استراتيجية الأمن الشامل
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : ما ينبغي إدراكه بعمق واهتمام كبيرين حجم التغير الكبير الذي طرأ على المعادلة الإدارية التي تحكم وتضبط سير التجمعات البشرية في العصر الحاضر، والذي ترافق مع التغير الهائل الذي طرأ على الفضاء الإعلامي الواسع وسرعة انتشار الخبر، الذي أسهم بزيادة منسوب حرية الرأي ورفع سقفها بشكل اجباري، وليس مرتبطاً بإرادة سياسية، ولا بقرارات إدارية عليا، بل أصبحت هذه المسألة عبارة عن نتيجة حتمية لتطور آليات التواصل الاجتماعي، حيث لم يعد أحد قادراً على إخفاء المعلومة، وغير قادر على احتكار صناعة الخبر ومصدريته، دون أن نغفل عما يصاحب ذلك من فوضى وإساءات وأكاذيب أحياناً بكل تأكيد.
هذا يقودنا بشكل حتمي إلى الجزم بالقول إنه ما كان صالحاً في الزمن الغابر ليس بالضرورة أن يكون صالحاً لهذا الزمن، ومن كان ناجحاً في إدارة الأمور وضبطها في مرحلة سابقة، ليس بالضرورة أن يكون قادراً على تحقيق النجاح في هذه المرحلة، فلكل مرحلة ظروفها وسماتها وأدواتها ورجالها، ومن لم يستطع إدراك هذا التغير إدراكاً صحيحاً وعميقاً، وإدراك آثاره ومتطلباته سيكون عرضة للوقوع في الخطأ مرات عديدة، وسيكون عرضة للاخفاقات المتوالية، وسيطويه الزمن بلا رحمة.
من أهم الأمور المحورية في هذا الشأن هو ما يتعلق بفلسفة الأمن الشامل، حيث أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلّا عبر منظومة من المسارات المتكاملة على صعيد التعليم والصحة والغذاء والدواء والاقتصاد والاجتماع والتشريع والقضاء، التي تتكامل في عملية بناء الإنسان واستقرار الحياة وتدبير المعايش وسلامة العلاقات الاجتماعية بحيث يصبح رجل الأمن وجهاز الأمن هو أحد إفرازات هذه المنظومة المتكاملة والشاملة، ويصبح دوره مكملاً لأدوار كثيرة وعديدة معاضدة له على صعيد الفرد والجماعة والحي والمدينة والدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها المختلفة، ما يجعلنا نقف على عتبة الاستحقاق الحاسم بضرورة وضع استراتيجية شاملة لكل هذه المسارات مجتمعة تحقق التكامل في مدخلاتها ومخرجاتها.
مؤشر التغيير الجوهري الذي يجب ملاحظته بدقة وعناية بالغة يتعلق بضرورة رفع منسوب دور المجتمعات في إدارة نفسها، ورفع مستوى المشاركة الشعبية في تحمل المسؤولية، وهذا لا يتم عبر الوعظ والإرشاد، ولا يتم من خلال رفع الشعارات وكتابة اللافتات، وإنما ينبغي أن يتم عبر ترجمة فورية إلى تشريعات وقوانين وأنظمة وتعليمات وقرارات، والشروع في التطبيق وإنجاز المشاريع وخوض التجارب العملية، التي تسير بالمجتمع كله نحو آفاق المشاركة الفاعلة في إدارة المجتمع وتنمية موارده وتوزيعها بشفافية ونزاهة مطلقة.
لقد أوشكت مرحلة مؤسسة الرجل الواحد على مغادرة المسرح، وكذلك وزارة الرجل الواحد، وحزب الرجل الواحد على الأفول الحتمي المؤكد، فإما أن نعي هذا التغير الانتقالي الواسع ونتعامل معه بوعي وإدراك واستيعاب واستعداد كاف، وإما أن نبق نراوح في مرحلة الانكار والضحك على الذات، ونستمر في حصد الفشل ونعبر مرحلة الفوضى من أوسع أبوابها.
الإدراك العاقل لمقتضيات المرحلة توجب علينا أن نعمل جاهدين إلى إحداث تغيير حقيقي بمنهجية تعيين الأشخاص، وليس الاقتصار على استبدال شخص بشخص، وأن نعنى بالانتقال نحو العمل المؤسسي الحقيقي الذي لا يرتبط بنجاح الشخص الواحد وفشل المسؤول الفرد، كما يتحتم علينا عدم اللجوء إلى الحلول السهلة والمسارات المستعجلة التي لا تنبثق من استراتيجية واضحة وفلسفة موحدة ورؤية بعيدة المدى.
مشكلتنا المتكررة دائماً أننا نسارع إلى معالجة الأعراض والظواهر، ونغفل عن الجوهر والمرض الحقيقي، الذي كان سبباً لنشوء الأعراض الظاهرة، مما يجعلنا عرضة لاستفحال المرض واستعصائه وضياع فرصة العلاج، ويجعلنا عرضة للدغ من الجحر الواحد عشرات المرات.
(الدستور)
هذا يقودنا بشكل حتمي إلى الجزم بالقول إنه ما كان صالحاً في الزمن الغابر ليس بالضرورة أن يكون صالحاً لهذا الزمن، ومن كان ناجحاً في إدارة الأمور وضبطها في مرحلة سابقة، ليس بالضرورة أن يكون قادراً على تحقيق النجاح في هذه المرحلة، فلكل مرحلة ظروفها وسماتها وأدواتها ورجالها، ومن لم يستطع إدراك هذا التغير إدراكاً صحيحاً وعميقاً، وإدراك آثاره ومتطلباته سيكون عرضة للوقوع في الخطأ مرات عديدة، وسيكون عرضة للاخفاقات المتوالية، وسيطويه الزمن بلا رحمة.
من أهم الأمور المحورية في هذا الشأن هو ما يتعلق بفلسفة الأمن الشامل، حيث أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلّا عبر منظومة من المسارات المتكاملة على صعيد التعليم والصحة والغذاء والدواء والاقتصاد والاجتماع والتشريع والقضاء، التي تتكامل في عملية بناء الإنسان واستقرار الحياة وتدبير المعايش وسلامة العلاقات الاجتماعية بحيث يصبح رجل الأمن وجهاز الأمن هو أحد إفرازات هذه المنظومة المتكاملة والشاملة، ويصبح دوره مكملاً لأدوار كثيرة وعديدة معاضدة له على صعيد الفرد والجماعة والحي والمدينة والدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها المختلفة، ما يجعلنا نقف على عتبة الاستحقاق الحاسم بضرورة وضع استراتيجية شاملة لكل هذه المسارات مجتمعة تحقق التكامل في مدخلاتها ومخرجاتها.
مؤشر التغيير الجوهري الذي يجب ملاحظته بدقة وعناية بالغة يتعلق بضرورة رفع منسوب دور المجتمعات في إدارة نفسها، ورفع مستوى المشاركة الشعبية في تحمل المسؤولية، وهذا لا يتم عبر الوعظ والإرشاد، ولا يتم من خلال رفع الشعارات وكتابة اللافتات، وإنما ينبغي أن يتم عبر ترجمة فورية إلى تشريعات وقوانين وأنظمة وتعليمات وقرارات، والشروع في التطبيق وإنجاز المشاريع وخوض التجارب العملية، التي تسير بالمجتمع كله نحو آفاق المشاركة الفاعلة في إدارة المجتمع وتنمية موارده وتوزيعها بشفافية ونزاهة مطلقة.
لقد أوشكت مرحلة مؤسسة الرجل الواحد على مغادرة المسرح، وكذلك وزارة الرجل الواحد، وحزب الرجل الواحد على الأفول الحتمي المؤكد، فإما أن نعي هذا التغير الانتقالي الواسع ونتعامل معه بوعي وإدراك واستيعاب واستعداد كاف، وإما أن نبق نراوح في مرحلة الانكار والضحك على الذات، ونستمر في حصد الفشل ونعبر مرحلة الفوضى من أوسع أبوابها.
الإدراك العاقل لمقتضيات المرحلة توجب علينا أن نعمل جاهدين إلى إحداث تغيير حقيقي بمنهجية تعيين الأشخاص، وليس الاقتصار على استبدال شخص بشخص، وأن نعنى بالانتقال نحو العمل المؤسسي الحقيقي الذي لا يرتبط بنجاح الشخص الواحد وفشل المسؤول الفرد، كما يتحتم علينا عدم اللجوء إلى الحلول السهلة والمسارات المستعجلة التي لا تنبثق من استراتيجية واضحة وفلسفة موحدة ورؤية بعيدة المدى.
مشكلتنا المتكررة دائماً أننا نسارع إلى معالجة الأعراض والظواهر، ونغفل عن الجوهر والمرض الحقيقي، الذي كان سبباً لنشوء الأعراض الظاهرة، مما يجعلنا عرضة لاستفحال المرض واستعصائه وضياع فرصة العلاج، ويجعلنا عرضة للدغ من الجحر الواحد عشرات المرات.
(الدستور)