زمن التناقضات
إن الناظر إلى الأحداث المتسارعة منذ بداية ربيع الشعوب ، وبعدما انطلقت الأفواه ، وفي طبيعة الحال سوف ينعكس ذلك على الدور الإعلامي ، إذ أن الإعلام هو مرّآة الشارع ، وخاصة أذا قام بدوره المهني كما هو ، وهذا المسار أذا اندفع في اتجاهه الصحيح بدون معوقات ، فإنه سوف يكون بحد ذاته هيكلً متكاملً يحمل كل معاني الإصلاح ، بل وسيلة تردع كل من تسول له نفسه أن يفكر إلا بالإصلاح.
وإن البشرية فُطرة على أمر لا يتغير حتى قيام الساعة ، "تدافع الحق والباطل" ، ومن هذا التدافع - المسار الإعلامي - يسير في اتجاه معاكس لاتجاهات أخرى له تمامً.
ومن ذات الطبيعة سوف يمارس الاتجاه المعاكس لهذا المسار وبكل ما أؤتي من قوة عرقله لهذا المسار حتى يغير من اتجاه مساره ، فيُحوّله من مرّآة للشارع إلى مُضلل للشارع ، ويكون بذلك خرج عن دوره المهني.
فإذا فُهمت هذه المعادلة جيداً ، فإنه يسهُل الإجابة على كثير من الأسئلة بل ومعرفة معالِم الطريق جيداً.
إن السلوك البشري في الغالب يقوم على دوافع مادية أو معنوية ، وإن القرار الذي يخرج تحت مظلة "أي نظام" أو جهة ما هو إلا سلوك تجري عليه هذه الدوافع . وقد تتوافق السلوك وتختلف الدوافع ، وهنا تتدخل السياسات السلوكية لتحقق بعض المكاسب الآنية ، ولكنها سرعان ما تفترق ، وهذه المعادلة المعقدة المتكررة تسبب بعض الإشكالات في فهم البعض ، وخاصة الغير مؤهل لفهم هذه المعادلات الصعبة ، فيخدع ببعض القرارات أو الشعارات المتناقضة ، وما هي إلا كالسراب .
وإلا كيف ؟؟؟؟؟
" يحارب الحراك وتخرس الأفواه وتكسر الأقلام وتمنع المطبوعات ويعتقل الصحفي - صاحب الدور المهني - ويقيّد الشيخ " ، في ظل هذه الأجواء يقدم للمجتمعات المشروع الديمقراطية ..... فإن الناظر إلى هذا سيصرخ قائلاً ((حقا هذا زمن التناقضات)).