2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

العيد والطاقة الإيجابية

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : نحن بحاجة ماسة إلى أولئك النفر من الأمة الذين يشع وجودهم طاقة ايجابية تملأ المكان، ويملكون كمية هائلة من التفاؤل اللامحدود، الذي يجعلهم عصيّين على الاحباط واليأس، ويملكون مهارة تضميد الجراح والقدرة على انتشال الضحايا من تحت الانقاض، وتشتد الحاجة الى هذا النفر في هذا الوقت الذي تمر به أمتنا العربية.
كلنا يرى الواقع البائس، وكلنا يتألم، وكلنا يشاهد الظلم، وكلنا وقع عليه قسط من ظلم الحياة ونكدها وبؤسها بقدر ما، وذاق مرارتها، وكلنا يملك القدرة على الوصف والبكاء والعويل، ولكن قلة منا تستطيع تفهم الواقع بدقة، وتملك مهارة الصبر الجميل، وعزيمة المحاولة المستمرة على الخروج من المأزق، والتفكير غير المنقطع من أجل الوصول إلى تغيير الأحوال واستبدالها.
الاستمرار في حفلات النواح واللطم، واللجوء إلى أسلوب شق الجيوب، والمبالغة في جلد الذات لا يحدث تغييراً ولا يجلب اصلاحاً، ومن يبني منهجه على المظلوميّة، ويقيم سياسته على عقدة الاضطهاد، لا يرجى منه خيراً لنفسه ولا لأمته.
نحن بحاجة إلى فلسفة أخرى مختلفة، تقوم على روح النهوض وعزيمة التغلب على الواقع البائس، ومهارة الاستعلاء على الجراح، والانتقال إلى مساحات التفاؤل والأمل الفسيح، والامتلاء بالطموح المبني على الهمة العالية، والاستعداد للعمل الدؤوب، وامتلاك مهارة التخطيط وحسن الإدارة والقدرة على تحديد الأهداف والغايات الممكنة التحقيق، بعيداً عن الوقوع في مصيدة المبالغات والتهويل، وتجنب السقوط في أحلام اليقظة الطفولية الساذجة في الوقت نفسه.
كثرة الشكوى علامة من علامات العبودية، واللجوء الدائم إلى تبرير الأخطاء والتعليق على مشاجب الآخرين، هي ثمرة لثقافة التبعيّة، وثمرة للشعور بالعجز وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، وثمرة مرة الفهم المغلوط لسنن التغيير وقوانين الاصلاح في الكون.
المهارة القيادية تتجلى في القدرة على استنهاض معاني القوة في نفوس الأتباع، وتتجلى في القدرة على بناء القوة الجمعية الفاعلة، رغم صعوبة الظروف، وتتمثل بامتلاك القدرة على تخطي أثر المصائب، والتغلب على المحن التي تعصف بالأمة، على صعيد الفرد وعلى صعيد الجماعة، وتظهر في مهارة الإبقاء على شعلة الأمل في النفوس المتعبة، وإنارة الدروب المظلمة للجموع الهائمة.
عندما خلق الله الأرض قدر فيها أقواتها سواء للسائلين، فيكون النجاح قائماً على أسباب محددة معروفة، وله وسائله وأدواته وقوانينه، فمن يأخذ بالأسباب ويفهم القوانين ويدرك الوسائل، يستطيع الوصول، ومن عجز عن الفهم ولم يكلف نفسه عناء الأسباب لن ينفعه بكاؤه وعويله، ولو إدعى الإيمان والإسلام، ولذلك فإن الأمم والشعوب التي استطاعت امتلاك أوراق القوة، والوصول إلى أعلى مراتب السيادة في الأرض؛ كان بفضل قدرتها على اتخاذ الأسباب وقوانين الأرض واستثمار مقدراتها التي جعلها الله سواء.
فالناس جميعاً خلقوا من ذكر وأنثى، وخلق فيهم العقل والإرادة، وزودهم بالاستعدادات المتعددة والمتنوعة للخير والشر، للعمل والكسل، وبحسب ما استطاع كل منا أن ينمي استعداده ويوجه إرادته، يجد ثمرة ما قام به وثمرة عمله وجهده.
نحن بحاجة إلى خطوة جماعية جريئة، ننقل من خلالها أنفسنا وأمتنا من دائرة السلبية إلى دائرة الايجابية، ومن مرحلة الشكوى والتذمر إلى مرحلة البدء بالعمل والتغيير، ومن فلسفة التبعية إلى فلسفة المسؤولية، ومن الشعور بالعجز إلى الشعور بالهمة العالية، ومن روح الهزيمة إلى روح النصر، ومن لغة الإحباط واليأس إلى لغة الأمل والطموح، والإصرار على الفوز.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير