دولتان في الأردن
جمانة غنيمات
جو 24 : حتى يخرج رئيس الوزراء من الدوار الرابع بسلام بعد أشهر معدودة، ويرحل وسط أجواء شعبية مرتاحة لقدومه ومغادرته، عليه أن يحدث اختراقا واضحا في الملف الاقتصادي، الذي يعد اليوم الاختبار الحقيقي لحكومته.
أهمية هذا الملف أن القرار فيه ممكن، وليس ثمة معيقات دستورية أو قانونية تحول دون إحداث خروقات فيه تسجل للحكومة، فكل ما هو مطلوب في الشأن الاقتصادي ليس بحاجة لأكثر من قرارات حكومية مدروسة، تراعي الظروف المعيشية الصعبة للمجتمع.
بحكم التوقيت ثمة ملفات مختلفة ومهمة يمكن العمل عليها، فهذه الحكومة هي من سيهندس الموازنة العامة للعام 2013، وموازنة المؤسسات المستقلة أيضا، والأخيرة لطالما أرهقت الاقتصاد والخزينة بنفقاتها الكبيرة وعددها البالغ 61 مؤسسة، حيث تقدر قيمة الموازنتين معا بحوالي 8.8 مليار دينار، وربما يزيد الرقم مع نهاية السنة المالية، فيما قدر حجم الموازنة العامة في العام 2001 بحوالي 2.3 مليار دينار، فهل لنا أن ندقق فيما وصلنا إليه؟
سأكرر مقترحا قابلا للتطبيق رغم صعوبته، وجعله واقعا بحاجة إلى متخذ قرار حقيقي بولاية عامة كاملة الدسم، الفكرة تقوم على دمج المؤسسات المستقلة وإعادتها إلى أحضان الموازنة العامة، بحيث تكون لدينا موازنة واحدة لكل النفقات والإيرادات العامة.
كثيرون سيضعون العراقيل في وجه تنفيذ هذه الفكرة، ومبرراتهم أن الهدف من وجود المؤسسات تسريع العمل بعيدا عن البيروقراطية الحكومية، وفي هذا رأي يقول إن عدوى البيروقراطية انتقلت أيضا للمؤسسات المستقلة.
ولكن لا ضير من الإبقاء على استقلالية القرار، بيد أن ذلك لا يعني أبدا الحفاظ على استقلالية النفقات التي طالما أرهقت الخزينة وشوهت أوجه الإنفاق، وضيعت كثيرا من الإيرادات التي فشل قانون عوائد المؤسسات المستقلة من الحفاظ عليها، لدرجة صارت معها كل مؤسسة مستقلة وكأنها وزارة بعينها.
تطبيق فكرة الدمج، لا يحتاج إلا قرارا بتجميد العمل بقانون المؤسسات المستقلة، وإلحاقها بالخزينة، بحيث يدخل كل فلس إلى حساب وزارة المالية، وستؤدي هذه الخطوة إلى ضبط إيقاع إنفاق وإيرادات المؤسسات التي تقدر موازنتها بحوالي 1.8 مليار دينار، فيما يقدر بعض الخبراء مقدار الوفر القابل للتحقق من هذه الخطوة بما لا يقل عن 400 مليون دينار. رئيس الوزراء شغل موقع مدير الموازنة العامة في الماضي، وبالتأكيد لديه من الخبرة المتراكمة ما يدعم هذه الفكرة، وهو قادر على الحكم على مثل هذا المقترح.
ترحيل تطبيق هذا المطلب سيبقي لدينا موازنتين، وكأننا في بلدين؛ أحدهما موازنته تصل 6.8 مليار، والثاني بموازنة تبلغ نحو 1.8 مليار دينار، قبل إعادة التقدير. ووجود موازنتين خطيئة ارتكبت في الماضي، خلقت كل هذه التشوهات وهذا التسيب في إدارة المال العام، وأفرزت انفلاتا في الإنفاق، يوحي بأن الأردن بلد نفطي وموارده لا تنضب، ما أفشل كل محاولات الاعتماد على الذات، وإلغاء ما يسمى ببند المساعدات من الموازنة، حينما كان ذلك ممكنا في سنوات النمو.
قد لا تتمكن الحكومة من إحداث اختراق في الملف السياسي، وكل ما تقدر على عمله هو مساعدة مساعي الهيئة المستقلة للانتخاب في إجراء انتخابات نزيهة وليس أكثر من ذلك، وحتى لا تخرج الحكومة كغيرها بدون منجزات تحسب، فمن الأولى لها التركيز على الملف الاقتصادي، الذي ينعكس أي إصلاح فيه على جميع الأردنيين، وليس على طيف بعينه كما هو الحال في السياسة.
وسط ضآلة فرص التغيير السياسي، على النسور التركيز على إحراز لقب حكومة اقتصادية بالدرجة الأولى، فالهم الاقتصادي هو ما أوجع الناس وقَضّ مضاجعهم، وخطوات الإصلاح الاقتصادي لا تقل صعوبة عن الإصلاح السياسي، مع فارق وحيد أن الفرصة مواتية لتحقيق منجز في المجال الأول بعكس الحال السياسي تماما.
