رئيس بنكهة المعارضة
جمانة غنيمات
جو 24 : أكثر ما يميز اختيار عبدالله النسور لتشكيل حكومة جديدة، هو أنه خيار "ذكي". فالرئيس المكلف معارض من طراز مختلف، يميزه أنه حجب الثقة عن كل الحكومات التي عاصرها حين كان نائبا في البرلمان السادس عشر، وهو من المشككين بنزاهة انتخابات 2010، وطالما حذر الحكومات من تدخل الأجهزة الأمنية في عملها.
بالنتيجة، لدينا اليوم رئيس حكومة بنكهة مختلفة، وإن لم يكن من خارج العلبة التقليدية تماما، ما خلق أجواء من الارتياح حيال اختيار رئيس الوزراء الخامس خلال أقل من عام ونصف العام.
الارتياح منبعه خلفية الرجل لناحية مواقفه السياسية، وعلى رأسها موقفه الرافض لقانون الانتخاب، وإجراء الانتخابات المبكرة، إضافة إلى رفضه لجميع التشريعات العرفية المقيدة للحريات، وتحفظه على قرارات رفع الأسعار.
من الأسباب التي وقفت وراء اختيار النسور أنه محسوب على تيار المعارضة العقلانية، ولديه قاعدة معرفية، سياسية اقتصادية، توفرت له بعد سنوات طويلة من العمل السياسي؛ فهو الوزير لـ7 مرات، والنائب لثلاث مرات.
أداؤه في البرلمان، وتحديدا في نقد الحكومات وحجب الثقة عنها، صنع له قاعدة شعبية مريحة، وشكل عنه صورة إيجابية في أذهان كثيرين، ما يعطيه دفعة حقيقية للبدء في جو إيجابي، نتمنى أن يدوم.
الرئيس المكلف من المؤمنين بولاية عامة كاملة الدسم. وهذا أكبر تحديات النسور خلال عمر حكومته القصير، إضافة إلى الملف الاقتصادي، وضمنه برنامج التصحيح، الذي لا يقل في أهميته وخطورته عن تحدي العملية الانتخابية.
النسور يمتلك رؤية إصلاحية، وعلاقته مع القوى السياسية المختلفة طيبة، ما يعني أن بدايته ستكون مريحة، تبعا للرصيد المتوفر لديه من سنوات خبرته.
بالمحصلة، لدى النسور رصيد جيد يمكن أن يتكئ عليه لفترة. لكن، ونتيجة للمزاج العام السيئ والمتطلع إلى تغيرات كبيرة ودراماتيكية، فإن المطلوب العمل بوتيرة واضحة، تقوم على خطوات سريعة ولكن فعالة؛ من قبيل إطلاق سراح معتقلي الحراك كخطوة أولى.
اللافت في توقيت تكليف النسور أن المساحة التي يتحرك فيها محدودة؛ إذ لا يوجد برلمان، ما يحول دون إصدار أي قوانين أو تعديل أخرى. وهذه الظروف توفر للرئيس مبررا قويا لعدم قدرته على إحداث التغيير الذي تنشده القوى السياسية، وتحديدا فيما يتعلق بقانون الانتخاب وهنا يكمن "الذكاء".
بهذا المعنى فإن النسور سيعمل وفق المثل الشعبي القائل: "الصلاة على الحاضر"؛ والحاضر في وقتنا الحالي قانون انتخاب لم يحقق التوافق، لكن ما باليد حيلة؛ فاحترام الدستور وقدسيته يمنعان اتخاذ أي خطوة بهذا الخصوص.
بالنتيجة، ما يتوفر بيد الرئيس من أجل "حلحلة" العقدة القائمة هي أدوات محدودة، ولا يتجاوز الأمر الوعد بإجراء انتخابات نزيهة بدون تدخل، وتسهيل عمل الهيئة المستقلة للانتخاب. أما طرح إمكانية إعادة فتح قانون الانتخاب فيبدو محدودا، إن لم يكن مستحيلا.
أهم المهمات التي يحملها النسور تتمثل في استعادة الثقة المفقودة، وتحديدا بين العامة والدولة. وللأمانة، يملك الرجل إمكانات تؤهله لتحقيق هذه الغاية، بيد أن إنجاز هذه المهمة يتطلب توفير بيئة وأدوات مناسبة لذلك، خصوصا أن المساحة التي سيتحرك فيها الرئيس واضحة ومحدودة، وهنا يكمن ذكاء الاختيار.
النسور بقي لسنوات يجلس تحت القبة يلقي بكل تصريحاته النارية من خارج السلطة التنفيذية، اليوم كل ما قاله وعبر عنه على المحك، فهل ينجح؟
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد
بالنتيجة، لدينا اليوم رئيس حكومة بنكهة مختلفة، وإن لم يكن من خارج العلبة التقليدية تماما، ما خلق أجواء من الارتياح حيال اختيار رئيس الوزراء الخامس خلال أقل من عام ونصف العام.
الارتياح منبعه خلفية الرجل لناحية مواقفه السياسية، وعلى رأسها موقفه الرافض لقانون الانتخاب، وإجراء الانتخابات المبكرة، إضافة إلى رفضه لجميع التشريعات العرفية المقيدة للحريات، وتحفظه على قرارات رفع الأسعار.
من الأسباب التي وقفت وراء اختيار النسور أنه محسوب على تيار المعارضة العقلانية، ولديه قاعدة معرفية، سياسية اقتصادية، توفرت له بعد سنوات طويلة من العمل السياسي؛ فهو الوزير لـ7 مرات، والنائب لثلاث مرات.
أداؤه في البرلمان، وتحديدا في نقد الحكومات وحجب الثقة عنها، صنع له قاعدة شعبية مريحة، وشكل عنه صورة إيجابية في أذهان كثيرين، ما يعطيه دفعة حقيقية للبدء في جو إيجابي، نتمنى أن يدوم.
الرئيس المكلف من المؤمنين بولاية عامة كاملة الدسم. وهذا أكبر تحديات النسور خلال عمر حكومته القصير، إضافة إلى الملف الاقتصادي، وضمنه برنامج التصحيح، الذي لا يقل في أهميته وخطورته عن تحدي العملية الانتخابية.
النسور يمتلك رؤية إصلاحية، وعلاقته مع القوى السياسية المختلفة طيبة، ما يعني أن بدايته ستكون مريحة، تبعا للرصيد المتوفر لديه من سنوات خبرته.
بالمحصلة، لدى النسور رصيد جيد يمكن أن يتكئ عليه لفترة. لكن، ونتيجة للمزاج العام السيئ والمتطلع إلى تغيرات كبيرة ودراماتيكية، فإن المطلوب العمل بوتيرة واضحة، تقوم على خطوات سريعة ولكن فعالة؛ من قبيل إطلاق سراح معتقلي الحراك كخطوة أولى.
اللافت في توقيت تكليف النسور أن المساحة التي يتحرك فيها محدودة؛ إذ لا يوجد برلمان، ما يحول دون إصدار أي قوانين أو تعديل أخرى. وهذه الظروف توفر للرئيس مبررا قويا لعدم قدرته على إحداث التغيير الذي تنشده القوى السياسية، وتحديدا فيما يتعلق بقانون الانتخاب وهنا يكمن "الذكاء".
بهذا المعنى فإن النسور سيعمل وفق المثل الشعبي القائل: "الصلاة على الحاضر"؛ والحاضر في وقتنا الحالي قانون انتخاب لم يحقق التوافق، لكن ما باليد حيلة؛ فاحترام الدستور وقدسيته يمنعان اتخاذ أي خطوة بهذا الخصوص.
بالنتيجة، ما يتوفر بيد الرئيس من أجل "حلحلة" العقدة القائمة هي أدوات محدودة، ولا يتجاوز الأمر الوعد بإجراء انتخابات نزيهة بدون تدخل، وتسهيل عمل الهيئة المستقلة للانتخاب. أما طرح إمكانية إعادة فتح قانون الانتخاب فيبدو محدودا، إن لم يكن مستحيلا.
أهم المهمات التي يحملها النسور تتمثل في استعادة الثقة المفقودة، وتحديدا بين العامة والدولة. وللأمانة، يملك الرجل إمكانات تؤهله لتحقيق هذه الغاية، بيد أن إنجاز هذه المهمة يتطلب توفير بيئة وأدوات مناسبة لذلك، خصوصا أن المساحة التي سيتحرك فيها الرئيس واضحة ومحدودة، وهنا يكمن ذكاء الاختيار.
النسور بقي لسنوات يجلس تحت القبة يلقي بكل تصريحاته النارية من خارج السلطة التنفيذية، اليوم كل ما قاله وعبر عنه على المحك، فهل ينجح؟
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد