هندسة موازنة 2013: توبة أم ردة؟
جمانة غنيمات
جو 24 : ما يرشح من معلومات يشي بأن آليات بناء موازنة العام المقبل لن تختلف كثيرا عن سابقاتها، باستثناء إدراج بند جديد يتعلق بتوجيه الدعم لمن يستحقه، وإلغاء بند الدعم المالي لسلع وخدمات، وتخفيض بند المنح الأخرى بعد أن تأخرت كثيرا هذا العام وأوقعتنا في "حيص بيص".
والموازنة العامة تعكس الخطة المالية للدولة خلال العام المقبل كاملا، ما يعطي أهمية خاصة لقانون الموازنة، كونه يعكس الخطوات الحقيقية للإصلاح الاقتصادي المطلوب، وتأكيد "التوبة" عن أخطاء الماضي.
وثمة أسئلة تُطرح وتكشف أجوبتها نوايا السير نحو الإصلاح من عدمه. فمثلا، هل ستعيد الحكومة العمل بقانون الدين العام الذي جمد في عهد حكومة سابقة، لوضع محددات تحول دون استمرار "فلتان" هذا المؤشر، بعد أن تجاوز حجمه 70 % من الناتج المحلي الإجمالي؟
أيضا، هل ستقوم الحكومة بتقدير الإيرادات المحلية بشكل دقيق وقريب إلى الواقع، بحيث لا نقع في المطب نفسه العام المقبل، وتبدأ الحكومات تتحدث عن تراجع الإيرادات عما هو مقدر؟ وهل ستأخذ الحكومة بعين الاعتبار التهرب الضريبي المقدر بحوالي 700 مليون دينار لمحاصرة جزء منه.
من القضايا التي يلزم التوقف عندها وتمحيصها، تلك المتعلقة بسقف الإنفاق؛ إذ يتطلب الوضع الخطر وقفة مراجعة توصلنا إلى موازنة تقترب من واقعنا الاقتصادي، بحيث يتم تخفيض حجمها أو تثبيته على أقل تقدير، من خلال وقف سياسة الإنفاق التوسعية التي وضعتنا في غير موقعنا المالي، وأوصلتنا إلى كل هذا الخراب.
بند الدعم سيبقى موجودا، لكن بشكل مختلف هذه المرة، وسيكون تحت مسمى "دعم نقدي للمستحقين". وما يزال المسؤولون مختلفين حول القيمة العادلة لهذا الغرض؛ إذ يقدره بعضهم بحوالي 150 مليون دينار، فيما يرى آخرون أن الرقم يجب أن لا يقل عن 400 مليون دينار.
المبالغة في تقدير المنح ليست جديدة، وهي نهج اعتمدته الحكومات منذ العام 2004، ما أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي إلى مستويات لا تتناسب أبدا والموارد المحلية، الأمر الذي أوصلنا اليوم إلى جزء كبير من المأزق الذي تمر به المالية العامة.
ولربما يطرأ اختلاف كبير على قيمة المنح المنتظرة التي قدرت في موازنة العام 2012 بحوالي 870 مليون دينار، ولم يصل منها حتى اليوم إلا جزء يسير.
التغير المرجح على قيمة المنح، وتحديدا العربية منها، منبعه تأخر وصول المنح الأخرى والمقدرة بحوالي 700 مليون دينار. وهي منح مفترضة من المملكة العربية السعودية، لم تصل حتى الآن، وتؤكد مصادر رسمية أنها ستصل بعد العيد.
بند النفقات سيكون في غاية الأهمية، بحيث يصار إلى تخفيض كل بنود الإنفاق بدون استثناء، وتوضيح النفقات الرأسمالية التي ستغطى بأموال قدمها الصندوق الخليجي للتنمية، والتي يقدرها مسؤولون بحوالي نصف المبلغ المتوقع خلال العام المقبل والبالغ قيمته 700 مليون دينار، إذ ستساعد هذه الأموال في تحسين وتيرة النمو الاقتصادي.
على الحكومة أن تسعى إلى معالجة بعض الاختلالات القائمة، وأن تلغي، مثلا، الدعم المقدم للمؤسسات المستقلة، إن لم تتمكن من دمجها في الموازنة العامة، بحيث تغطي هذه المؤسسات نفقات بعضها، بأن يتم استغلال الفائض لدى بعضها بتغطية عجز أخرى. الإصلاح الاقتصادي للعام المقبل يبدأ من الموازنة. وهندسة الموازنة، وقيمتها، وتقديرات الإيرادات، وتوجيه النفقات والمنح بشكل صحيح، وتقليص الهدر كلها خطوات ستبث رسائل قوية باتجاه توفر إرادة الإصلاح الاقتصادي الشامل، وبغير ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة من الأخطاء والتنظير بدون أن نغير شيئا في واقعنا الاقتصادي."الغد"
والموازنة العامة تعكس الخطة المالية للدولة خلال العام المقبل كاملا، ما يعطي أهمية خاصة لقانون الموازنة، كونه يعكس الخطوات الحقيقية للإصلاح الاقتصادي المطلوب، وتأكيد "التوبة" عن أخطاء الماضي.
وثمة أسئلة تُطرح وتكشف أجوبتها نوايا السير نحو الإصلاح من عدمه. فمثلا، هل ستعيد الحكومة العمل بقانون الدين العام الذي جمد في عهد حكومة سابقة، لوضع محددات تحول دون استمرار "فلتان" هذا المؤشر، بعد أن تجاوز حجمه 70 % من الناتج المحلي الإجمالي؟
أيضا، هل ستقوم الحكومة بتقدير الإيرادات المحلية بشكل دقيق وقريب إلى الواقع، بحيث لا نقع في المطب نفسه العام المقبل، وتبدأ الحكومات تتحدث عن تراجع الإيرادات عما هو مقدر؟ وهل ستأخذ الحكومة بعين الاعتبار التهرب الضريبي المقدر بحوالي 700 مليون دينار لمحاصرة جزء منه.
من القضايا التي يلزم التوقف عندها وتمحيصها، تلك المتعلقة بسقف الإنفاق؛ إذ يتطلب الوضع الخطر وقفة مراجعة توصلنا إلى موازنة تقترب من واقعنا الاقتصادي، بحيث يتم تخفيض حجمها أو تثبيته على أقل تقدير، من خلال وقف سياسة الإنفاق التوسعية التي وضعتنا في غير موقعنا المالي، وأوصلتنا إلى كل هذا الخراب.
بند الدعم سيبقى موجودا، لكن بشكل مختلف هذه المرة، وسيكون تحت مسمى "دعم نقدي للمستحقين". وما يزال المسؤولون مختلفين حول القيمة العادلة لهذا الغرض؛ إذ يقدره بعضهم بحوالي 150 مليون دينار، فيما يرى آخرون أن الرقم يجب أن لا يقل عن 400 مليون دينار.
المبالغة في تقدير المنح ليست جديدة، وهي نهج اعتمدته الحكومات منذ العام 2004، ما أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي إلى مستويات لا تتناسب أبدا والموارد المحلية، الأمر الذي أوصلنا اليوم إلى جزء كبير من المأزق الذي تمر به المالية العامة.
ولربما يطرأ اختلاف كبير على قيمة المنح المنتظرة التي قدرت في موازنة العام 2012 بحوالي 870 مليون دينار، ولم يصل منها حتى اليوم إلا جزء يسير.
التغير المرجح على قيمة المنح، وتحديدا العربية منها، منبعه تأخر وصول المنح الأخرى والمقدرة بحوالي 700 مليون دينار. وهي منح مفترضة من المملكة العربية السعودية، لم تصل حتى الآن، وتؤكد مصادر رسمية أنها ستصل بعد العيد.
بند النفقات سيكون في غاية الأهمية، بحيث يصار إلى تخفيض كل بنود الإنفاق بدون استثناء، وتوضيح النفقات الرأسمالية التي ستغطى بأموال قدمها الصندوق الخليجي للتنمية، والتي يقدرها مسؤولون بحوالي نصف المبلغ المتوقع خلال العام المقبل والبالغ قيمته 700 مليون دينار، إذ ستساعد هذه الأموال في تحسين وتيرة النمو الاقتصادي.
على الحكومة أن تسعى إلى معالجة بعض الاختلالات القائمة، وأن تلغي، مثلا، الدعم المقدم للمؤسسات المستقلة، إن لم تتمكن من دمجها في الموازنة العامة، بحيث تغطي هذه المؤسسات نفقات بعضها، بأن يتم استغلال الفائض لدى بعضها بتغطية عجز أخرى. الإصلاح الاقتصادي للعام المقبل يبدأ من الموازنة. وهندسة الموازنة، وقيمتها، وتقديرات الإيرادات، وتوجيه النفقات والمنح بشكل صحيح، وتقليص الهدر كلها خطوات ستبث رسائل قوية باتجاه توفر إرادة الإصلاح الاقتصادي الشامل، وبغير ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة من الأخطاء والتنظير بدون أن نغير شيئا في واقعنا الاقتصادي."الغد"