الاسلوب الاردني
إبشروا " ،،،بهذه الحروف الستة أنهى جلالة الملك ملف موقوفي الطفيله والدوار الرابع، ملبيا مطلب الوفد الشعبي الممثل لأهلنا في الطفيله الهاشميه.وأشار جلالته (هذا هو الاسلوب الأردني) .في الحقيقة هذه الكلمات تختصر كثيرا من الحديث عن الخصوصية الأردنية ،وعن النهج الهاشمي في الحكم ،المستند إلى خلق التسامح،والقائم على التعالي على الصغائر، ورفض العنف وسيلة للحكم ،والحرص على بناء هذه الدولة الهاشمية على الخلق والعقل والضمير .
في ظل أجواء الربيع العربي ،وسياسة فتح الملفات والجروح ،والنبش في الذاكرة الجمعية العربية السوداء ،نجد دولا وأنظمة تنهار جزاء وفاقا لجرائم وتصفيات دموية ،ومجازر جماعية ارتكبتها أنظمتها في الماضي في غير بلد عربي،فالشعوب لا تغفر .وبحمد الله يستند اليوم الملك عبدالله الثاني والدولة الأردنية الى تراث عريق في بناء هذه الدولة على المحبة والصفح والتسامح والحكمة .فالأسلوب الأردني الذي أشار اليه جلالة الملك جنب هذا البلد العنف المتبادل بين الدولة والمجتمع ، وكفل لهذا الوطن ولهذا الشعب الكريم النجاة من مرارات وعذابات وجراح كثيرة نزفت ومازالت في دنيا العروبة والإسلام. والأسلوب الأردني في الحكم جنب التنظيمات السياسية والإيديولوجية التي عرفتها الحياة السياسية الاردنية مأزق العنف والتطرف ؛ فلم تجد ما يبرر الاندفاع نحو المنهج العنفي فكريا وسلوكيا ؛بسبب غياب عنصر الاستفزاز الرسمي .
وفي أحلك الظروف السياسية التي عاشها وطننا ،كانت أدوات التواصل الحميم المستندة الى تقاليد أردنية راسخة في التلاقي والحوار والمعاتبة تكفل لنا الخروج الآمن من موقف التأزم بأقل الخسائر الممكنة. فلم يتوقف الأردن بفضل حكمة قيادته طويلا في أي محطة قلق أو اضطراب أو تباين في المواقف والآراء ، فقد كفلت ميكانزمات الاسلوب الأردني خروجا سريعا وسلسا من أي حالة إستعصاء سياسي .
في المجمل للعلاقة بين الحكم والشعب وفقا للأسلوب الاردني قواعدها، و ثوابتها، وسماتها ،ولها خطوطها الحمراء ،وهذا ما فرض نمطا خاصا للتعامل بين الحكم والشعب في إطار من مهابة الحكم المفروضة حبا وعقلا ووعيا ،وفي فضاء من الكرامة الوطنية والفردية المرعية والمصانة دستوريا وتشريعيا وممارسة عملية .
من هنا،وعليه،فالعقد الاجتماعي الذي يتحدث البعض عنه ،وعن إعادة تشكيله ،لا يمكن فهمه إلا في إطار فهم الاسلوب الأردني.ولا يمكن لمقاربات إستشراقية عقيمة منبتة عن الواقع الأردني أن تتفهم هذا الأسلوب أو تدرك أهميته وضرورته في هذه اللحظة الوطنية الفاصلة.وعندما نسمع حزبا يصف الافراج الملكي عن الموقوفين بأنه تمثيلية ينبغي عدم الانخداع بها ،ويجب أن لا يسمح للنظام بتحقيق مكاسب سياسة نتيجة لها ! نشعر أننا نستمع لمستشرقين لا يعرفون الأسلوب الأردني! ونعجب لتنكرهم لهذا الأسلوب الأردني وبركاته التي حمتهم من ويلات ومرارات وسجون ومعتقلات ومصادرات وإلغاءات ذاق إخوانهم ويلاتها في عرض البلاد العربية وطولها. وكأني بهم يريدون في ظل أجواء الربيع العربي،والرضا الغربي أن يقولوا: لم نعد نريد هذا الاسلوب الأردني وما وفره لنا من خصوصية لم نعد بحاجتها. إنه وهم القوة الذي أطاح بإمبراطوريات عظيمة. سادتنا الأكارم،أرجوكم تنبهوا لمواقع اقدامكم ،ولا يغرنكم الربيع العربي ،فالربيع في صحرائنا العربية سرعان ما يتلاشى،وتعود الصحراء لتفرض قواعدها وجفافها وقحطها وهجيرها ورمالها وملحها وعذاباتها،تنبهوا سادتنا لخصوصية هذا البلد ،تنبهوا لخصوصية تجربتكم فيه ،احموها واحموا بلدكم بالوعي والخلق والضمير . في ديرتي الكركية يقولون (عشب دار ما معه اخبار)في إشارة لعدم وعي الجيل الجديد على تجارب الماضي .شبابكم اليوم بل وبعض قادتكم يجسدون هذه المقولة وهم يرفعون سقوف الشتم والتهديد والوعيد والتغني ببطولات لم يصنعها أسلافهم كهبة نيسان 89 ويهددون بتجديدها !! عجبي لمن لا يعرف الاسلوب الاردني،بل لا يعرف الأردن ويؤمل النفس بحكمه !!.