jo24_banner
jo24_banner

تحالف واسع

محمد الحسيني
جو 24 :

حتى من لا يتعاطى السياسة وصل الى قناعة بان هناك التفافا رسميا حول كل مطالب الاصلاح، بل ان الامر تعدى الالتفاف الى الصدام مع كل الطروحات التي حاولت الوصول الى حلول وسط تدفع الاصلاح في البلاد الى الامام، ونحن الان امام كتلة من التشريعات المعيقة تماما لاي مسيرة اصلاحية، فقانون الاحزاب الجديد اكثر تعقيدا من سابقه وقانون الانتخاب ليس الا اعادة انتاج مشوهة لقانون الصوت الواحد، وفي الحالتين تم ضرب توصيات لجنة الحوار الوطني بعرض الحائط مع اضافة (زيادة البياع) باقرار قانون المطبوعات والنشر الذي يهدف الى تكميم الافواه وتعتيم الابصار، كل ذلك يتم بالتوازي مع حملة اعتقالات لناشطي الحراكات وجمود واضح (ان لم يكن تراجعا) في كل ما له علاقة بملفات الفساد، اضافة الى اداء تشريعي مخز لمجلس النواب الذي اقر القوانين انفة الذكر بسرعة الصاروخ فيما جرى تهريب النصاب او حتى الادعاء بتهريب النصاب في قوانين اخرى لا تريد بعض القوى ان يتم تداولها تحت القبة وامام الناس، وطبعا دون ان ننسى السياسات الاقتصادية الرسمية التي استسهلت التعدي على جيب المواطن فيما لم تجرؤ حتى على الحديث عن تفعيل الدستور من خلال فرض الضريبة التصاعدية كما كان رئيس الوزراء الحالي قد قال في بداية فترة وزارته، بل ووصل الامر الى تفريغ التعديلات الدستورية من مضمونها من خلال قوانين وانظمة تقيدها.


في المحصلة نحن امام مشهد معتم، ليس فقط بالمقارنة مع ما تشهده المنطقة والاردن من تحولات نتيجة الربيع العربي، بل حتى بالمقارنة بما كانت عليه الامور في فترات سابقة، ومن يتابع يتولد لديه شعور قوي بان هناك رغبة رسمية باعادة البلاد الى فترة ما قبل التسعينات، اي باختصار الى فترة الاحكام العرفية، او ان صانعي القرار قد اصابهم مرض اللامبالاة وانهم على استعداد للذهاب بالبلد الى حقل الغام قد تنفجر بالجميع لا قدر الله.


وبما ان تحالف قوى الشد العكسي يحتفل الان بما حققه من نكسات، فان الوقت قد حان للحديث عن تحالف واسع لكل الرافضين لسياسات التراجع عن الاصلاح، ولكل المطالبين باصلاح حقيقي جذري بعيد عن المصالح الشخصية او المناطقية، تحالف يضم كل من يؤمن بالديمقراطية منهجا للحكم، بعيدا عن الاختلاف حول التفاصيل والايدلوجيا، فالمرحلة الان لا تحتمل مثل هذه الخلافات ولا تحتمل ان يظل المطالبون بالاصلاح مشتتين على منابر واطر متعددة، فالتجربة اثبتت انه لا يمكن الوصول الى الحد الادنى من المطالب الاصلاحية الا من خلال العمل الجماعي البعيد عن الانانية والانتهازية وصفقات ما تحت الطاولة.


ولحسن الحظ فان لدينا ما يمكن ان نستند اليه لبناء هذا التحالف، والحديث هنا عن مخرجات لجنة الحوار الوطني والمتمثلة في الديباجة ومقترح قانون الانتخاب ومقترح قانون الاحزاب، فهذه المخرجات يمكن ان تكون اساسا لعمل مشترك يجمع كل القوى المطالبة بالاصلاح ويمكن ان تشكل حدا ادنى للمطالب التي ان تحققت فانها ستكون خطوة على الطريق الصحيح، ومن هنا فان على كل المخلصين من ابناء هذا الوطن ان ينبذوا كل ما من شأنه ان يفرقهم وان يتنادوا الى عقد لقاء موسع باجندة واضحة، ويخرج عنه جسد تنسيقي موحد قادر على طرح المطالب المشروعة امام صانعي القرار وقادر على مواجهة تحالف قوى الشد العكسي، وبغير ذلك فسينتهي بنا المطاف الى وضع خطير لا يرغب به احد.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير