jo24_banner
jo24_banner

محجبة في التلفزيون المصري

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 :

أدى ظهور محجبة مصرية على شاشة التلفزيون الحكومي المصري - بعد فوز الرئيس المصري "محمد مرسي" بأول انتخابات حقيقية في تاريخ الرئاسة المصرية - إلى ضجة إعلامية داخل مصر وخارجها، وتم توظيف هذا الحدث في إشعال الحرب الإعلامية التي يقودها خصوم الثورة من فلول النظام البائد، ومن مرضى القلوب والعقول الذين يبحثون عن إثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار المصري، وإفشال التجربة الديمقراطية المصرية، عن طريق التحريض والتعبئة للعوام، بطرح مقولات يخوفون بها الناس تحت عنوان التحذير من "أخونة الدولة".

ويتم الاستشهاد على هذا المنحى من خلال البحث في التعيينات الأخيرة في مصر عن أصحاب اللحى، والمحجبات، وذوي الميول والاتجاهات الإسلامية وقد وجد هؤلاء ضالتهم في هذه الحادثة التي تمثلت بتعيين مذيعة أخبار مصرية محجبة؛ حيث لم يتم الاعتراض على كفاءتها وقدراتها، وإنما تم الاعتراض على لباسها الذي يمثل ثقافة 90 % من النساء المصريات والمجتمع العربي والإسلامي عموماً.
مؤسسة التلفزيون المصري تحوي (47) ألف موظف وموظفة، ويجادل هؤلاء الإعلاميون أن تعيين موظفة محجبة من بين هذا العدد الكبير سوف يؤدي إلى أخونة الدولة، ويجرؤ هؤلاء على ممارسة الاستغفال والتضليل للرأي العام المصري، بهذه الطريقة الفجة، وبهذه الطريقة التي تخلو من الذوق، فضلاً عن الافتقار إلى العلمية والمنهجيّة الصحيحة.

هؤلاء الذين استمرأوا طوال نصف قرن من الزمان الحرب على الإسلاميين، واستمرأوا فعل الأنظمة القائم على مطاردة الكفاءات الوطنية وإبعادهم عن مراكز التوجيه والمواقع الإعلامية، واستمرأوا مصادرة حق المحجبات في التعيين في تلفزيون الحكومة ومصادرة حقهن في التوظيف في شركات الطيران وفي قطاع عريض من مؤسسات الدولة، وتكيف هؤلاء الإعلاميون مع هذا الظلم، وأصبحت عقولهم ترى في الاقصاء والإبعاد لهذه الفئة، عرفاً مصرياً وعربيّاً لا يجوز الخروج عليه.
هؤلاء الإعلاميون والكتاب لم يعمدوا إلى مناصرة الحريات، أو الدفاع عن أصحاب الحقوق المصادرة، بل انقلبوا على وجوههم، وساروا في طريق معاكس للحرية، ومناقض للعقل والمنطق، ومنافي للمنهج العلمي الموضوعي، وبدلاً من الاعتذار عن التقصير في مناصرة هؤلاء المظلومين والمسحوقين طوال نصف قرن من الزمان، نراهم جرّدوا أقلامهم، واستلوا أسلحتهم في معركة خاسرة وحرب بائسة تصب في نصرة الاستبداد والفساد وتطالب في إعادة عقارب الساعة إلى الخلف، وعودة حقبة القمع ومصادرة الحريات، لأنهم أدمنوا على الذل والخنوع للمستبدين، واستمرأ كثير منهم الهجوم على كل من يحمل هوية الأمة وإحياء مشروعها الحضاري الإسلامي العالمي، سعياً لإرضاء خصوم الأمة وأعدائها، سواء من أتباع التحالف الصهيوني الغربي الحاقد على الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي أحيا أمة العرب وجعلها في قمة الهرم القيادي بين أمم الأرض، أو من مشروع الالحاد المادي الذي دفن في أرضه ومهده، وما زال له مبشرون ومنظرون بين ظهرانينا.

rohileghrb@yahoo.com


(العرب اليوم)

تابعو الأردن 24 على google news