jo24_banner
jo24_banner

ضم الضفة الغربية الآن إلى الأردن أمرٌ مرفوضٌ قطعاً

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : إعادة التفكير بضمّ الضفة الغربية إلى الأردن في هذه الأوقات يمثل جزءاً من التفكير "الإسرائيلي" الذي لا يخرج عن دائرة المؤامرة والتفكير التآمري، الممزوج بسياسة الاستغفال الذي يمثل نهجاً صهيونياً ثابتاً لا يتغير مع تغير الدهور والأزمان، القائم على التضليل والمخادعة، الذي يجد طريقه دوماً عبر الواقع العربي المرتبك الذي يتمّ فيه تغييب الشعوب عن حقها في تقرير مصيرها وحقها في المشاركة في إدارة شؤونها.
التعبير السياسي والإعلامي عن هذا الموضوع يعتبر مخادعا ومضللا ابتداءً، ويحمل كل معاني الاستغفال، لعدة أسباب واضحة تمام الوضوح؛ السبب الأول، أنّ مصطلح الضفة الغربية ما عاد يشمل أرض الضفة الغربية بشكلٍ كاملٍ وصحيح، بل يقصد به ما تبقى منها بعد الاستيلاء على القدس وأراضيها، وإقامة المستعمرات وتوسيعها، وبناء الجدار العازل وما تمّ من خلاله من مصادرة لمساحات واسعة.
السبب الثاني، أنّ الحدود مع الأردن والشريط الغوري على محاذاة النهر والبحر الميت، سوف يكون تحت السيطرة والسيادة "الإسرائيلية"، حسب الشروط الثابتة لزعماء الكيان الصهيوني.
وبناءً على ما سبق فإنّ مصطلح الضفة الغربية سوف يكون مضمونه وفقاً للتفسير "الإسرائيلي" عبارة عن مجاميع سكانية محاصرة تحوي كثافة فلسطينية غير مرغوب بتبعيتها لـ "دولة إسرائيل"، يتمّ إلحاقهم بالأردن بصيغة فيدرالية أو كونفيدرالية يتمّ التشاور عليها مع مختلف الأطراف المعنية.
هذا الحل وفقاً لهذا التصور عبارة عن صيغة يجري إنضاجها داخل الأحزاب "الإسرائيلية" أولاً، وتسعى لتنفيذها إمّا عبر المفاوضات مع السلطة وبعض الأطراف الفلسطينية والأردنية، أو من خلال سياسة فرض الأمر الواقع من خلال تصرف فردي "إسرائيلي" بطريقة أحادية، كما صرّح بذلك "باراك".
المخطط الصهيوني الذي يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية عمد إلى تمزيق الشعب الفلسطيني إلى عدة "كتل" لكل منها ظروفه الخاصة، وله قيادات وهويات فرعية متباينة وهموم وطموحات مختلفة، كتلة فلسطينيّي (48)، وكتلة فلسطينيّي "غزة"، وكتلة اللاجئين في سورية ولبنان والمهجر، وكتلة فلسطينيّي "الأردن"، ونتج عن هذا التمزيق عدة مشاكل مستعصية أضرّت بمشروع التحرير، وأضرّت بمستقبل القضية الفلسطينية برمّتها.
إنّ مواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية يجب أن ترتكز على عدة محاور أهمّها: وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة الأرض الفلسطينية، ووحدة المشروع والهدف والإطار.
إنّ الإخلال بهذه المحاور أو بأيّ واحدٍ منها، تحت ضغط الظروف الصعبة التي خلقها الاحتلال وتحت ضغط الواقع السياسي المفروض، سوف يؤدي إلى انهيار المشروع، وانهيار المستقبل، ونجاح المخطط التآمري الصهيوني، الذي يرتكز على تخطيط محكم ورؤية صهيونية صارمة، يتمّ تجاهلها أو التغافل عنها من بعض قيادات الشعب الفلسطيني ومن بعض القادة والزعماء العرب على الجملة.
كل من يتزعم المشهد السياسي الفلسطيني، وكلّ من يتحمّل جزءاً من تمثيل الشعب الفلسطيني في أيّة بقعة من بقاع الأرض، وضمن أي مشروع سياسي أو مقاوم معنيّ بهذا الظرف الخطير أن يقدم إجابات واضحة عن مآلات المشروع الفلسطيني، وإجابات واضحة عن المسارات السياسية للشعب الفلسطيني أولاً ومن ثمّ لشعوب الأمة العربية والإسلامية قاطبة وللرأي العام العالمي.
ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من شرذمة، وما يتعرض له المشروع الفلسطيني من غموض وارتباك، وما تتعرض له المجاميع الفلسطينية من استغراق في الظروف المعاشية، واستجابة للانصراف عن مواجهة الاحتلال وتهويد القدس والاستيلاء على الأرض، إلى الانخراط في معارك صغيرة خارج إطار وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة مشروعه، أمرٌ يبعث على القلق ويثير الريبة، وله نتائج وخيمة وتداعيات مرعبة لا يدركها إلاّ أصحاب الحس النضالي الصادق، وأصحاب الولاء والانتماء الوطني العميق للأرض والمشروع.
ضمّ الضفة الغربية للأردن، قبل تحرير الأرض الفلسطينية، وقبل تحرير الإنسان الفلسطيني أمرٌ مرفوض من الفلسطينيين والأردنيين معاً، ومن يحاول تسويق هذا المشروع ضمن مقولات الوحدة والأخوة والمشاعر القوميّة، فهو إمّا متواطئ مع المخطط الصهيوني، أو مغفّل ومستغفل يعمل على خدمة المشروع الصهيوني من حيث يعلم أو لا يعلم."العرب اليوم"
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير