيد المشكلة مع تواضع معدلات النمو الاقتصادي التي لا تكفل توفير العدد الكافي من الوظائف لاستيعاب الراغبين بالعمل؛ إذ تقدر النسبة بـ 3.5 % وهي قليلة ومعرضة للانخفاض في ظل التأثيرات المباشرة لتنامي سيطرة داعش على مناطق شاسعة في العراق وسورية، الأمر الذي يؤثر على الصادرات، والاستثمار، وحركة السياحة وغيرها، ما يعقد الأمر أكثر.
في هذا الوقت، ربما نكون الأحوج لتطبيق فكرة ضمان التعطل عن العمل لمن يبحث عن فرصة عمل ولا يجدها، الأمر الذي يوفر للمتعطل مبلغا ماليا يساعده في سد بعض احتياجاته، وأهم من ذلك يبث رسالة بأن الدولة تراعي معاناته وتسعى للتخفيف منها رغم محدودية الموارد.
البطالة باتت قضية أمن وطني، والتعامل معها بحاجة إلى فكر خلاق.
الغد
تخيلوا أن يتوحد العاطلون عن العمل، ويعلنوا دولتهم، أغلب الظن أنهم سيؤثرون في المسار العام للعالم، لكن ذلك لا يعني أن وجودهم متفرقين في دول مختلفة وفي جميع أنحاء العالم لا يشكل مشكلة اجتماعية عميقة، بل هم كذلك.
فمشكلة البطالة باتت الدولة تدركها وتضعها في صلب اهتمامها، تماما كما البنك الدولي الذي يقود حاليا حوارا حول فشل الحكومات في خلق فرص عمل كافية عن طريق القطاع الخاص عبر موقع التويتر، ما يشي بوعي المؤسسات الدولية بمخاطر البطالة على استقرار العالم، ويؤثر سلبا على المنظومة في تلك الدول.
لدينا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبدو المشكلة أكثر تعقيدا، فمشكلة البطالة تأخذ بعدا مختلفا في ظل انتشار أفكار التطرف الديني واتساع مدى النزاعات الطائفية، ما يجعل من الشباب العاطل عن العمل وقودا فاعلا لتلك النزاعات، ولقمة سهلة للتنظيمات المتطرفة، التي تغري الشباب بمداخيل مالية مرتفعة وتؤمن لهم العيش في الدنيا و"الشهادة" في الآخرة باستخدام ملوّث لمفهوم الدين البعيد كل البعد عن حقيقته وجوهره.
في ظل هذا الواقع، يتعاظم خطر البطالة، فالأزمة لم تعد متمثلة في شباب متعطل لا يملك دخلا شهريا يكفل له الحق بالحلم، والتفكير بالمستقبل، بل أجيال كاملة تعاظمت معاناتها وزاد احتقانها وتعمق لديها الشعور بالتهميش والإقصاء وضعف المشاركة السياسية والاقتصادية، نتيجة فشل السياسات الرسمية في إدماجهم في حياة يومية فكرية وإنتاجية تقيهم شر التفكير بالتنظيمات الإرهابية، كملاذ قبل الانضمام إلى صفوفها.
أردنيا، تبقى سياسات معالجة مشكلة البطالة عاجزة عن التخفيف من المشكلة، ويدعم ذلك قصور القطاع الخاص وأنانيته في خلق فرص عمل لخريجي الجامعات الذين يزيد عددهم عن 65 ألفا سنويا، بما يعوض تراجع قدرات القطاع العام عن توفير فرص العمل المطلوبة.
محليا؛ تقدر الأرقام معدلات البطالة بحوالي 12 %، وهي نسبة مرتفعة، مقارنة بعدد السكان، وزاد من عمق المشكلة حركة اللجوء السوري التي استحوذت على الآلاف من فرص العمل لأسباب تتعلق بتدني أجورهم أو مهارة العمالة.
البطالة اليوم ليست بيئة حاضنة للفكر المتطرف فحسب، بل تشكل تحديا كبيرا، فالفشل في تقليصها يعني مزيدا من التعاطف مع التنظيمات الإرهابية وانجرار كثير من الشباب لهذا الفكر الهدام لإشباع حاجة الثأر من الدولة والمجتمع!.
تزيد المشكلة مع تواضع معدلات النمو الاقتصادي التي لا تكفل توفير العدد الكافي من الوظائف لاستيعاب الراغبين بالعمل؛ إذ تقدر النسبة بـ 3.5 % وهي قليلة ومعرضة للانخفاض في ظل التأثيرات المباشرة لتنامي سيطرة داعش على مناطق شاسعة في العراق وسورية، الأمر الذي يؤثر على الصادرات، والاستثمار، وحركة السياحة وغيرها، ما يعقد الأمر أكثر.
في هذا الوقت، ربما نكون الأحوج لتطبيق فكرة ضمان التعطل عن العمل لمن يبحث عن فرصة عمل ولا يجدها، الأمر الذي يوفر للمتعطل مبلغا ماليا يساعده في سد بعض احتياجاته، وأهم من ذلك يبث رسالة بأن الدولة تراعي معاناته وتسعى للتخفيف منها رغم محدودية الموارد.
البطالة باتت قضية أمن وطني، والتعامل معها بحاجة إلى فكر خلاق.
الغد