عدد السكان والتنمية
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : يستغرق كثير من المسؤولين، ومعهم عدد كبير من الباحثين في المجال التنموي والاقتصادي، والدراسات الاجتماعية في "وهم قاتل" يكاد يسيطر على العقل الإداري العربي، بأن المشكلة الاقتصادية الكبرى التي يعاني منها العالم الثالث، والعالم العربي تحديداً، ومعهم الدول الأفريقية تتلخص بزيادة عدد السكان، ولذلك نجد الدول الغربية تتكرم بالمنح والاستشارات التي تجعل هذه الدول قادرة على الحد من الزيادة السكانية، وتتكرم عليها بتشكيل اللجان والجمعيات، والتمويل المخصص للنجاح في هذا المجال على وجه التحديد.
التركيز الغربي على هذا الموضوع يأتي من باب الخوف والرعب الذي يسيطر على علماء الاجتماع والخبراء في الدراسات السكانية مما يطلقون عليه "القنبلة الديموغرافية" التي تفوق في خطورتها "القنبلة النووية" على مستقبل الغرب والدول المتقدمة، التي تعاني من تناقص في أعداد سكانها، وتعاني من الهرم وقلة نسبة الشباب، ونجد كثيراً من الدارسين والباحثين العرب في الجامعات العربية يركزون في دراساتهم وأبحاثهم على هذه الزاوية الضيقة بوصفها الحل السحري لرفع معدلات النمو الاقتصادي من وجهة نظر غربية تلبس لبوساً علمياً.
ينبغي على الباحثين والدارسين، والخبراء العرب في المجال التنموي والاقتصادي أن يركزوا على الاستثمار في الموارد البشرية، وأن يدفعوا نحو تبني السياسات التي ترفع من سوية الانسان وزيادة إنتاجيته، وتزويد الشباب بملكات العمل المنتج، وزيادة الفاعلية، وتطوير العقل العربي والاستثمار في الأيدي العاملة، وتحويل الزيادة السكانية إلى رافد ايجابي اقتصادي، وهذا ممكن ومتاح، وهناك تجارب عالمية رائدة تمثل قصص نجاح كبيرة تستحق الدراسة والبحث والاستفادة.
لقد ثبت بحكم الواقع أن بعض الدول ذات الازدحام السكاني الأعلى على مستوى العالم نجحت في تحقيق أعلى المستويات في معدلات النمو الاقتصادي، وخير دليل على ذلك الصين التي تمثل أكبر دولة من حيث عدد السكان، إذ يزيد عدد سكانها على المليار ونصف المليار، بينما تصل نسبة النمو الاقتصادي إلى 10%. والمثال الآخر الأكثر دلالة يتحقق في الهند التي ضربت مثلاً ناجحاً أيضاً في زيادة معدلات النمو التي تزيد على 6%، وهي تعد الدولة الثانية في عدد السكان أيضاً، إذ تخطى حاجز المليار ليصل إلى (1,3) مليار نسمة. والمثال الثالث الذي يحكي قصة نجاح مثيرة يتمثل في دولة البرازيل التي استطاعت تحقيق معجزة اقتصادية خلال السنوات الأخيرة الماضية، وهي في الوقت نفسه من الدول ذات الكثافة السكانية العالية.
إذا كانت الصين والهند والبرازيل تحقق أعلى مستويات التقدم في معدلات النمو الاقتصادي، فهذا يبشر الدول العربية خاصة الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل مصر على سبيل المثال بمستقبل اقتصادي واعد، فهي مرشحة لتحقيق قفزة اقتصادية هائلة خلال السنوات القادمة لتصبح من الدول العشرين الأولى على المستوى الاقتصادي العالمي، عندما تكون قادرة على تحويل الزيادة الكبيرة في عدد السكان إلى عامل ايجابي مؤثر في الفاعلية الإنتاجية، لتصبح مورداً عظيماً من موارد الدولة الاقتصادية، وليس عبئاً ثقيلاً عليها.
إن زيادة الخصوبة السكانية، وزيادة نسبة الشباب في المجتمعات العربية تمثل فرصة عظيمة نحو التقدم وتعظيم قيم الانتاج عندما تجد قيادة وطنية منتمية قادرة على استغلال هذه الفرصة وتعظيمها في ظل تخطيط وطني سليم بعيداً عن الارتهان والتبعية لقوى التسلط والاستكبار الدولي، التي تخطط لبقاء هذه الدول ضعيفة ومعوقة عن طريق دعم الأنظمة القمعية الفاسدة، التي دمرت الانسان العربي وشلت قدرته على الانتاج والإبداع، وجعلت من شعوبها كمّاً مهملاً فاشلاً، وأشاعت ثقافة الاستهلاك والعجز عن استثمار ما لديها من موارد، فضلاً عن ترسيخ ثقافة السلب والنهب، وتبديد المقدرات، وطرد الكفاءات، وتهريب الأدمغة إلى الخارج.
rohileghrb@yahoo.com
(العرب اليوم)
التركيز الغربي على هذا الموضوع يأتي من باب الخوف والرعب الذي يسيطر على علماء الاجتماع والخبراء في الدراسات السكانية مما يطلقون عليه "القنبلة الديموغرافية" التي تفوق في خطورتها "القنبلة النووية" على مستقبل الغرب والدول المتقدمة، التي تعاني من تناقص في أعداد سكانها، وتعاني من الهرم وقلة نسبة الشباب، ونجد كثيراً من الدارسين والباحثين العرب في الجامعات العربية يركزون في دراساتهم وأبحاثهم على هذه الزاوية الضيقة بوصفها الحل السحري لرفع معدلات النمو الاقتصادي من وجهة نظر غربية تلبس لبوساً علمياً.
ينبغي على الباحثين والدارسين، والخبراء العرب في المجال التنموي والاقتصادي أن يركزوا على الاستثمار في الموارد البشرية، وأن يدفعوا نحو تبني السياسات التي ترفع من سوية الانسان وزيادة إنتاجيته، وتزويد الشباب بملكات العمل المنتج، وزيادة الفاعلية، وتطوير العقل العربي والاستثمار في الأيدي العاملة، وتحويل الزيادة السكانية إلى رافد ايجابي اقتصادي، وهذا ممكن ومتاح، وهناك تجارب عالمية رائدة تمثل قصص نجاح كبيرة تستحق الدراسة والبحث والاستفادة.
لقد ثبت بحكم الواقع أن بعض الدول ذات الازدحام السكاني الأعلى على مستوى العالم نجحت في تحقيق أعلى المستويات في معدلات النمو الاقتصادي، وخير دليل على ذلك الصين التي تمثل أكبر دولة من حيث عدد السكان، إذ يزيد عدد سكانها على المليار ونصف المليار، بينما تصل نسبة النمو الاقتصادي إلى 10%. والمثال الآخر الأكثر دلالة يتحقق في الهند التي ضربت مثلاً ناجحاً أيضاً في زيادة معدلات النمو التي تزيد على 6%، وهي تعد الدولة الثانية في عدد السكان أيضاً، إذ تخطى حاجز المليار ليصل إلى (1,3) مليار نسمة. والمثال الثالث الذي يحكي قصة نجاح مثيرة يتمثل في دولة البرازيل التي استطاعت تحقيق معجزة اقتصادية خلال السنوات الأخيرة الماضية، وهي في الوقت نفسه من الدول ذات الكثافة السكانية العالية.
إذا كانت الصين والهند والبرازيل تحقق أعلى مستويات التقدم في معدلات النمو الاقتصادي، فهذا يبشر الدول العربية خاصة الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل مصر على سبيل المثال بمستقبل اقتصادي واعد، فهي مرشحة لتحقيق قفزة اقتصادية هائلة خلال السنوات القادمة لتصبح من الدول العشرين الأولى على المستوى الاقتصادي العالمي، عندما تكون قادرة على تحويل الزيادة الكبيرة في عدد السكان إلى عامل ايجابي مؤثر في الفاعلية الإنتاجية، لتصبح مورداً عظيماً من موارد الدولة الاقتصادية، وليس عبئاً ثقيلاً عليها.
إن زيادة الخصوبة السكانية، وزيادة نسبة الشباب في المجتمعات العربية تمثل فرصة عظيمة نحو التقدم وتعظيم قيم الانتاج عندما تجد قيادة وطنية منتمية قادرة على استغلال هذه الفرصة وتعظيمها في ظل تخطيط وطني سليم بعيداً عن الارتهان والتبعية لقوى التسلط والاستكبار الدولي، التي تخطط لبقاء هذه الدول ضعيفة ومعوقة عن طريق دعم الأنظمة القمعية الفاسدة، التي دمرت الانسان العربي وشلت قدرته على الانتاج والإبداع، وجعلت من شعوبها كمّاً مهملاً فاشلاً، وأشاعت ثقافة الاستهلاك والعجز عن استثمار ما لديها من موارد، فضلاً عن ترسيخ ثقافة السلب والنهب، وتبديد المقدرات، وطرد الكفاءات، وتهريب الأدمغة إلى الخارج.
rohileghrb@yahoo.com
(العرب اليوم)