حزب حاكم أم تجربة أخرى فاشلة ؟
محمد الحسيني
جو 24 : شكل اعلان الائتلاف الجديد لخمس أو ست كتل في مجلس النواب مادة خصبة للحديث عن ولادة مشروع حزب سياسي كبير يمكن وصفه بالحزب الحاكم نتيجة وجود ما يزيد عن 82 نائبا في عضوية هذا الائتلاف وهو ما يشكل اغلبية نيابية قادرة على السيطرة على كافة المواقع واللجان في المجلس، خاصة أن رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة قد قال في كلمته بمناسبة اعلان هذا الائتلاف الى أنه يجب ان يتجاوز اهدافه الانية وصولا الى تشكيل حزب سياسي كبير.
هذا الائتلاف والاعلان عنه يفتح الابواب أمام عديد التساؤلات، ومنها ما اذا كانت هذه الخطوة مؤشرا على تغييرات قادمة في النظام الانتخابي أو في الية تشكيل الحكومات أو في قانون الاحزاب، كما يطرح العديد من الاسئلة حول التطورات المستقبلية داخل مجلس النواب وخاصة فيما يتعلق بدور المجلس في دعم سياسات معينة على المستويين الداخلي والخارجي.
ومع أن هذا الائتلاف يعتبر الاكبر في تاريخ العمل البرلماني الأردني، الا ان التجربة ليست بالجديدة، فقد تابعنا سابقا محاولات تشكيل كتل وائتلافات كبيرة وتحويلها الى احزاب كما في تجربة التيار الوطني الأردني في المجلس السادس عشر، أو عكس ذلك عندما اندمجت تسعة احزاب (وسطية) في التسعينات وشكلت الحزب الوطني الدستوري الذي كان يطمح انذاك بدخول مجلس النواب كحزب واحد كبير ليشكل الحكومة.
علينا هنا ان ننظر للأمر بايجابية، فتشكيل احزاب كبيرة وقوية هو مطلب سياسي مهم ومتوافق مع رؤية الملك الاصلاحية وكذلك مع رؤية المطالبين باصلاحات سياسية حقيقية، ولكن علينا ايضا ان لا ننسى كيف انتهت التجارب السابقة والتي لم يكن كافيا لنجاحها وجود شخصيات سياسية من الوزن الثقيل على رأسها وفي عضويتها، ورأينا جميعا كيف لم يتمكن حزب التيار الوطني من الحصول على اكثر من مقعد واحد في مجلس النواب الحالي سواء في الدوائر الفردية أو القوائم الوطنية، على الرغم من وجود اسماء ذات ثقل سياسي وانتخابي كبير في عضويته.
ان نجاح هذه التجربة وغيرها من التجارب المماثلة مرتبط بشكل مباشر بتغيير النظام الانتخابي بما يعطي فرصة حقيقية للأحزاب والائتلافات السياسية لخوض غمار الانتخابات والوصول الى مقاعد المجلس، وهذا لن يتم اذا ما تم الابقاء على النظام الحالي الذي يعطي الافضلية للمرشحين الأفراد على القوائم والاحزاب.
وطالما أن هذا الائتلاف يضم اغلبية نيابية معتبرة، فمن المنطقي أن يسعى الى تغيير النظام الانتخابي بما يتوافق مع هدف وجود احزاب وائتلافات كبيرة داخل المجلس، لذا فانه واعتبارا من تاريخ اعلان هذا الائتلاف فان المسؤولية تقع عليه الان في تغيير النظام الانتخابي واقرار عدد من القوانين المرتبطة بالعمل السياسي مثل قوانيين الاحزاب واللامركزية والبلديات، وبغير ذلك لن يكن لهذا الائتلاف أي جدوى حقيقية.
في المقابل، على القوى السياسية الأخرى أن تتجه فورا الى تنسيق جهودها لتشكل جبهة موازية لخلق حالة من التوازن الصحي مع الائتلاف الجديد، وهذه فرصة سانحة لتشكيل احزاب اكبر وذات ثقل سياسي وشعبي حقيقي ليقف امام ما يمكن أن يكون حزبا حاكما، ولننتقل الى مرحلة جديدة تتسم بالتعددية وتداول السلطة بين احزاب ذات برامج وسياسات واضحة ومدعومة شعبيا من خلال صندوق الاقتراع، وبغير ما سبق فانني اخشى ان نكون امام تجربة اخرى فاشلة.
*مدير مركز هوية ورئيس ائتلاف نزاهة لمراقبة الانتخابات
محمد الحسيني
هذا الائتلاف والاعلان عنه يفتح الابواب أمام عديد التساؤلات، ومنها ما اذا كانت هذه الخطوة مؤشرا على تغييرات قادمة في النظام الانتخابي أو في الية تشكيل الحكومات أو في قانون الاحزاب، كما يطرح العديد من الاسئلة حول التطورات المستقبلية داخل مجلس النواب وخاصة فيما يتعلق بدور المجلس في دعم سياسات معينة على المستويين الداخلي والخارجي.
ومع أن هذا الائتلاف يعتبر الاكبر في تاريخ العمل البرلماني الأردني، الا ان التجربة ليست بالجديدة، فقد تابعنا سابقا محاولات تشكيل كتل وائتلافات كبيرة وتحويلها الى احزاب كما في تجربة التيار الوطني الأردني في المجلس السادس عشر، أو عكس ذلك عندما اندمجت تسعة احزاب (وسطية) في التسعينات وشكلت الحزب الوطني الدستوري الذي كان يطمح انذاك بدخول مجلس النواب كحزب واحد كبير ليشكل الحكومة.
علينا هنا ان ننظر للأمر بايجابية، فتشكيل احزاب كبيرة وقوية هو مطلب سياسي مهم ومتوافق مع رؤية الملك الاصلاحية وكذلك مع رؤية المطالبين باصلاحات سياسية حقيقية، ولكن علينا ايضا ان لا ننسى كيف انتهت التجارب السابقة والتي لم يكن كافيا لنجاحها وجود شخصيات سياسية من الوزن الثقيل على رأسها وفي عضويتها، ورأينا جميعا كيف لم يتمكن حزب التيار الوطني من الحصول على اكثر من مقعد واحد في مجلس النواب الحالي سواء في الدوائر الفردية أو القوائم الوطنية، على الرغم من وجود اسماء ذات ثقل سياسي وانتخابي كبير في عضويته.
ان نجاح هذه التجربة وغيرها من التجارب المماثلة مرتبط بشكل مباشر بتغيير النظام الانتخابي بما يعطي فرصة حقيقية للأحزاب والائتلافات السياسية لخوض غمار الانتخابات والوصول الى مقاعد المجلس، وهذا لن يتم اذا ما تم الابقاء على النظام الحالي الذي يعطي الافضلية للمرشحين الأفراد على القوائم والاحزاب.
وطالما أن هذا الائتلاف يضم اغلبية نيابية معتبرة، فمن المنطقي أن يسعى الى تغيير النظام الانتخابي بما يتوافق مع هدف وجود احزاب وائتلافات كبيرة داخل المجلس، لذا فانه واعتبارا من تاريخ اعلان هذا الائتلاف فان المسؤولية تقع عليه الان في تغيير النظام الانتخابي واقرار عدد من القوانين المرتبطة بالعمل السياسي مثل قوانيين الاحزاب واللامركزية والبلديات، وبغير ذلك لن يكن لهذا الائتلاف أي جدوى حقيقية.
في المقابل، على القوى السياسية الأخرى أن تتجه فورا الى تنسيق جهودها لتشكل جبهة موازية لخلق حالة من التوازن الصحي مع الائتلاف الجديد، وهذه فرصة سانحة لتشكيل احزاب اكبر وذات ثقل سياسي وشعبي حقيقي ليقف امام ما يمكن أن يكون حزبا حاكما، ولننتقل الى مرحلة جديدة تتسم بالتعددية وتداول السلطة بين احزاب ذات برامج وسياسات واضحة ومدعومة شعبيا من خلال صندوق الاقتراع، وبغير ما سبق فانني اخشى ان نكون امام تجربة اخرى فاشلة.
*مدير مركز هوية ورئيس ائتلاف نزاهة لمراقبة الانتخابات
محمد الحسيني