jo24_banner
jo24_banner

الانتخابات والمال السياسي

د.بسام البطوش
جو 24 :

في ظل التوجيهات الملكية الصارمة بإجراء انتخابات نظيفة ونزيهة تعيد الثقة بالمجلس النيابي بوصفه مؤسسة دستورية وتشريعية وسياسية محورية في النظام السياسي الأردني،وبفضل التعديلات الدستورية التي شهدها الدستور في ظل الربيع الأردني المزهر ،وفي ظل إسناد إدارة و إجراء العملية الانتخابية للهيئة المستقلة للانتخابات تتوفر للمواطن الأردني أجواء صحية لانتظار عملية انتخابية نزيهة ونظيفة ،تحدث قطعا حقيقيا مع التجارب الملتبسة للانتخابات في الدورتين الأخيرتين على وجه التحديد .

إن مصداقية وشفافية العملية الانتخابية القادمة تتوقف عليها أمور كثيرة ولها تبعات كبيرة تؤثر بشكل واضح على مستقبل العمل السياسي في البلد ،ولعلها تكون فرصة ثمينة لإعادة تشكيل المشهد السياسي بفرز ممثلين حقيقيين للشعب يتوفرون على مؤهلات الثقة والنزاهة والجدارة ،ليحملوا أعباء المرحلة السياسية المقبلة بكل ما للبرلمان فيها من دور محوري في ظل تطلعنا لإفراز حكومات نيابية قادمة من رحم البرلمان أو متمتعة بثقته ومتشكلة وفقا لموازين القوة داخله بشكل مباشر.

المصلحة الوطنية العليا تتجسد في إنجاز عملية انتخابية محترمة،لاسيما في ظل مقاطعة الحركة الاسلامية وعدد من العناوين والقوى الوطنية،بغض النظر عن حجمها وتأثيرها الحقيقيين،مما يوجب على الدولة العمل الجاد لتقديم دليل ساطع على الجدية الرسمية في مغادرة مربع الشك والريبة ،الذي كان يلامس العملية الانتخابية،وتقديم دليل عملي على عدم صحة المخاوف والتشكيك الذي تمارسه قوى المقاطعة ،وإقناع المواطن بأن صوته يحدث فرقا حقيقيا في نتائج الصندوق،وأنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه النتائج ،وتقع على عاتقه مسؤولية رسم الصورة النهائية للبرلمان القادم،وانه لن يكون مبررا ولا مقبولا ممارسة جلد الذات إذا ما جاءت النتائج على غير ما يرجوه المواطن ،أو على غير ما تقتضيه الضرورات الوطنية ،أو على خلاف ما ينبغي أن تكون عليه تركيبة البرلمان الأردني في ظل الاقتناع بأن بلدنا يتوفر على كفاءات وطنية نادرة في شتى مجالات الحياة ،ولديه كم هائل من المشكلات ينبغي توظيف كل الطاقات والموارد البشرية والمادية لتحويل الوطن لورشة عمل بعد الانتخابات سعيا لحلول ناجعة للملفات والمشكلات الوطنية الشائكة والمصيرية.

كل هذا يدفعنا للإصرار على إنجاز انتخابات راقية الشكل والمضمون ومحترمة النتائج والإجراءات. وخوفي ليس من البعد الرسمي في إنجاز العملية بقدر ما هو منصب على بشاعة الدور الذي يلعبه ما يسمى المال السياسي في تشويه المشهد الانتخابي ،وهذا ما لمسناه جميعا في الدورات الماضية . فقد أتيح المجال لرأسماليين جشعين ولتجار أصوات ولسماسرة ضمائر لتلطيخ العملية الديمقراطية بوحل جشعهم واستخفافهم بكرامة الانسان الاردني واستغلال حاجات الناس واللعب في الساحات الخلفية والمناطق المظلمة مستغلين فقر الفقراء وبساطة البسطاء بشكل بشع ومخالف لكل التشريعات والقوانين والأعراف والعادات والقيم الوطنية .

واجبنا جميعا أن نقف في وجه هذه العمليات المسيئة ،والمشينة ،وكننا نتمنى أن يتصدى لها قانون الانتخابات بشكل واضح وصريح ،وأن يضع محددات وسقوف على حجم ونوعية وآليات وأدوات الانفاق المالي والتمويلي للعملية الانتخابية. لكننا نجزم بأن المواطن هو من يحرس ضميره ويصون كرامته وكرامة صوته وبيته ،وأن الوعي الشعبي على خطورة المتاجرة بضمائر الناخبين وأصواتهم يشكل مقامرة في مستقبل الوطن ومصالحه العليا إذا ما وضع بين يدي تجار الاصوات ومستثمري الانتخابات .الوعي الشعبي هام وضروري ،لكنه لا يغني عن الرقابة الرسمية ،ولا يسد مسد المتابعة القانونية والأمنية للعمليات السيئة والمشبوهة.

تابعو الأردن 24 على google news