المعارضة والشعور بالاغتراب
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لا بأس أحياناً بالميل نحو منهج النقد الذاتي على صعيد المعارضة السياسية على منهجية المثل المحلي المتداول "ضربة على الحافر وضربة على المسمار"، فلا يجوز تحميل المسؤولية بشكلٍ كامل للجهات الرسمية وأصحاب القرار في كلّ الأوقات وفي جميع المراحل وفي كلّ الأماكن، من دون تحميل المعارضة قسطاً من المسؤولية ولو كان يسيراً، إذ إنّ جميع المواطنين بكلّ أشكالهم وألوانهم وفي كلّ مواقعهم وبكلّ شرائحهم شركاء في المسؤولية، تعظم وتصغر مسؤوليتهم بحجم الأثر الذي يحدثه كل مواطن، حتى وإن كان منعزلاً في الجبال مع قطيع غنمه؛ ولكنّ مسؤولية المعارضة كبيرة وينبغي أن توازي مسؤولية أصحاب القرار.
وفي هذا الصدد ينبغي الإشارة إلى الشعور بالاغتراب الذي يتملك قطاعات كثيرة واسعة في المعارضة السياسية الأردنية، ويمكن تلمس هذا الشعور والوقوف عليه من خلال التصرفات والاتجاهات السلوكية لديها بوضوحٍ ظاهرٍ للعيان، حتى أصبح يمثل ظاهرة مرضية خطيرة تستحق العلاج الفوري من قوى المعارضة الفاعلة، وتستحق الدراسة والبحث العميق الجدي، المصحوب بالشجاعة الاستثنائية للاعتراف بالخطأ.
هذه الظاهرة المرضية أسهم فيها الوضع السياسي العربي البائس في منهجية الحكم وطريقة إدارة الدولة، وطريقة أداء المعارضة الناقص والمشوه احياناً، إذ إنّ كلا الطرفين خضعا لمنطق الاستبداد والاستفراد بالسلطة، الطرف الاول استجاب بطريقة ايجابية، والطرف الثاني استجاب بطريقة سلبية، وتتبدى معالم هذا الاغتراب بأنّ المعارضة تكتفي بقول كلمتها ثمّ تمضي، وكأنّ الوطن والشعب لا يعنيها، فلا تتعب نفسها في البحث عن الحلول والمبادرات، ولا تجد نفسها معنية بالإسهام في حلّ الأزمة، وتمضي وهي منتشية بعمق الأزمة على تقدير من المعارضة أنّ الأزمة أزمة نظام، وليست أزمة وطن بأكمله، وأزمة دولة وليست أزمة حكومة أو سلطة.
لقد تعمّق شعورٌ غريبٌ لدى المعارضة مع طول الزمن، بأنّ الحكومة هي الدولة؛ ولذلك لا يعتبرون أنفسهم جزءاً من الدولة، فمهما كانت أخطاء رجال الحكومة ومؤسسة القرار؛ فإنّ الآثار الناتجة عن القرار الخاطئ تمس جميع مكونات الدولة، والمعارضة مكون من مكوناتها شاءت أم أبت، ولذلك يحتم هذا على المعارضة أن تبذل قصارى جهدها في وقاية شعبها ووقاية الدولة عن طريق الحلول العملية والمبادرات الايجابية، وأن تمارس لعبة الضغط السياسي بسحب "شعرة معاوية"، بمعنى يجب أن تكون غاية المعارضة منع وقوع الدولة والشعب في مستنقع الأزمة.
وإذا كانت المسؤولية بحجم الأثر، فينبغي على المعارضة أن تسعى لتعظيم هذا الأثر بطريقة ايجابية، ولا يكون عمل المعارضة كله بشكلٍ سلبي على مدار الأيام، فالسلوك السلبي هو الأسهل، وليس الأسهل دائماً هو الأكثر صحة.
أود القول بطريقة اكثر وضوحاً إنّ المعارضة يجب أن يتملكها شعورٌ قويٌ بأنّ الأردن دولتي، والشعب الأردني شعبي، يجب أن أعمل على حمايته وصيانة مقدراته مهما كلف ذلك من ثمنٍ وتضحيات.
والحماية لا تقتصر فقط على الكلام والنقد المباشر لمظاهر الخطأ، وإنّما بالعمل والانخراط في البحث عن أدوات ايجابية قادرة على صنع دور شعبي فاعل ومؤثر ومنتج، كما يجب القول إنّ السياسة ليست تصريحات إعلاميّة فاقعة، ولا تكون بمجرد الحرص على الأضواء، ولكن السياسة قولٌ وعملٌ، وجزءٌ كبيرٌ من العمل السياسي لا يظهر للإعلام والاستعراض التمثيلي."العرب اليوم"
وفي هذا الصدد ينبغي الإشارة إلى الشعور بالاغتراب الذي يتملك قطاعات كثيرة واسعة في المعارضة السياسية الأردنية، ويمكن تلمس هذا الشعور والوقوف عليه من خلال التصرفات والاتجاهات السلوكية لديها بوضوحٍ ظاهرٍ للعيان، حتى أصبح يمثل ظاهرة مرضية خطيرة تستحق العلاج الفوري من قوى المعارضة الفاعلة، وتستحق الدراسة والبحث العميق الجدي، المصحوب بالشجاعة الاستثنائية للاعتراف بالخطأ.
هذه الظاهرة المرضية أسهم فيها الوضع السياسي العربي البائس في منهجية الحكم وطريقة إدارة الدولة، وطريقة أداء المعارضة الناقص والمشوه احياناً، إذ إنّ كلا الطرفين خضعا لمنطق الاستبداد والاستفراد بالسلطة، الطرف الاول استجاب بطريقة ايجابية، والطرف الثاني استجاب بطريقة سلبية، وتتبدى معالم هذا الاغتراب بأنّ المعارضة تكتفي بقول كلمتها ثمّ تمضي، وكأنّ الوطن والشعب لا يعنيها، فلا تتعب نفسها في البحث عن الحلول والمبادرات، ولا تجد نفسها معنية بالإسهام في حلّ الأزمة، وتمضي وهي منتشية بعمق الأزمة على تقدير من المعارضة أنّ الأزمة أزمة نظام، وليست أزمة وطن بأكمله، وأزمة دولة وليست أزمة حكومة أو سلطة.
لقد تعمّق شعورٌ غريبٌ لدى المعارضة مع طول الزمن، بأنّ الحكومة هي الدولة؛ ولذلك لا يعتبرون أنفسهم جزءاً من الدولة، فمهما كانت أخطاء رجال الحكومة ومؤسسة القرار؛ فإنّ الآثار الناتجة عن القرار الخاطئ تمس جميع مكونات الدولة، والمعارضة مكون من مكوناتها شاءت أم أبت، ولذلك يحتم هذا على المعارضة أن تبذل قصارى جهدها في وقاية شعبها ووقاية الدولة عن طريق الحلول العملية والمبادرات الايجابية، وأن تمارس لعبة الضغط السياسي بسحب "شعرة معاوية"، بمعنى يجب أن تكون غاية المعارضة منع وقوع الدولة والشعب في مستنقع الأزمة.
وإذا كانت المسؤولية بحجم الأثر، فينبغي على المعارضة أن تسعى لتعظيم هذا الأثر بطريقة ايجابية، ولا يكون عمل المعارضة كله بشكلٍ سلبي على مدار الأيام، فالسلوك السلبي هو الأسهل، وليس الأسهل دائماً هو الأكثر صحة.
أود القول بطريقة اكثر وضوحاً إنّ المعارضة يجب أن يتملكها شعورٌ قويٌ بأنّ الأردن دولتي، والشعب الأردني شعبي، يجب أن أعمل على حمايته وصيانة مقدراته مهما كلف ذلك من ثمنٍ وتضحيات.
والحماية لا تقتصر فقط على الكلام والنقد المباشر لمظاهر الخطأ، وإنّما بالعمل والانخراط في البحث عن أدوات ايجابية قادرة على صنع دور شعبي فاعل ومؤثر ومنتج، كما يجب القول إنّ السياسة ليست تصريحات إعلاميّة فاقعة، ولا تكون بمجرد الحرص على الأضواء، ولكن السياسة قولٌ وعملٌ، وجزءٌ كبيرٌ من العمل السياسي لا يظهر للإعلام والاستعراض التمثيلي."العرب اليوم"