إيران كسبت الأسد وخسرت العرب والمسلمين
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : استطاعت إيران أن تحقق انجازات سياسية وعسكرية ضخمة خلال العقدين الأخيرين من خلال استراتيجيتها القائمة على الاستثمار الذكي في نصرة المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية في مواجهة "اسرائيل" التي كانت تخطط للهيمنة الأحادية على المستوى الإقليمي، عن طريق تجريد الدول العربية والإسلامية من امتلاك الأسلحة الاستراتيجية، وكل أدوات القوة وعناصرها، ولكن إيران استطاعت تجاوز هذا المخطط ومضت في طريقها نحو امتلاك الخيار النووي.
رغم هذا الانجاز الكبير الذي حققته إيران إلاّ أنها ارتكبت أخطاء كبيرة وقاتلة على المستوى الاستراتيجي، ابتداء من التقوقع المذهبي الطائفي الضيق، كما أنها أقدمت على تقديم خدمات جليلة للغزو الأمريكي الغاشم على افغانستان والعراق، من أجل امتلاك القدرة على المساومة بشأن مصالحها الضيقة على حساب مصالح الأمة الاستراتيجية الكبرى، وعلى حساب المبادئ التي ارتكزت عليها الثورة الإيرانية.
الخطأ القاتل الأكبر الذي وجه الضربة القاضية لمشروع إيران الاستراتيجي الإقليمي يتمثل بالموقف الحاسم مع النظام السوري القمعي المستبد ضد ثورة الشعب السوري الذي يريد الحرية والكرامة والديمقراطية، ويريد استرداد حقوقه المغتصبة في السلطة والسيادة على مقدرات الدولة، لقد تنكرت إيران في هذا الموقف لمبادئ الثورة الإيرانية التي كانت ملهمة لكل الشعوب المقهورة والمستضعفة في نضالها ضد قوى الاستكبار ومن أجل التخلص من التبعية والذيليّة، والتحرر من الزعماء الفاسدين المستبدين، من خلال نجاح النموذج الإيراني الثوري ضد حكم الشاه، الذي كان يؤمل أن يكون نصيراً للمستضعفين في الأرض.
لقد اختارت إيران الوقوف مع نظام بشار الأسد في موقف قصير النظر، خسرت من خلاله ما أنجزته خلال ثلاثين عاماً، إذ انها خسرت امتداداتها وعمقها في العالم العربي الإسلامي، وخسرت تعاطف الجماهير المسلمة مع مشروعها الذي تحول إلى مشروع طائفي مذهبي ضيق، وربما سوف تخسر مشروعها النووي أيضاً في معركة قادمة سوف تجد نفسها فيها وحيدة في مواجهة المشروع الصهيوني-الأمريكي-الغربي العازم على تجريد إيران من التقنية النوويّة، لأنها كررت خذلان الشعوب الاسلامية في باكستان وعلى امتداد الرقعة الإسلامية، من دون ان تحسب عواقب المثل القائل: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".
الثورة العربية الحديثة، ثورة حريّة وكرامة، وثورة شعوب مستضعفة تختزن شوقها العظيم للحرية كما تختزن عشقها الأبدي للمشروع الحضاري الاسلامي الكبير، الذي يشكل الإطار الواسع المرن الذي يتسع لكل الشعوب العربية والإسلامية بكل مكوناتها وبكل أقطارها، التي باستطاعتها تشكيل الموجة الحضارية القادمة التي تمزح الإيمان بالتحضر، والسياسة بالقيم والأصالة بالحداثة، والسلام بالقوة، والانتصار بالتواضع، والحريّة بالمسؤولية، وهي ماضية بثقة نحو تحقيق هذا الحلم الكبير، مهما كانت التضحيات، ومهما كان حجم الخذلان.
rohileghrb@yahoo.com
(العرب اليوم)
رغم هذا الانجاز الكبير الذي حققته إيران إلاّ أنها ارتكبت أخطاء كبيرة وقاتلة على المستوى الاستراتيجي، ابتداء من التقوقع المذهبي الطائفي الضيق، كما أنها أقدمت على تقديم خدمات جليلة للغزو الأمريكي الغاشم على افغانستان والعراق، من أجل امتلاك القدرة على المساومة بشأن مصالحها الضيقة على حساب مصالح الأمة الاستراتيجية الكبرى، وعلى حساب المبادئ التي ارتكزت عليها الثورة الإيرانية.
الخطأ القاتل الأكبر الذي وجه الضربة القاضية لمشروع إيران الاستراتيجي الإقليمي يتمثل بالموقف الحاسم مع النظام السوري القمعي المستبد ضد ثورة الشعب السوري الذي يريد الحرية والكرامة والديمقراطية، ويريد استرداد حقوقه المغتصبة في السلطة والسيادة على مقدرات الدولة، لقد تنكرت إيران في هذا الموقف لمبادئ الثورة الإيرانية التي كانت ملهمة لكل الشعوب المقهورة والمستضعفة في نضالها ضد قوى الاستكبار ومن أجل التخلص من التبعية والذيليّة، والتحرر من الزعماء الفاسدين المستبدين، من خلال نجاح النموذج الإيراني الثوري ضد حكم الشاه، الذي كان يؤمل أن يكون نصيراً للمستضعفين في الأرض.
لقد اختارت إيران الوقوف مع نظام بشار الأسد في موقف قصير النظر، خسرت من خلاله ما أنجزته خلال ثلاثين عاماً، إذ انها خسرت امتداداتها وعمقها في العالم العربي الإسلامي، وخسرت تعاطف الجماهير المسلمة مع مشروعها الذي تحول إلى مشروع طائفي مذهبي ضيق، وربما سوف تخسر مشروعها النووي أيضاً في معركة قادمة سوف تجد نفسها فيها وحيدة في مواجهة المشروع الصهيوني-الأمريكي-الغربي العازم على تجريد إيران من التقنية النوويّة، لأنها كررت خذلان الشعوب الاسلامية في باكستان وعلى امتداد الرقعة الإسلامية، من دون ان تحسب عواقب المثل القائل: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".
الثورة العربية الحديثة، ثورة حريّة وكرامة، وثورة شعوب مستضعفة تختزن شوقها العظيم للحرية كما تختزن عشقها الأبدي للمشروع الحضاري الاسلامي الكبير، الذي يشكل الإطار الواسع المرن الذي يتسع لكل الشعوب العربية والإسلامية بكل مكوناتها وبكل أقطارها، التي باستطاعتها تشكيل الموجة الحضارية القادمة التي تمزح الإيمان بالتحضر، والسياسة بالقيم والأصالة بالحداثة، والسلام بالقوة، والانتصار بالتواضع، والحريّة بالمسؤولية، وهي ماضية بثقة نحو تحقيق هذا الحلم الكبير، مهما كانت التضحيات، ومهما كان حجم الخذلان.
rohileghrb@yahoo.com
(العرب اليوم)