jo24_banner
jo24_banner

الاعتراف بالحق الدستوري في المياه

المحامي ابراهيم محمد ابوحماد
جو 24 : تعتبر إشكالية إدارة الخدمة العامة لمياه الشرب قضية استراتيجية أردنياُ، نظراُ لفقر المملكة المائي المرتبط بصراعات إقليمية على حوض النهر الخالد، وحوض نهر اليرموك، وحوض الديسي , والتكاليف المالية المترتبة على إنشاء بنية تحتية قادرة على مواجهة المشكلة المائية ،والتي تشكل تحديا عميقا للوعي الجماعي الوطني نظراُ للطبيعة الحيوية للمياه ،والاعتراف بالحق الدستوري في الماء في ظل الصمت القانوني للبحث في الطريقة المثلى لإدارة المياه بين الإدارة الرسمية وخصخصتها .

التزام من جانب المواطن
لقد تكثفت الجهود القانونية في مجال إدارة المياه في الجانب الجزائي ، وتعزيز سلطة الضبط الاداري للمياه، وذلك للحد من جرائم المياه , وحماية المستثمر ،والثروة المائية ، ولذلك تخضع إدارة المياه إلى ضبط صارم وسيطرة كاملة على قطاع المياه باعتبارها ثروة طبيعية , إلا أن هناك صمت مطبق عن الحق بالمياه بسبب المعايير الاقتصادية والفقر المائي , بحيث يَحول ذلك دون الاعتراف بالحد الأدنى من فرض معايير نوعية حقيقية لحماية الوصول الى المياه . واشتراط توفير مياه الشرب باعتباره التزاماُ على الادارة بتحقيق نتيجة، في ظل أصوات تعلو مطالبة بالحق في الوصول النافذ للماء .

الإدارة المركزية للمياه
وحيث أن إدارة المياه هي إدارة مركزية من قبل سلطة المياه فإنها تاريخيا وعالميا لم تزل من اختصاص السلطة المحلية الممثلة بالبلديات , لقد تم انتزاع هذا الاختصاص من البلديات الاردنية لإلحاقه بالسلطة المركزية , التي عملت على خصخصة إدارة هذا القطاع الحيوي لعوامل اقتصادية وتقنية ,و لبناء أنظمة امدادات المياه وانتاج وتوزيع مياه الشرب .

حرية الإدارة المركزية في إدارة مياه الشرب
للإدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار القرار الخاص بإدارة مياه الشرب بأسلوب الادارة العامة أو الخصخصة عبر نظام العقود الادارية , ولقد اتبعت فرنسا عام 1853م أسلوب الخصخصة لإدارة قطاع المياه , نظرا لأسباب اقتصادية وتقنية وإدارية بهدف تقديم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والري ،الا انه تم التراجع عنة ابتداءا من عام 1983م.

سلبيات خصخصة إدارة للمياه
إن اقتصاديات الخصخصة تقوم على الجانب الربحي ورفع أسعار المياه وتخفيض العمالة , وإن التركيز على الجانب الاقتصادي للمياه يقف حجر عثرة دون الاعتراف به كثروة وطنية عامة ،ترتب جانب الحقوق والالتزامات ،والاعتراف بأن يكون الحق في المياه للجميع , والحصول عليه في كل الأوقات بكمية كافية لتلبية المستلزمات الأساسية للحياة الإنسانية من نظافة وطبخ وزراعة ..... الخ , وبشكل يحدد إجراءات نفاذ الوصول إلى هذا الحق في حدود الكلفة الاقتصادية المجتمعية، مع ضمان الرقابة القضائية على فاعلية الحق للنفاذ إلى المياه الصالحة للشرب ، والتمكين من هذا الحق .

التضامن الاجتماعي في المياه
تجد مدرسة التضامن الاجتماعي صداها في الصحة والتعليم والتعويض عن الأضرار , ولقد سارت البلديات الفرنسية الاشتراكية على هذا النهج لتقديم المساعدة في مجالات رعاية الأمومة والطفولة والتعليم والصحة , ولقد نص المشرع الفرنسي على إنشاء صندوق للتضامن في مجال المياه والصرف الصحي لضمان حق حصول الفقراء على المياه , ودعم تسوية فواتير المياه والصرف الصحي وتعتمد ايرادات هذا الصندوق على مخصص محاسبي يتم تغذيته عبر اقتطاع 5% من إيراد خدمات المياه لسداد فواتير الفقراء، وذلك وفق معايير اختيار شفافة قابلة للقياس ،وخاضعة لرقابة القضاء الإداري على السلطة التقديرية للإدارة في منح هذه المساعدة .

وبالختام فإن الحق في الوصول إلى المياه يجب أن لا تنافسه الاعتبارات المالية والاقتصادية ،فهو حق أساسي مشتق من حماية البيئة والرفاه الاقتصادي , ويجب أن يكفل القانون والقضاء حق أدنى لكل شخص من الوصول إلى مياه الشرب باستمرار , وللحفاظ على هذا الحق يتوجب ضمان حقوقنا في حوض النهر الخالد واليرموك والديسي , وتشجيع التحرك للعودة إلى الإدارة العامة للمياه ،ووقف خصخصتها باعتبارها ثروة طبيعية، يتوجب حمايتها على المدى الطويل وإنشاء صندوق مائي لدعم الفقراء والمهمشين والمحتاجين ،ونظام فعال للشكاوى والاقرار بحق المواطن بالتعويض في حال اخلال الادارة بالتزاماتها.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير