دخول روسيا يعني خروج الأسد
لا ولم يدعم الروس نظام بشار الأسد في روسيا من اجل سواد عينيه او لصلة قرابة بينه وبين بوتين او لأن اصوله من موسكو، روسيا باختصار دافعت وتدافع عن مصالحها في المنطقة خاصة بعد ان فقدت تواجدها في العديد من الدول التي سقطت انظمتها خلال العشرين سنة الاخيرة، ومصالح موسكو في روسيا تعتبر الاكبر والاهم حيث تشكل لهم المنفذ الوحيد على البحار الدافئة ولذلك فقد كان الروس هذه المرة اكثر عنادا واصرارا على موقفهم مقارنة بحالات سابقة كالعراق وليبيا ولم يقبلوا بالتراجع ولو خطوة واحدة الى الخلف كما فعلوا في المرات السابقة لأن ذلك يعني خسارة استراتيجية غير قابلة للتعويض.
الروس قرأوا المعادلة جيدا منذ البداية بل ولعبوا دورا في صياغتها وفقا لما تمليه عليهم مصالحهم وقرروا ان عليهم هذه المره ان يخرجوا بأكبر المكاسب في المنطقة وليس بأقل الاضرار كما جرت العادة، وهم ايضا قرأوا التعقيدات التي تحكم علاقات القوى المتصارعة سواء الدول او المجموعات المسلحة على اختلاف الوانها واستوعبوا جيدا المخاوف التي تنتاب الجميع من انتصار أو خسارة هذا الطرف أو ذاك.
في تعاملها مع الأزمة السورية استفادت روسيا كثيرا من دروس الماضي البعيد والقريب ومن تجاربها في أزمات مثل العراق والبلقان وحتى اوكرانيا، ومن الواضح ان الروس قد استنتجوا ان تحقيق مصالحهم المباشرة يكمن في تطبيق المثل القائل "ما حك جلدك مثل ظفرك" وانهم قد توصلوا الى قناعة أنه لا يمكنهم المحافظة على مصالحهم من خلال الاكتفاء بدعم الأنظمة الحليفة لهم وأن التواجد المباشر في مناطق النزاع كفيل بفرض الشروط التي تحقق لموسكو ما ترغب به، وبرأيي فقد طبقت موسكو هذه الفكرة على ارض الواقع وبدأت بترسيخ تواجدها الفعلي على الاراضي السورية وبالتحديد في منطقة الساحل.
وخلافا لما يراه الكثير من المحللين بأن هذا التواجد الروسي في سوريا يشكل دعما لنظام بشار الأسد فأنني ارى ان ما يحدث هو بداية نهاية هذا النظام، وان دخول القوات الروسية الى سوريا يعني بالضرورة التمهيد لخروج بشار الأسد، ولا اقول هنا نهاية النظام السوري ولكن نهاية الأسد والحلقة الضيقة المحيطة به، ربما بعد المرور بفترة انتقالية تتفق عليها القوى الاقليمية والدولية وتنخرط فيها قوى المعارضة واجزاء من النظام السوري ممن يشكلون الصف الثاني حاليا وبالتأكيد دون دخول القوى المصنفة في خانة التطرف والارهاب.
ببساطة فأن التواجد الروسي يعني أن موسكو قررت ان تحافظ على مصالحها في سوريا والمنطقة بنفسها وليس من خلال وكيل، وهنا يمكن لروسيا ان تتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة على طريقة التعامل مع الأزمة السورية ولن تمانع في أن يكون التخلص من بشار الاسد وحلقته الضيقة ثمنا لتسوية هذه الأزمة طالما ضمنت روسيا تواجدها وحفاظها على مصالحها بنفسها وأن اي نظام في مرحلة ما بعد الاسد لن يهدد هذه المصالح.