jo24_banner
jo24_banner

سوق الطحين السوداء

جمانة غنيمات
جو 24 : ثمة كثير يحدث في سوق الطحين المدعوم. ويجري الحديث عن ممارسات غير شرعية تتجاوز القانون، وتستغل الطحين المدعوم في غير مكانه وبدون وجه حق، الأمر الذي يحتاج إلى متابعة حثيثة من الجهات المعنية لوقف هذا التجاوز.
ما يحدث في هذا القطاع الحيوي يكلف الخزينة الكثير من الأموال بدون طائل، خصوصا أن استهلاك الطحين يذهب في غير الأوجه المخصصة، وفي اتجاهات غير صحيحة، بحاجة إلى تحقيق، والتأكد من قنوات استهلاكه وتحديدا ذلك المخصص لدعم الخبز.
المشكلة كبيرة، وتتوزع بين جهات عدة مختلفة، تبدأ من وزارة الصناعة وتنتهي بالمخابز مرورا بالمطاحن، وتتمثل نتيجتها في نهاية المطاف في تبديد أموال الخزينة بطرق غير شرعية، وجني أرباح غير مستحقة لكثير من المنتفعين من الطحين المدعوم، والذي تفترض طبيعة الأشياء أن يستهلك في الغايات التي وضع لأجلها، لا أن يكون مصدرا لتحقيق الربح غير المشروع.
المشكلة تبدأ من المبالغة في تحديد كميات الطحين التي تحتاجها المخابز لإنتاج الخبز المدعوم من قبل المخابز نفسها. يلي ذلك اتفاق غير معلن بين المطاحن والمخابز على شراء كميات الطحين الفائضة عن حاجة المخابز لبيعها في قنوات أخرى لا تستحق الدعم المالي المقدم لهذه السلعة، مثل محال الحلويات التي يمنع القانون استفادتها من الدعم المقدم لمادة استراتيجية هي الخبز.
ما يطبخ ويحاك في الخفاء ليس إلا سوقا سوداء كبيرة، تقوم على تجارة غير قانونية تتم على حساب الناس والمستهلك والمال العام. وهذه جريمة يجب أن يحاسب مرتكبوها إن ثبتت عليهم، خصوصا أن مثل هذه المسلكيات تزيد من عجز الموازنة العامة نتيجة ارتفاع قيمة الدعم المقدم للخبز.
التلاعب في قوت الناس هو ما يحدث في هذه السوق البعيدة عن عيون مراقبي وزارة الصناعة والجهات الرسمية المعنية بالرقابة على كيفية استهلاك الطحين المدعوم، إذ تشير الأرقام إلى أن ربحية بعض المطاحن لا تقل في اليوم الواحد عن 1500 دينار.
حل المشكلة بحاجة إلى تكثيف وتشديد الرقابة على المخابز والمطاحن معا، للتأكد من كميات الطحين الحقيقية التي تحتاجها، بحيث يصار إلى إجراء دراسة عملية وعلمية لا تعتمد على تقديرات المخابز نفسها، بل تعتمد على حجم استهلاك الخبز في المملكة.
من الأشكال الأخرى لسوء استخدام الطحين، والتي تحتاج إلى تدقيق ومتابعة وتحقيق، ما يشاع حول كميات القمح المدعوم التي يتم طحنها لدى المطاحن. إذ يؤكد عاملون فيها أن نسب طحن القمح التي تتم فعليا تقل عن النسب المعتمدة من الحكومة، حيث يعاد طحنها مرة ثانية لإنتاج كميات من الطحين الذي لا يخضع للرقابة، ويباع للمخابز أيضا ولمحال الحلويات في سوق جديدة لا تدخل في حسابات وزارة الصناعة.
الفوضى التي تعم سوق الطحين تنطوي على العديد من المخالفات التي تحتاج إلى ضبط وإعادة تقييم، لتستوي الأمور وتعود إلى وضعها الطبيعي بدون تشوهات، ويتم محاسبة كل من تجاوز أو أخطأ.
المسألة ليست سهلة بل في غاية التعقيد؛ فمن يرتكب مثل هذه الأفعال يقوم بها في ليل ومن خلف ستار في الظلام، وإيقافه عند حده بحاجة إلى حسم يضع حدا للتلاعب بقوت الناس.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير