ضاقوا بـ "العدوان" ذرعا
تصاعدت وتيرة الخوف على مستقبل أموال الضمان الاجتماعي مؤخرا بمجرد صدور قرارات التعيين الأخيرة وتحديدا تلك المتعلقة بصندوق استثمار أموال الضمان الذي يدير "تحويشة العمر" لمئات الآلاف من الأردنيين ممن تقاعدوا أو أولئك الخاضعين للضمان.
الخوف ينبع من استمرار الحكومة في سياسة التدخل في شؤون الضمان والسطو على أمواله لخدمة أجنداتها، وعدم احترام استقلالية هذه المؤسسة، حيث تبيح الحكومة لنفسها إنهاء عقد رئيس صندوق الوحدة الاستثمارية ياسر العدوان الذي ينص القانون وعقده أيضا على أن مدة عمله لا تقل عن ثلاث سنوات.
حكومة الطراونة عينت رئيسا جديدا قبل أن تمضي الأعوام الثلاثة للعدوان في منصبه واستخفت بالقانون وباتفاقها، حيث مضت في قرار تغيير رئيس الصندوق، رغم الشهادات الطيبة الكثيرة بحق الرجل وأسلوب إدارته الحصيف والمحافظ الذي حمى الضمان من هزات كبيرة خلال الفترة الماضية، وعمل فيها من منطق وطني لحماية مدخرات الأردنيين.
خلال الربع الأول من العام الحالي حقق الضمان أرباحا بلغت 143 مليون دينار، وزادت قيمة المحفظة خلال الفترة الماضية من 4.88 مليار دينار لتصل 5.414 مليار دينار، بمعنى أن الأداء في ظل الظروف الصعبة كان جيدا، لماذا يحدث التغيير إذن؟
العدوان صمد في وجه ضغوط وجهت له من ثلاث حكومات بدءا من معروف البخيت مرورا بحكومة الخصاونة وصولا إلى حكومة الطراونة، التي يبدو أنها ضاقت ذرعا به نتيجة سياسته المحافظة والحريصة ولم تحتمل مواقفه فآثرت رحيله.
الضغوط التي مورست كانت لبيع استثمارات استراتيجية للضمان بدأت منذ اليوم الأول لتسلمه الموقع، بيد أنه استطاع أن يتجنبها جميعا ليكون قراره مستقلا يصب في مصلحة الضمان وحده.
التدخل في عمل أموال الضمان ومحاولات تجييرها لمصالح الحكومة، ما يزال مستمرا رغم الحراك المطالب بالإصلاح، وها هو القلق يتجدد على مستقبل أموال الضمان واحتمالية التفريط بها مستقبلا من خلال استكمال صفقات طالما كانت عصية على التنفيذ منذ أيام إدارة فارس شرف وحتى اليوم الأخير للعدوان في الصندوق.
ولربما يكون الخوف الكبير غير مبرر، ولربما تكون كل المخاوف هواجس ليس لها وجود، بيد أن تجفيف هذا الشعور بحاجة إلى رد سريع رسمي من قبل الرئيس الجديد هنري عزام، بحيث يخرج بتصريح صحافي يؤكد فيه أنه لن يتم بيع حصة الضمان في استثمارات استراتيجية وتحديدا في قطاع المصارف.
وعلى الإدارة الجديدة أن تكشف لنا بأسرع وقت عن خططها ونهجها في إدارة محفظة استثمار أموال الضمان، حتى تبدد المخاوف قبل أن يتنامى الشعور بعدم الأمان على مليارات الضمان الخمسة.
المخاوف تتمحور حول حصص الضمان في بنك الإسكان، وهنا تكمن القصة، خصوصا أن بيع هذه الحصة يعني خروج الأردن بالكامل من ملكية هذا البنك، حيث يمتلك الضمان 15.5 % من إجمالي قيمة البنك، فيما تعود الحصص الأخرى لملكيات عربية.
العمل في صندوق استثمار أموال الضمان ليس نزهة أو موقعا عاما يجلب "البريستيج"، بل هي مسؤولية كبيرة بحاجة لبذل جهود كبيرة لتحقيق الاستقلالية بالدرجة الأولى والحفاظ على أمواله وتنميتها.
لم تقدم الحكومة مبررات مقنعة لوجبة التعيينات الأخيرة، وتحديدا ما يتعلق برحيل رئيس صندوق استثمار أموال الضمان، واتخذت الخطوة حتى بدون أدنى سبب وبدون علم الرجل، بأسلوب يستخف بالمجتمع وعقول الناس، ويؤكد بأن العقلية التي تدير الشأن العام لم تتغير ولم تتبدل حتى لو تغير المزاج العام وانتقل المجتمع إلى مرحلة جديدة من الوعي.
وللحديث بقية.
(الغد)