jo24_banner
jo24_banner

مرحلة ما بعد النووي الإيراني

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لقد تم التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، وأعلنت الأطراف المختلفة ابتهاجها إزاء هذا الإنجاز التاريخي على حد وصفها ، وقد جاء هذا الوصف على لسان الرئيس الأمركي «أوباما»، كما أعربت القيادات الإيرانية عن غبطتها بهذا النصر العظيم، وتقبلت برقيات التهنئة من الأصدقاء. إيران أعلنت على لسان رئيس الحكومة «روحاني» عن تعهدها بعدم السعي لامتلاك القنبلة النووية، وإنها تسعى لامتلاك تقنية الطاقة النووية لأغراض سلمية، وقد تم لها ذلك، وبحسب التوصيف الإيراني لمشروعها فإنها لم تخسر شيئاً بهذا الاتفاق، إلّا إذا كانت تخفي أهدافاً أخرى غير معلنة تتعلق باقتناء السلاح النووي فعلاً، وسوف يخضع ذلك إلى رقابة التفتيش الدولي الصارم بحسب الاتفاق. استطاعت إيران أن تجر الدول الكبرى إلى طاولة المفاوضات؛ بعد سنوات طويلة من الحصار وفرض العقوبات الاقتصادية، ونجحت في نزع الاعتراف الدولي بها كلاعب إقليمي مؤثر في المنطقة من خلال انتهاج سياسة المشاغبة والمغالبة، والمناكفة للسياسة الأمريكية والغربية، ومن خلال قدرتها على إنشاء علاقات سياسية وتحالفات قوية مع بعض الأنظمة العربية، وبعض القوى والأطراف السياسية الفاعلة في الساحة العربية. أعلنت بعض الأوساط المطلعة تقديرها للأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية بأنها تصل إلى (80) مليار دولار، و يقتضي الاتفاق أن يتم الإفراج عنها منذ لحظة التوقيع، بالإضافة إلى العائد المنتظر من زيادة انتاجها النفطي الذي قد يصل إلى ما يقارب الأربع ملايين برميل يومياً، كما توقع بعض الخبراء ارتفاع وتيرة التبادل التجاري مع الدول الكبرى والدول ذات الأسواق الكبيرة، كما يتوقع أيضاً تهافت الاستثمارات إلى السوق الإيراني من قبل الشركات العالمية، وسوف ينطلق التجار الإيرانيون عبر حملة نشطة إلى الأسواق الاستهلاكية الخليجية، وخوض غمار المنافسة في هذا المجال دون حواجز أو عوائق بعد فك الحظر. هذا من ناحية اقتصادية أمّا من ناحية سياسية فلم يتم الإعلان عن التفاصيل المتعلقة بدور إيران السياسي في دول الجوار العربي وخاصة في سورية والعراق ولبنان واليمن، التي تشهد تدخلاً إيرانياً سافراً، وحضوراً قوياً من خلال مشاركتها العسكرية وإشرافها المباشر على إدارة الأحداث والمعارك في ميادين القتال. يبدو أن الدور الإيراني الفاعل في مسار الأحداث يعد العامل الأكثر بروزاً في نجاح مسار المفاوضات، الذي أدى إلى الاتفاق المشهود، بدلاً من مسار الضربة العسكرية الذي حاولت بعض الأطراف جعله خياراً مطروحاً على طريقة ماتم فعله بخصوص العراق، الذي سبق إيران بسنوات طويلة في المضي بالبرنامج النووي العراقي الذي تم تدميره بالقوة. هل ستستمر إيران في منهجها السياسي السابق في الإقليم القائم على تشكيل تحالف مناهض للسياسة الأمريكية يتبنى خيار المقاومة والممانعة، ومواصلة مسار التحدي الظاهري للمشروع الصهيوني، ودعم الحركات الجهادية؟ أم أنه سيطرأ تحول جذري واضح على منهجها السابق وإحداث إنعطافه حادة على المسار السياسي، من خلال التحول نحو التهدئة، وتدشين نمط جديد من العلاقة الدافئة مع «الشيطان الأكبر» وحلفائه في المنطقة؟ التصريحات الصادرة عن القيادات السياسية العالمية من مختلف الأطراف في تعليقها على إنجاز الاتفاق: تشير بشكل واضح إلى إمكانية رجوع إيران إلى المجتمع الدولي، وضرورة تخليها عن دعم «الإرهاب» ،ويؤمل أن يكون لها دور في إرساء السلام في المنطقة، والتعاون في إحداث الاستقرار، مما يدلل بوضوح في رأي بعض المراقبين على رجحان الاحتمال الثاني الذي يقتضي الانعطاف نحو المسار السلمي الهادىء، القائم على بناء علاقت ودية مع الأمريكان وحلفائهم، مما يؤشر إلى احتمال تغيّر التحالفات السابقة وتغيير لغة الخطاب والعمل على بناء صورة جديدة لوجه إيران السياسي. وهناك من يقول بعدم قدرة إيران التخلي عن نزعتها المذهبية عبر دعم الطوائف الشيعية المناصرة لها في مختلف الأقطار العربية، لأنها تمثل لديها ورقة قوة ضاغطة على الأنظمة العربية، وقادرة على على انتزاع الحضور الإيراني المستمر، الذي يعبر عن الطموح الإيراني الواسع في المنطقة، والذي لا يمكن الاستغناء عنه، وسوف تعمد الى توظيف الفائض النقدي في دعم مشروعها السياسي، وزيادة هيمنتها على المنطقة العربية في ظل غياب القوة العربية، وغياب المشروع السياسي العربي. الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير