2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

إلقاء القبض على زعيم البلطجية

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 :

انشغل الرأي العام المصري بقصة محليّة مثيرة تتلخص في إلقاء القبض على أحد كبار زعماء البلطجية في مصر، الذي نشأ وترعرع في ظل حكم مبارك المخلوع.

وتفيد الأنباء أنّ قوات الأمن قامت باعتقاله مع ستة عشر من رجاله ومساعديه والعثور على خمسة "أسود" موجودة في أقفاص خاصة، إضافة إلى مجموعة من حيوانات عديدة موجودة في حديقة حيوانات خاصة به، كما وجد أنّه يملك عدة ملاهٍ ليلية، ومحلات تجارية مختلفة، كما عثر على مجموعة نساء، يعتقد أنّهنّ يستخدمن في الدعارة، كما تمّ العثور على أسلحة وكميات من المخدرات والحشيش.

اعترف كبير الأشقياء بأنّه كان يقوم بأدوار مختلفة بتوجيه من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، وكان يقوم عبر رجاله بحشو صناديق الاقتراع بالأوراق المزورة من أجل الحيلولة دون فوز مرشحي جماعة الإخوان المسلمين، كما كان يقوم بمهمة ترويع الناخبين وتخويفهم بتوجيه صريح من "حبيب العادلي" وزير داخلية مبارك على حسب تعبيره.

أدلى زعيم العصابة باعترافات كثيرة من هذا القبيل بكل صراحة ووضوح، مؤكداً أنّه ليس نادماً على ذلك؛ لأنّه كان ينفذ أوامر الحكومة من أجل خدمة الدولة واستقرارها وحفظ أمنها وتحقيق مصلحة مصر، ويقول الصحفيون والإعلاميون الذين قابلوه في السجن أنّه لا يبدو عليه علامات القلق والتأثر نتيجة الاعتقال، ويؤكد أنّه يعد نفسه من رجال الأعمال الذين يخدمون الاقتصاد المصري بشرف.

لقد بزغ نجم هذا الزعيم البلطجي عام (2000) عن طريق إدارة شبكة واسعة من البلطجية الذين يقومون بتأمين الحماية للفنّانين والفنّانات خاصة من هم في طور الصعود والنجومية، كما كان يقوم بتأمين الحماية للملاهي الليلية والبارات وعلب الليل، ويؤمن خدمات الحماية عبر مكتب خاص له في سراديب تحت الملهى الليلي الذي يملكه قرب قصره في الإسكندرية، ويمارس تجارة العقارات وأنواع أخرى من التجارة المحرمة، تحت نظر وزارة الداخلية وحمايتها، بما يقدمه من خدمات قذرة وقت الضرورة.

المشكلة أنّ نظام البلطجة أو نظام الشبيحة بات سمة بارزة من سمات النظام العربي الاستبدادي الفاسد، من أجل تأمين حاجات الأنظمة من التزوير المطلوب، وتأديب الخصوم ومنع فوز المعارضين بطرق غير شرعية وخارجة عن القانون ودون مستمسك قضائي أو جرمي يمس الدولة، بحجة خدمة البلد والمصلحة العامة، ويتمّ إقناع الشبيحة والبلطجية بأنّهم يقومون بعمل وطني شريف، وأنّهم يقومون بحماية الأمن والاستقرار من أعداء الوطن وعملاء الأمريكان والامبريالية، وأصبح التشبيح في الكتابة والإعلام كما هو في الأفعال وأعمال الاعتداء على المواطنين، ويمارسون التشبيح من دون وخزة ضمير أو شعور بالذنب، بل على العكس يتم تطوير مرض البلطجة، والتشبيح لدى الممارسين، فيشعرون بدواخلهم بالبطولة ونشوة العمل الوطني، إذ يتمّ التزوير من أجل المصلحة العامة، وحتى يتم القتل بدم بارد، وكما يتم إلقاء التهم الجاهزة بمنتهى السهولة.

هذه العصابة التي جرى إلقاء القبض عليها، لها أشباه ومثيلات كثيرات في مصر وغير مصر؛ لأنّ التنسيق العربي بين وزراء الداخلية العرب في الزمن الغابر كان ناجحاً جداً ومستمراً بعكس التنسيق في مجالات التكامل العربي الأخرى، وكانت تونس بزعامة الرئيس الهارب زين العابدين هي التي تتولى جانب التنسيق الأمني بين الأنظمة المغاربية، ولذلك يسهل تفسير التشابه في أساليب مواجهة ثورات الشعوب العربية عبر "البلطجية والشبيحة" من خلال انتقال الخبرات الناجحة وتعميمها.

الخطورة الحقيقية تكمن في تأصيل الفكر البلطجي والثقافة التشبيحية التي لها منظرون كثر في صحافتنا العربية التي تضفي الوطنية على هذا الفعل الشنيع، وتتقن فن إلقاء التهم على الضحية، ما يجعل "التشبيح والبلطجة" مدرسة عربية معاصرة، سوف تدخل فنون علم السياسة الحديث .

rohileghrb@yahoo.com


(العرب اليوم)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير