2024-11-06 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

التجربة الأردنية في التعيينات القيادية.. بين الثقافة والقانون

المحامي ابراهيم محمد ابوحماد
جو 24 : جدلية الثقافة والقانون:
تبرز أهمية هذا المقال في اضافة مساهمة علمية تتمثل في ديناميكية الاصلاح للخدمة المدنية, وإن محرك هذا الاصلاح على مستوى دول العالم المتقدم تتمثل بالمتغير الخاص بالشأن السياسي وقيم العدالة والقيم الدستورية , بينما نجده في دول العالم الثالث يتمثل بالمتغير الخاص بالتعيينات القائمة على المعادلات الشخصية والاجتماعية والدينية والقبلية والنظام البطريركي , ولذلك فإن الاهمية لهذا المقال بإعتباره محاولة لإيجاد معايير وتوجهات عامة لإعمال القاعدة الدستورية بأن يتم التعيين عبر الجدارة والكفاءة , وتفسير هذه القاعدة الدستورية سندا لمبدأ الشرعية والمشروعية , والتدرج القانوني , لاحترامها وتوليد الضمانات القانونية , والجزاءات المترتبة على مخالفتها .

فكرة التعيين على أساس الجدارة
إن الجدارة بالمفهوم الغربي تعني المعارف والمهارات والسلوك بينما في مفهوم دول العالم الثالث تعني الحظوة والمحسوبية, و ترجع جذور التعيين على أساس الجدارة , إلى تصميم امتحان امبراطوري صيني في عام 581م, وذلك بين العائلات الأرستقراطية الصينية، وانتقلت هذه التجربة الى بريطانيا بتكريس مبدأ الجدارة والكفاءة.
وفي الولايات المتحدة تم تأسيس الخدمة المدنية في عام 1871 , ولقد برزت اشكالية الجدارة والكفاءة في ظل نظام سياسي حزبي , إذ تم استخدام الوظيفة العامة في اطار نظام الغنائم أي تعيين أكبر قدر ممكن من الحزبين في الادارة الامريكية مما دعا الحاجة إلى اجراء تغيير على أسلوب التعيين بإصدار قانون اصلاح الخدمة المدنية بندلتون لعام 1883 م , وفي عام 1909 تم تعيين ما يقارب من تلثي القوى العاملة الاتحادية على أساس الجدارة , وعملا بمبدأ الحياد السياسي للإدارة ،صدر قانون هاتش لعام 1939 , الذي حظر على الاداريين الارتباط بالعمل السياسي أثناء الخدمة باستثناء الرئيس ونائبه وبعض المسؤولين السياسيين , وحظر استغلال الخدمة المدنية لتحقيق أهداف انتخابية , وتخضع الخدمة المدنية للمنافسة عبر مبدأ الجدارة باستثناء بعض التعيينات بالسلك السياسي ومكتب التحقيقات والامن القومي .

التعيينات السياسية
وينظر الى هذه التعيينات بأنها جزء من المشهد السياسي القائم على الثقافة السياسية بالمجتمع ،وقد ينظر اليها من باب الفساد السياسي وانعدام المهنية أو تحقيق التوازنات السياسية , ويعتبر هذا التعيين لاعتبارات سياسية تقوم على الثقة والرابطة الحزبية أو المحسوبية والذي لم يكن ليحدث لولا السياق السياسي والثقافة السياسية.

وقد يتم هذا التعيين عبر ترشيح أكثر من شخص، ولكن ولدوافع سياسية يتم تعيين أحدهم لقربه من صاحب القرار بالتعيين , بحيث يقوم مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص بقرار التعيين لتعزيز فرصة شخص ما مقرب منه للاستحواذ على منصب عام.

أنواع التعيينات السياسية :
1. تعيين لتنفيذ سياسة معينة
حيث يخشى صاحب سلطة التعيينات من وجود أشخاص لا يتوافقون مع طريقة تفكيره , لذا يعمل على تعيين أشخاص مقربين منه .
2. تعيين لتعزيز موظف في السلطة التشريعية
وذلك من خلال رئيس الوزراء لدعم سياسي لحكومته.
3. التعيينات لإقصاء معسكر آخر أو لتصفية الخصوم السياسيين .
4. التعيين كمكافأة على موقف سياسي .
5. التعيين لتعزيز موقف وزير .
وإن من عيوب هذا التعيين :
1. استغلال المنصب لأغراض شخصية وليس المصلحة العامة وبمعنى آخر الفساد الاداري والمالي .
2. يلحق الضرر بجهاز الخدمة العامة 0
3. عدم الكفاءة وعدم المهنية والاخلال بمبدأ المساواة .
4. الضغوط السياسية
إذ أنه يشكل انتهاك للدستور ومبدأ الجدارة والكفاءة ولطبيعة الخدمة العامة الأخلاقية والعقد الاجتماعي , الذي هو الاساس الحضاري للدولة وبما يؤثر على الروح المعنوية والثقة العامة والولاء.

ومن وجهة نظر اخرى فإن التعيين السياسي له ايجابيات بحيث تعتبر هذه التعيينات ليست فقط مشروعة بل أمر لدعم الديمقراطية ولتتمكن الادارة من تنفيذ برنامجها السياسي والاداري, إذ أن الوظيفة تتغير بتغير الادارة المنتخبة , حيث أن من يملك التعيين هو منتخب وإن دوره بذلك هو النيابة عن الجمهور , ويعزز خلق ادارة متجانسة متضامنة لتنهض بواجباتها .
إلا أن الخدمة العامة يجب أن تكون محايدة وغير منحازة والجميع متساوون أمام المرافق العامة , وإن من ضمانات ذلك هو جعل نظام الخدمة المدنية أكثر وطنية وأقل حزبية , ولذلك أصبح التوجه الحالي يقوم على المبادئ التالية :
1. أن تتم التعيينات على أساس المؤهلات العامة ( اللياقة البدنية ).
2. أن تكون الادارة محايدة عن النشاط السياسي والحزبي ولا تتغير بتغير الادارة المنتخبة
3. رقابة الرأي العام الاعلام والرقابة القضائية ضد هذه التعيينات السياسية .
4. اعتبار الخدمة العامة ذات طابع طني مهني لا ترتبط بتغير الحكومة .
5. عدم جواز تسيس الخدمة العامة وخضوعها لمبدأ تكافؤ الفرص وعد التحيز في الاختيار لاعتبارات سياسية واجتماعية .
ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من المراكز القيادية في الولايات المتحدة الأمريكية يعتمد التعيين فيها على الثقة والتقدير الشخصي , إذ أن السلطة التنفيذية تعين إلى حد ما كل من :
1. القيادة والادارة من الفئة العليا
2. القيادة العسكرية الامنية .
3. أعضاء السلك الدبلوماسي والقضائي .
4. المدراء العاملين لشركات المملوكة للدولة .
إلا أن ذلك مبني على نقاش عام وجدل مؤسساتي وشعبي، وقاعدة من التنسيبات وتنويع الخيارات وبشكل علني وغير سري , ولذلك فقد تقتصر التعيينات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية على موظفي البيت الأبيض لقربهم من الرئيس والقضاة الفيدراليين ومجلس الأمن القومي إلا أن المذكورين أخيرا يعينوا بموافقة مجلس الشيوخ .
وبالنتيجة فإن الادارة الأمريكية تعمل على تحقيق التوازن بين البيروقراطية الجامدة والاصلاحات السياسية , وإن المبادئ التي تسود التعيين هي سياسي ومهني وحيادي , واستقلال الخدمة المهنية , وبالنتيجة فإن الادارة يجب أن تتعامل مع اي جهة منتخبة , و عدم تفضيل القيادة السياسية على القيادة الادارية , ولا يجب أن تكون الخدمة العامة تابعة لهوية الرئيس التنفيذي .
وتعتبر الخدمة العامة في النرويج مهنية اولاً، ونادرًا ما تتميز بالتعينات السياسية ،ويمنع على الادارة تعيين الأقارب ،وبالتالي يتم التجنيد بالخدمة العامة على أساس التعليم المهني العالي , والمهارات الفنية .

التنظيم الدستوري للتعينات القيادية :
لقد نصت المادة الأولى من الدستور الفرنسي على ما يلي :
" يشجع القانون تساوي النساء والرجال في تقليد الولايات الانتخابية والوظائف الانتخابية وكذا ممارسة المسؤوليات المهنية والاجتماعية "
ولقد نصت المادة (13) من الدستور الفرنسي على اختصاصات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وتحدد المناصب التي يتخذ فيها قرار التعيين من مجلس الوزراء بموجب قانون أساسي وكذا الشروط التي يجوز فيها لرئيس الجمهورية أن يفوض سلطته في التعيين لكي تمارس باسمه .
كما تحدد المناصب أو الوظائف الاخرى التي لم تذكر في الفقرة الثالثة بموجب قانون أساسي – قياساً على أهميتها في ضمان الحقوق والحريات أو الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأمة - تمارس فيها سلطة التعيين المخولة لرئيس الجمهورية بعد إبداء الرأي العلني للجنة الدائمة المختصة في كل مجلس , ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يجري أي تعيين إذا كان عدد الأصوات المعارضة في كل لجنة عند جمعها يمثل على الأقل ثلاثة أخماس الأصوات المعبر عنها داخل اللجنتين , ويحدد القانون اللجان الدائمة المختصة بحسب المناصب أو الوظائف المعنية .

ولقد نصت المادة( 97 ) من دستور ايطاليا على ما يلي : " تكفل الكيانات الحكومية العامة وفقا لقانون الاتحاد الاوروبي موازنات متوازن واستدامة الدين العام , يتم تنظيم الوظائف العامة وفقا لأحكام القانون , وذلك لضمان كفاءة ونزاهة الادارة تحدد اختصاصات وواجبات ومسؤوليات المسؤولين الانظمة المعمول بها في دوائرهم .
يتم التوظيف في الادارة العامة من خلال الامتحانات التنافسية إلا في الحالات التي ينص عليها القانون .
ولقد نصت المادة (98 ) منه على ما يلي :
يجوز للقانون وضع قيود على حق المشاركة بالعضوية في الاحزاب السياسية بالنسبة للقضاة والعسكريين في الخدمة وضباط انفاذ القانون , والممثلين الدبلوماسيين والممثلين القنصليين في الخارج .
ولقد نصت المادة ( 51 ) منه على ما يلي : " ولهذا الغرض تقوم الجمهورية باعتماد اجراءات من أجل ضمان الفرص المتساوية بين الرجال والنساء " .(4)
ولقد نصت المادة ( 37/2 ) من الدستور البرازيلي على ما يلي :
( يعتمد تسلم المناصب أو الوظائف العامة على الموافقة المسبقة من خلال امتحانات تنافسية عامة أو فحص ومقارنة لأوراق الاعتماد المهنية وفقا لطبيعة وتعقيد المنصب أو الوظيفة , طبقا لأحكام القانون باستثناء التعيين في منصب بهيئة يسمح القانون بالتعيين والصرف فيها دون مسابقة . ) (5)
ولقد نصت المادة (33/2) من دستور ألمانيا الاتحادية لعام 1947 المعدل لعام 2012 على ما يلي :
( يحق لكل ألماني تبعا لمؤهلاته وكفاءته وقدراته المهنية أن يتقدم لشغل أي وظيفة عامة )

ولقد نصت المادة (2 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على مبدأ المساواة ومنع التمييز بين الافراد

التعيينات القيادية في المملكة الاردنية الهاشمية
وتجدر الاشارة إلى أن التشريعات الاردنية المتعاقبة حددت الفئة العليا وفقا للمسمى الوظيفي , وتم تقسيم هذه الفئة تارةً إلى مجموعتين , وتارةً أخرى إلى ثلاثة مجموعات , وحصرت حق التعيين بهذه الوظائف بمجلس الوزراء .
إلا أن المعيار لإنشاء هاتين المجموعتين ،هو معيار شكلي وهي جهة التعيين والتي تتم عبر مجلس الوزراء وبإرادة ملكية , إذ أن الدستور الفرنسي نص على معيارين شكلي لتعيين بقرار من مجلس الوزراء , وتوقيع رئيس الجمهورية ومعيار موضوعي بالنظر الى أهميتها في ضمان الحقوق والحريات أو الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأمة .
ويتم تحديد هذه الوظائف بموجب قانون عضوي أو أساسي , وتشكل اللجان الدائمة بحسب المناصب أو الوظائف المعنية ولذلك فإن التعيينات القيادية في الوظيفة العامة في الاردن تعتمد على الولاء الشخصي .
ولا نجد أي نظام أو قرار وزاري أردني خاص براتب الوزير الذي تتقاضاه الفئة العليا المجموعة الأولى والعديد من المناصب القيادية مثل رئيس المجلس القضائي والمفتي العام للمملكة , ولا توجد أي احصائيات بذلك أو شروط خاصة للتعيين .
إصلاح التعيينات القيادية في المملكة الأردنية الهاشمية :
ولقد صدر نظام التعيين على الوظائف القيادية في عام 2013 , إلا أن هذا النظام استثنى المناصب الواردة بالمجموعة الأولى من المسابقة , ونجد أن العديد من المناصب الأخرى بالدولة لا تنظم عبر المسابقة اة قواعد التنسيب الواسع او اي شكل أخر , مثل منصب رئيس هيئة الأركان, ورئيس النيابة العامة ورئيس ديوان الخدمة المدنية والمحاسبة والبنك المركزي ولا توجد أي آلية تنافسية للتعيين بهذه المناصب .
ولغاية الآن لم يصدر سندا للمادة 4 من النظام دليل الوصف الوظيفي للوظائف القيادية محدد المؤهلات العلمية والشهادات المهنية والخبرات العلمية والقدرات والمهارات المطلوبة .
ولذلك فإن منطلقات هذا النظام هو الحكومة المنفتحة وكذلك فإن التعيين بهذه الوظائف تستلزم تحقيق مبدأ المساواة وعدم التمييز سبب الأصل .... الدين , العرق .
ويعتبر ذلك إقالة لنص الدستوري المتضمن المادة 22 منه :
1. لكل أردني حق في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة في القانون أو الأنظمة .
2. التعيين للوظائف العامة من دائمة أو مؤقتة في الدولة والارادات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفاءات والمؤهلات .

ولذلك فإن مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص يتعارض مع كل تنظيم سري مستتر, لذلك يتوجب بالإعلان عن أي وظيفة والسماح لكل موظف أن يطعن بقرار غير شرعي مما يوسع من مفهوم المصلحة في التقاضي الاداري , وكذلك يتوجب أن يتم التعيين بواسطة مباراة مفتوحة لجميع المرشحين الذين يستوفون الشروط المحدودة من النظام الأساسي . إلا أن هناك العديد من الوظائف لم يعلن عنها , مثل الأمين العام للمحكمة الدستورية وكبار موظفي الديوان الملكي .
فلقد ألغى القضاء الاداري الفرنسي عملية اختيار وتعيين موسيقي في أوبرا مدينة مرسيليا لأن رئيس اللجنة الفاحصة قاطع أحد المرشحين أثناء أدائه للمقطوعة الموسيقية , وكذلك تم إلغاء قرار اختيار مهندس لأن اللجنة لم تستمع لجميع المهندسين المرشحين .
و يعتبر اصدار هذا النظام خطوة في طريق تعزيز ديمقراطية الادارة وتحقيق شفافيتها , وفي اطار التزامات الوطنية لحقوق الانسان وبرنامج الحكومة المنفتحة , إلا أن هذا النظام تم قصره على وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا , علما بأن المركز القانوني لرئيس ديوان المحاسبة تتعدد طرق التعيين به باختلاف الأنظمة القانونية من ترشيح السلطة التنفيذية لأكثر من شخص وبذات الوقت موافقة البرلمان , وهناك العديد من المناصب التي يتبع بها ذات الأسلوب مثل النائب العام وذلك نظرا لاعتبار هذه الجهات رقابية على السلطات , وينظم قانون خاص بشأنها لتمكنها من ممارسة أعمالها ومنحها الحصانة اجرائيا وموضوعيا , لذا فإن اعتبار وجود سلطة تقديرية واسعة للإدارة بالتعيين بهذه المناصب , لا يحقق كفاءة وفاعلية هذه الأجهزة الرقابية .

ويتم تشكيل لجنة للاختيار والتعيين على الوظائف القيادية وإن هذه اللجنة مشكلة من خمسة أعضاء , وقد يصل إلى أربعة سندا للمادة 5/1 من النظام واجراءاتها تكون بأكثرية خمسة أعضاء , إذ أن الأغلبية للاختيار أغلبية مطلقة , وكذلك التزام أمين السر وهو حافظ للمعلومات والبيانات بالسرية التامة مما يتعارض مع الشفافية الإدارية ونشر نتائج اعمال المسابقة أيضا ولم يحدد النظام المسؤولية التي يتعرض لها أمين السر فهل تكون مسؤوليته بموجب قانون اسرار ووثائق الدولة , وكذلك فإن اللجنة تخلو من ممثلين عن السلطة التشريعية ،ومؤسسات المجتمع المدني
وإن المبادئ التي تحكم التوظيف عن طريق المباراة هي ضمانات لترسيخ الشفافية والمصداقية والعقلنة في تدبير الوظائف العمومية , ومبدأ المساواة والحياد والحقوق المكتسبة , ويقصد بالأخيرة أن الادارة لا تملك تغيير نظام المباراة من تاريخ انتهاء ايداع الترشيحات , وأما من حيث الاجراءات فإن الاعلان واشهار المباراة يعتبر قيد على سلطة الادارة التقديرية ولا يجوز الخروج عن البيانات الواردة بالإعلان من حيث شروط المشاركة والشهادات والتخصصات العلمية والمهارات العلمية المطلوبة , وتاريخ ومكان اجراء الاختيار وعد المناصب بالأجل المحدد لإيداع الترشيحات , إلا أن القضاء الاداري لدينا لا يبسط رقابته على أعمال الادارة الخاصة بالمسابقة و إذ أنها غير متحققة بالمستوى الادنى للوظيفة العامة .
ويخلو النظام من امتحان تحريري أو شفوي بل يرتكز على المقابلة فقط , كما أن للجنة التحقق من نزاهة المرشحين بالتنسيق مع الجهات المعنية , ولم يبين النظام هذه الجهات , مما يشكل مخالفة لأحكام القانون والدستور , وسيطرة الأجهزة الأمنية على التعيينات بذريعة النزاهة
ومن الناحية العملية فإن أغلب التعيينات التي تمت مثل تعيين السيد رئيس مفوضية العقبة , وامين عام المحكمة الدستورية صدر القرار بشأنها دون إعلان وظيفي ؟ قابل للطعن لدى المحكمة الادارية ؟
وأبدي بأنه يجوز الطعن بها بهذه القرارات استنادا للمصلحة العامة والمحتملة , إذ يعتبر قرار تعيين المذكورين سابقاً، من القرارات المنعدمة ،وتعتبر ممارسته لاختصاصاته من قبيل نظرية الموظف الفعلي , إذ أنه ينحدر إلى درجة الغصب والتعدي على السلطة .
وإن الامتحانات لم تبين كيف تعقد , وكيف تشكل هذه القناعات بشأن قرار التعيين , إذ لا يوجد امتحان سيكولوجي أو امتحان قدرات , أو امتحان ذكاء , لذا فإن غياب ذلك يترك هامش حرية أو سلطة تقديرية ديكتاتورية واسعة للتعيين ،وما مدى قانونية هذه الفحوصات وانتهاكها لحق الخصوصية
وإن النظام لم يحدد كيف يتم تحديد لائحة المرشحين الاحتياط .
ولقد قضت المحكمة الادارية العليا في حكمها الصادر في 29/4/1978م الطعن رقم 376 لسنة 18 ق بأن إعلان الادارة نقل الوظائف العليا هي قاعدة تنظيمية لا يجوز إلغاؤها أو تعديلها في حال مساسها بحق مكتسب حين نفادها ،
وبالنتيجة يعتبر اعلان المسابقة من الحقوق المكتسبة التي لا يجوز تعديلها ،ومن المسلم به أن أول اجراء سابق على التعيين هو ضرورة توفر درجات خالية في الميزانية ،وإن عدم مراعاة قواعد الاجراءات من حيث الفرز والتعيين تعيب القرار المتخذ وتستوجب إلغاء قرار التعيين لأن أخذ الرأي إجراء جوهري ولذا فإن قرارات التعيين في الوظائف العامة يجب أن تهدف إلى تحقيق الصالح العام إلى جانب تسيير المرافق العامة بانتظام واطراد , وهذا ما يميز التعيين في الوظائف العامة عن التعيين في القطاع الخاص .
ولقد قررت محكمة القضاء الاداري المصري بالطعن رقم 642 لسنة5ق ما يلي :
إن الاعلان عن مسابقة للتعيين في وظائف معينة دون تفرقة بين حملة المؤهلات , يوجب على الادارة أن تراعي ترتيب الناجحين في المسابقة , بحيث إذا فرقت الادارة بين حملة المؤهلات عند التعيين , دون مراعاة لنتيجة الامتحان اعتبر قرارها مخالفا للقانون .
كما أرسى مجلس الدولة المصري أن المركز القانوني للموظف لا ينشأ إلا بصدور قرار التعيين ممن يملكه قانونا , ومنذ ذلك تنشأ الحقوق الوظيفية في حق من أضفى عليه هذا المركز القانوني .
ولقد قررت محكمة العدل العليا الاردنية :
يستفاد من أحكام المادة ( 24) من نظام الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 1998 التي تنص على ( يعين شاغلو وظائف الفئة العليا وتنهى خدماتهم او يعفون منها بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب من رئيس الوزراء بالنسبة للمجموعة الاولى ، وتنسيب من الوزير المختص بالنسبة للمجموعة الثانية على ان يقترن قرار مجلس الوزراء في كل الاحوال بالإرادة الملكية السامية ) ان المشرع فوض مجلس الوزراء بصفته اعلى سلطة ادارية بالدولة الهيمنة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق المصلحة العامة على اكمل وجه وذلك بتخويله سلطة تعبئة الوظائف العليا والمراكز القيادية المتقدمة ممن يختارهم لإشغال هذه الوظائف ممن يتوسم فيهم القدرة والكفاءة لشغلها وبذات الوقت انهاء خدماتهم او اعفائهم بتنسيب فقط وبدون أي تسبيب لهذا التنسيب وانما بما يتجمع ويتحقق لديه او لدى الوزير المختص من اسباب تبرر قراره وبدون الالتزام بالإفصاح عنها مسقاة من ملف خدمة الموظف او اية اوراق اخرى او معلومات تصل اليه او لضرورات المصلحة العامة متى ارتأى أي منهما ذلك ، وهذا يعني ان مجلس الوزراء يتمتع بسلطة تقديرية بمقتضى هذا النص بتعيين اشخاص الوظائف العليا او اعفائهم من وظائفهم يترخص فيها باتخاذ القرار الذي يرتئيه حسب الاوضاع والظروف التي يراها مناسبة وفقا لمقتضيات المصلحة العامة ويكون قراره محمولا على قرينة الصحة ما لم يرد عكسها.
2- لا يرد الاحتجاج بعدم تطبيق الاجراءات المنصوص عليها في المادة (150) من نظام الخدمة المدنية على تعيين وانهاء خدمات شاغلي الوظائف العليا من الموظفين لان المشرع افرد نصا خاصا للتعامل مع هذه الفئة اورده في المادة (24) من نظام الخدمة المدنية حفاظا على كرامة الوظيفة والموظف الذي يشغل تلك الوظيفة.

وتعليقا على هذا القرار فإن محكمة العدل العليا لم تراقب الوقائع وصحة تطبيق القانون بالتحقق من صحة القرار الاداري وحتى أنها لم تبين وجود ما يستوجب صدور هذا القرار بناء على الملف الوظيفي وفيما إذا كان أداءه وتقييمه يستوجبان صدور هذا القرار , ولقد أصبغت السرية والسلطة المطلقة على قرار الإدارة بالتعيين وإنهاء الخدمة معللة ذلك تعليلا لا يتفق والغاية من انشاء هذه الوظائف , إذ أن الادعاء أن سياسة اختيار التعيين والانهاء والتي تتسم بالسرية حفاظا على كرامة وهيبة الوظيفة , مما يجعل من هذا التوجه لا يرسى ولا يحقق مبدأ المساواة على أساس الكفاءة والجدارة ،ممن تولي الادارة العامة , وكذلك فإن اجتهادات العدل العليا فيما يتعلق بالطعن بالقرار الايجابي للتعيين وعدم رقابتها على القرار السلبي بعدم التعيين هو تعزيز لدكتاتورية سلطة التعيين مما يشكل بيئة ملائمة للواسطة والمحسوبية . ولم تنص التشريعات الأردنية على الرقابة الادارية على التعيين عبر ديوان المحاسبة وديوان المظالم ولا يوجد من ناحية عملية أي شكاوى بهذا الخصوص , ولقد استقر اجتهاد محكمة العدل العليا على أن قرارات رفض التعيين لا تخضع للطعن

ولقد تم التوصل إلى الاستنتاجات التالية :
1. أن النص الدستوري الخاص بالمساواة لتولي الوظائف العامة والقيادية منها, قد أُفرغ من مضمونه لغايات ضمانات الرقابة القضائية على هذه التعيينات .
2. أن قواعد الجدارة والكفاءة والتعيين عبر الامتحانات والمسابقات هو الاستثناء على القاعدة.
3. أن طريقة التعيين واستبعاد الكفاءات تؤثر على التوجهات نحو العدالة وتولد شعورا بالاغتراب وتقتل روح المواطنة .
4. القيم الدستورية لم تترجم بشكل عملي عبر القوانين والقرارات القضائية .

وعلى ضوء ذلك فإننا نوصي بما يلي :
1. حيث أن الوظيفة شأن عام فإننا نوصي المشرع بمنح كل مواطن , ومؤسسة مجتمع مدني الحق في الطعن بالقرار الإيجابي والسلبي لتولي الوظيفة العامة .
2. أن يتم ترجمة قيم المساواة والعدالة والجدارة والكفاءة بالقوانين والمبادئ القضائية الأردنية.
3. إخضاع كامل المنازعات الادارية المتعلقة بالوظيفة للرقابة القضائية , ومنها المسابقة الوظيفية لجميع المراحل .
4. تعديل النظام القانوني للفئة العليا من حيث التعيين وأدواته والمسار الوظيفي وإنهاؤها واجراءات التحقيق والمحاكمة بما يتلاءم مع الوظيفة العامة والخدمة العامة باعتبارها فئة وظيفية هدفها الخدمة العامة , وغايتها المصلحة العامة .
5. تعديل نظام المسابقة لتعيين من حيث تشكيل لجنتي التعيين والفرز ليتم تمثيل السلطة التشريعية بها وإضافة امتحانات الذكاء والسيكولوجية والقدرات , ولا تكون حسب انطباع اللجنة.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير