الحول السياسي،،،مشكلة!
د.بسام البطوش
جو 24 : الحوَل هو عيب بصري يجعل العينين بحالة غير متوازنة، بحيث تتجه كل عين لاتجاه مختلف، فيمكن أن تركز إحدى العينين لاتجاه الأمام، بينما تنحرف العين الأخرى للداخل أو الخارج أو للأعلى أو للأسفل .والحول السياسي لا يختلف عن الحول العضوي ،فالسياسي الفرد أو الحزب عندما يصاب بهذا النوع من الاضطراب يفقد توازنه،و نجد اختلالا واضحا يكتنف حركة عينيه؛ فإحداهما مصوبه على سلبيات الداخل والأخرى مثبتة على إيجابيات الخارج. وفي حالة أخرى نجد كلتا عينيه تتجولان في الأفق البعيد ضياعا وتشتتا وبحثا عن الكتلة السلبية السوداء؛ فهي نقطة الجذب ،وهي المرجعية ،أما الكتلة الايجابية المضيئة فيجري إهمالها وتجاهلها بشكل نهائي،كما يجري تجاهل النصف المليء من الكأس.
في المشهد السياسي الأردني اليوم حالة متجذرة ،تقوم على التعامي عن كل إيجابي والتنكر لكل منجز، والاصرار على إبراز السلبيات والنقائص وحدها . وفي إعتقادي أن كثيرا من القوى السياسية العاملة على "الساحة الأردنية" لم تتوقف للحظة واحدة عن عزف السنفونية التقليدية التي إعتادت على عزفها للتبشير بالخراب الشامل،وللترويج بأن الحريات العامة والسياسية في الحضيض، وبأن الأحوال المعيشية متردية ،وبأن أموال الدولة تضيع سدى،وبأن البلد لم يشهد تقدما يذكر على أي صعيد،وبأن الأوضاع على وشك الانفجار ،وبأن العرب والغرب والشرق والإنس والجان تخلوا أو سيتخلون عن الأردن قريبا !! هذه المعزوفة، هي ذاتها التي ترددت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وما قبل هذه العقود وما بعدها ،النظرة السوداوية هي هي لم تتغير ولم تتبدل.
اليوم وفي هذه اللحظة الحاسمة من تاريخنا الوطني ،تصر القوى المعارضة التقليدية على عزف السنفونية ذاتها ،وينضم لها اليوم مجاميع من الأفراد من ذوي المشاعر الملتهبة والذين يصفقون بحرارة لأي معزوفة تدغدغ المشاعر ،وتلامس أوتار الاحباط وشعور البعض بالغبن والغضب والعتب . المحصلة أننا نجد مجاميع كثيرة تنخرط في حالة كربلائية من اللطم والبكائيات اللامتناهية على اللبن المسكوب أو الذي لم يسكب في الأصل.
الحالة الوطنية العامة التي عشناها عبر العامين الأخيرين من عمر الربيع العربي سمحت بتفاقم حالة الحول السياسي ،فبعض القوى السياسية مصرة على إيهامنا بأن خطوة متقدمة واحدة على طريق الاصلاح السياسي لم تحدث،وعندما تذكرهم بعديد الخطوات المنجزة (التعديلات الدستورية ،الهيئة المستقلة للانتخابات ، نقابة المعلمين، المحكمة الدستورية،قانون الأحزاب ،قانون الانتخابات ، فتح ملفات فساد ومحاكمة فاسدين وتوقف تيار الفساد وإعاقة تدفقه،و اتباع سياسة الأمن الحنون ) وما تضمنته هذه الخطوات من آثار إيجابية على الحياة السياسية ،تتحول أنظارهم عن هذه المنجزات كلها إلى البحث عن سلبيات قانون الانتخاب ،والتوقف عند مسألة أن عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية (الحزبية) غير كافية ،وأن الابقاء على صوت واحد في الدائرة المحلية يعد بقاء في نطاق منظومة الصوت الواحد.وها هو جلالة الملك يتدخل لتعديل القانون وزيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية .
الحول السياسي يدفع البعض إلى التعامي عن هذه المنجزات التي لا يقول أحد أنها مثالية أو نهائية ،لكن الظرف الأردني الراهن اقتضاها. وتصريحات جلالة الملك تؤكد أنها (الوجبة الأولى) من حزمة الاصلاحات الشاملة التي تتطلبها المصلحة الوطنية العليا. ما يتمناه العقلاء هو أن نفهم ظروفنا ومتطلباتنا الوطنية ، وأن ننطلق منها ،مصوبين أنظارنا على المستقبل ،و على أن نعمل بشكل إبداعي يثمر حقائق إصلاحية وتنموية على الأرض،أما الجلوس على السطوح لمراقبة عرس الجيران ،والتباهي بقرون الخالات،وتناسي مآتم الخلان في بلاد العربان؛ فلا يثمر سوى مزيدا الادمان على تناوب الجلوس بين السطوح وعتبات البيوت!!
في المشهد السياسي الأردني اليوم حالة متجذرة ،تقوم على التعامي عن كل إيجابي والتنكر لكل منجز، والاصرار على إبراز السلبيات والنقائص وحدها . وفي إعتقادي أن كثيرا من القوى السياسية العاملة على "الساحة الأردنية" لم تتوقف للحظة واحدة عن عزف السنفونية التقليدية التي إعتادت على عزفها للتبشير بالخراب الشامل،وللترويج بأن الحريات العامة والسياسية في الحضيض، وبأن الأحوال المعيشية متردية ،وبأن أموال الدولة تضيع سدى،وبأن البلد لم يشهد تقدما يذكر على أي صعيد،وبأن الأوضاع على وشك الانفجار ،وبأن العرب والغرب والشرق والإنس والجان تخلوا أو سيتخلون عن الأردن قريبا !! هذه المعزوفة، هي ذاتها التي ترددت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وما قبل هذه العقود وما بعدها ،النظرة السوداوية هي هي لم تتغير ولم تتبدل.
اليوم وفي هذه اللحظة الحاسمة من تاريخنا الوطني ،تصر القوى المعارضة التقليدية على عزف السنفونية ذاتها ،وينضم لها اليوم مجاميع من الأفراد من ذوي المشاعر الملتهبة والذين يصفقون بحرارة لأي معزوفة تدغدغ المشاعر ،وتلامس أوتار الاحباط وشعور البعض بالغبن والغضب والعتب . المحصلة أننا نجد مجاميع كثيرة تنخرط في حالة كربلائية من اللطم والبكائيات اللامتناهية على اللبن المسكوب أو الذي لم يسكب في الأصل.
الحالة الوطنية العامة التي عشناها عبر العامين الأخيرين من عمر الربيع العربي سمحت بتفاقم حالة الحول السياسي ،فبعض القوى السياسية مصرة على إيهامنا بأن خطوة متقدمة واحدة على طريق الاصلاح السياسي لم تحدث،وعندما تذكرهم بعديد الخطوات المنجزة (التعديلات الدستورية ،الهيئة المستقلة للانتخابات ، نقابة المعلمين، المحكمة الدستورية،قانون الأحزاب ،قانون الانتخابات ، فتح ملفات فساد ومحاكمة فاسدين وتوقف تيار الفساد وإعاقة تدفقه،و اتباع سياسة الأمن الحنون ) وما تضمنته هذه الخطوات من آثار إيجابية على الحياة السياسية ،تتحول أنظارهم عن هذه المنجزات كلها إلى البحث عن سلبيات قانون الانتخاب ،والتوقف عند مسألة أن عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية (الحزبية) غير كافية ،وأن الابقاء على صوت واحد في الدائرة المحلية يعد بقاء في نطاق منظومة الصوت الواحد.وها هو جلالة الملك يتدخل لتعديل القانون وزيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية .
الحول السياسي يدفع البعض إلى التعامي عن هذه المنجزات التي لا يقول أحد أنها مثالية أو نهائية ،لكن الظرف الأردني الراهن اقتضاها. وتصريحات جلالة الملك تؤكد أنها (الوجبة الأولى) من حزمة الاصلاحات الشاملة التي تتطلبها المصلحة الوطنية العليا. ما يتمناه العقلاء هو أن نفهم ظروفنا ومتطلباتنا الوطنية ، وأن ننطلق منها ،مصوبين أنظارنا على المستقبل ،و على أن نعمل بشكل إبداعي يثمر حقائق إصلاحية وتنموية على الأرض،أما الجلوس على السطوح لمراقبة عرس الجيران ،والتباهي بقرون الخالات،وتناسي مآتم الخلان في بلاد العربان؛ فلا يثمر سوى مزيدا الادمان على تناوب الجلوس بين السطوح وعتبات البيوت!!