(الغد)
أهمية هذا الملف أن القرار فيه ممكن، وليس ثمة معيقات دستورية أو قانونية تحول دون إحداث خروقات فيه تسجل للحكومة، فكل ما هو مطلوب في الشأن الاقتصادي ليس بحاجة لأكثر من قرارات حكومية مدروسة، تراعي الظروف المعيشية الصعبة للمجتمع.
بحكم التوقيت ثمة ملفات مختلفة ومهمة يمكن العمل عليها، فهذه الحكومة هي من سيهندس الموازنة العامة للعام 2013، وموازنة المؤسسات المستقلة أيضا، والأخيرة لطالما أرهقت الاقتصاد والخزينة بنفقاتها الكبيرة وعددها البالغ 61 مؤسسة، حيث تقدر قيمة الموازنتين معا بحوالي 8.8 مليار دينار، وربما يزيد الرقم مع نهاية السنة المالية، فيما قدر حجم الموازنة العامة في العام 2001 بحوالي 2.3 مليار دينار، فهل لنا أن ندقق فيما وصلنا إليه؟
سأكرر مقترحا قابلا للتطبيق رغم صعوبته، وجعله واقعا بحاجة إلى متخذ قرار حقيقي بولاية عامة كاملة الدسم، الفكرة تقوم على دمج المؤسسات المستقلة وإعادتها إلى أحضان الموازنة العامة، بحيث تكون لدينا موازنة واحدة لكل النفقات والإيرادات العامة.
كثيرون سيضعون العراقيل في وجه تنفيذ هذه الفكرة، ومبرراتهم أن الهدف من وجود المؤسسات تسريع العمل بعيدا عن البيروقراطية الحكومية، وفي هذا رأي يقول إن عدوى البيروقراطية انتقلت أيضا للمؤسسات المستقلة.
ولكن لا ضير من الإبقاء على استقلالية القرار، بيد أن ذلك لا يعني أبدا الحفاظ على استقلالية النفقات التي طالما أرهقت الخزينة وشوهت أوجه الإنفاق، وضيعت كثيرا من الإيرادات التي فشل قانون عوائد المؤسسات المستقلة من الحفاظ عليها، لدرجة صارت معها كل مؤسسة مستقلة وكأنها وزارة بعينها.
تطبيق فكرة الدمج، لا يحتاج إلا قرارا بتجميد العمل بقانون المؤسسات المستقلة، وإلحاقها بالخزينة، بحيث يدخل كل فلس إلى حساب وزارة المالية، وستؤدي هذه الخطوة إلى ضبط إيقاع إنفاق وإيرادات المؤسسات التي تقدر موازنتها بحوالي 1.8 مليار دينار، فيما يقدر بعض الخبراء مقدار الوفر القابل للتحقق من هذه الخطوة بما لا يقل عن 400 مليون دينار. رئيس الوزراء شغل موقع مدير الموازنة العامة في الماضي، وبالتأكيد لديه من الخبرة المتراكمة ما يدعم هذه الفكرة، وهو قادر على الحكم على مثل هذا المقترح.
ترحيل تطبيق هذا المطلب سيبقي لدينا موازنتين، وكأننا في بلدين؛ أحدهما موازنته تصل 6.8 مليار، والثاني بموازنة تبلغ نحو 1.8 مليار دينار، قبل إعادة التقدير. ووجود موازنتين خطيئة ارتكبت في الماضي، خلقت كل هذه التشوهات وهذا التسيب في إدارة المال العام، وأفرزت انفلاتا في الإنفاق، يوحي بأن الأردن بلد نفطي وموارده لا تنضب، ما أفشل كل محاولات الاعتماد على الذات، وإلغاء ما يسمى ببند المساعدات من الموازنة، حينما كان ذلك ممكنا في سنوات النمو.
قد لا تتمكن الحكومة من إحداث اختراق في الملف السياسي، وكل ما تقدر على عمله هو مساعدة مساعي الهيئة المستقلة للانتخاب في إجراء انتخابات نزيهة وليس أكثر من ذلك، وحتى لا تخرج الحكومة كغيرها بدون منجزات تحسب، فمن الأولى لها التركيز على الملف الاقتصادي، الذي ينعكس أي إصلاح فيه على جميع الأردنيين، وليس على طيف بعينه كما هو الحال في السياسة.
وسط ضآلة فرص التغيير السياسي، على النسور التركيز على إحراز لقب حكومة اقتصادية بالدرجة الأولى، فالهم الاقتصادي هو ما أوجع الناس وقَضّ مضاجعهم، وخطوات الإصلاح الاقتصادي لا تقل صعوبة عن الإصلاح السياسي، مع فارق وحيد أن الفرصة مواتية لتحقيق منجز في المجال الأول بعكس الحال السياسي تماما.
(الغد)