jo24_banner
jo24_banner

هل توقفت سرقة حبات العلكة؟

جمانة غنيمات
جو 24 :

لربما يكون خبر إلقاء القبض على الشاب سارق "حبة العلكة"، الذي كتبه الزميل موفق كمال في "الغد" أمس وتناقلته عقب ذلك الكثير من المواقع الإلكترونية، هو الأكثر إثارة منذ أشهر؛ إذ أخذ الخبر أبعادا وتحليلات وإسقاطات تتجاوز حيز المعلومة نفسها.

ولا أدري لماذا تذكرت رسالة إلكترونية استلمتها تتضمن تفاصيل وتقديرات حول حجوم الأموال التي ضاعت على الخزينة، والمقدرة بملايين الدنانير، نتيجة تقصير الحكومات. وتساءلت أيضا: كم أضاعت حكوماتنا من أموال فسادا وهدرا؟
شخصيا، انتابتني مشاعر متضاربة؛ فمن ناحية، السرقة مرفوضة كمبدأ أخلاقي وإنساني، ومن يسرق القليل لا يتوانى عن نهب الكثير. وعلى الضفة الأخرى ضُخمت القصة نتيجة إصرار صاحب "المول" على مقاضاة الشاب، الأمر الذي سيؤثر عليه طوال حياته.

الجزئية الأهم تكمن في ردود الأفعال. إذ حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ليس لها أول من آخر، وأظهر المتابعون تعاطفا مع الشاب الذي تداعت كل الأجهزة المعنية للقبض عليه، فيما تفلّت من قبضتها مدانون تم توقيفهم وصدرت بحقهم قرارات قضائية، لكن بدون جدوى.

الآراء انطوت على موقف رافض لثنائية التعامل مع الأخطاء وازدواجية المعايير. ففي الوقت الذي يظل البعض معصوما متنعما بفساده وسرقته، والسلطات تغض الطرف عنه، نجد الأجهزة المعنية تهب لاعتقال سارق حبة علكة!

وعندما نعلم أن آلافا من القرارات غير منفذة بحق متنفذين، ونجد الحكومة ماضية في إجراء تسويات مالية مع البعض ممن تطاولوا على المال العام، ندرك أن صغار السارقين هم من يعاقبون، فيما الحيتان وكبار الفاسدين يتنعمون بأموال غيرهم.

حبة العلكة أعادت الحديث عن ملفات الفساد؛ وكيف ساهم مجلس النواب في طيها جميعها بمسرحية هزلية لم تقنع أحدا، باستثناء المتورطين فيها الذين يظنون أنهم بتواطئهم مع عدد من نوابنا الكرام استطاعوا اقناع المجتمع بأنه لا فساد لدينا.

التعليقات انصبت على أشكال حماية الفاسدين في الأردن ممن أضاعوا المال العام والخاص، إذ خاضت السلطتان التنفيذية والتشريعية معركة حامية وحاسمة لحماية الفاسدين، ولم يرد الحق لأصحابه.

بعد القبض على سارق "حبة العلكة"، حُلت كل المشاكل، وطمئنت القلوب. ويمكننا القول إن مساعي الحكومات وكل تصريحاتها حول محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين نجحت. ومن حق الجميع الاطمئنان اليوم إلى أن جميع ملفات الفساد اليوم صارت في أيد أمينة.

عقب الإمساك بسارق "حبة العلكة"، ستغلق آلاف القضايا التي حولتها هيئة مكافحة الفساد إلى الجهات المعنية، إذ لم يعد من مبرر لبقائها محفوظة في الأدراج.

لو أن صديقنا صاحب "المول" فكر قليلا في حالنا، لو علم كم سيثير تصرفه من قيل وقال حول ملفات الفساد، لسعت الدولة قبل غيرها إلى إسكاته ووقف شكواه، فهو بإصراره على تطبيق القانون أثار شجون كثيرين، وكشف عورات الجهات المسؤولة التي طالما تخاذلت عن تطبيق القانون، وبنت بوابات وسرادق لتهريب الفاسدين.

لو أن مسؤولين، في القطاعين العام والخاص، سرقوا حبات العلكة فقط، لما ثار الناس ونزلوا إلى الشارع مطالبين بمحاربتهم ومحاسبتهم.

لكن سؤال المليون، بعد كل الغضب الشعبي: هل توقف المسؤولون عن سرقة حبات العلكة؟

jumana.ghunaimat@alghad.jo

(الغد)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير