2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لنساعد أنفسنا أولاً

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : بمناسبة الحديث عن فوز "أوباما" للمرة الثانية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فما يمكن قوله أنّ هذا شأنٌ أمريكي أولاً وأخيراً، وبالتأكيد له مساس بالقضايا العربية وشؤون المنطقة، لما لها من مصالح استراتيجية لا تخفى على أحد، ولكن ما يجب التركيز عليه في هذا الصدد وينبغي تجليته بوضوح أنّ أمريكا شأنها شأن الدول الكبرى الأخرى التي تتعامل مع منطقتنا وشعوبها من وجهة نظرها القائمة على تقدير مصالحها، ولا تتعامل بمنطق العمل الخيري، وليس من باب ابتغاء الأجر والثواب أو من باب حسن الخلق وطيب الصنائع، وهذا ما تفعله الصين وروسيا والهند وغيرها من الدول ذات المصالح العابرة للقارات.
ومن يريد القول أنّ روسيا لم تحتل ولم تستخدم العنف في البلاد العربية فهذا ليس من باب المنهج السياسي الروسي الراسخ؛ بدليل أنّها استخدمت العنف، والعنف المفرط والاحتلال بالقوة في أكثر من دولة وأكثر من منطقة، كما حدث في أفغانستان والشيشان وجورجيا، وغيرها، فالمسألة تتبع مناطق تقاسم النفوذ والمصالح لا أكثر.
ولذلك على العرب عموماً وعلى الفلسطينيين خصوصاً، أن لا ينتظروا من "أوباما" ولا من "بوتين" تقديم شيء خارج إطار السياسة المصلحية لدولهم، و على هذا الأساس ومن هذا المنطلق يجب أن ندرك أنّ الحل لقضايانا بأيدينا نحن العرب والمسلمين، فنحن القادرون على تحرير أرضنا، واقتصادنا وحماية حدودنا وصيانة مقدراتنا عندما نحرر أنفسنا، ونبني ذاتنا وقوتنا، ونصنع نهضتنا بجهدنا وعرقنا وسواعد أبنائنا، وإبداع عقول شبابنا.
نحن نملك الموارد الوفيرة، والعقول النيرة، والجهود الشبابية، والطاقات المختزنة، التي تحتاج إلى قيادة منتجة تنتمي لهذا الشعب وتؤمن به، وتؤمن بوعيه وقدرته، تسعى للاستثمار بالإنسان من خلال إعادة بنائه بناءً سليماً وإعادة تأهليه بطريقة علمية مدروسة من أجل تمكينه من بناء وطنه وبناء قوته، واقتصاده المتين، ولا طريق لتحقيق هذه الغاية إلاّ من خلال العمل على خلق جيل حر يتمتع بالشجاعة والجرأة القائمة على حسن التفكير وبعد النظر وسعة العلم وقوة الكلمة، والثقة بالنفس من خلال مشروعها الحضاري الذاتي وهويتها الأصيلة.
"أوباما" نجح بأصوات الأمريكيين لتحقيق مصالح الأمريكيين، لا من أجل تحقيق مصالح العرب، ولا من أجل تحرير فلسطين، والعرب مدعوون لنصل إلى تلك المرحلة التي نستطيع فيها انتخاب الرئيس أو الزعيم في كل دورة انتخابية؛ بناءً على موازين حقيقية، ومنهجية علمية لمعرفة من هو الأكثر قدرة على تحقيق مصالحنا، وتحقيق غاياتنا وأهدافنا من بين المرشحين الذين يقدمون برامجهم الانتخابية بوضوح وعلانية، وعرضها على جمهور الناخبين من أجل الحوار والمناقشة والانفتاح.
عندما نصل إلى تلك المرحلة من احترام الذات، سوف نحظى باحترام الآخرين وسوف نفرض أسلوب التعامل معنا على الآخرين بناءً على قوتنا وتأثيرنا في مستقبل المنطقة لا ان يفرض علينا، وعند ذلك سوف نكون قادرين على بناء علاقاتنا مع دول العالم أجمع الكبرى والصغرى، من منطق المصالح المتبادلة والمشتركة دفعاً لمنهجية عادلة تقوم على التعامل بالمثل، بعيداً عن منطق التبعية وبعيداً عن منطق الضعف وانعدام الثقة بالنفس، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يكون الحلّ بالانتقال من حضن إلى حضن، ومن تبعية إلى تبعية بالنسبة للدول الكبرى، كما هي وصفة المنسلخين من مشروعهم الحضاري وهويتهم الثقافية.
رغم إدراكنا لبعض الفوارق بين زعيم وآخر، لكن ما ينبغي تأكيده في هذا الصدد أنّ السياسة الخارجية الأمريكية ترسم بشكلٍ مؤسسي قائم على تقدير استراتيجي لمصالحها، ولذلك لا ننتظر تحولاً درامتيكيّاً في السياسة الخارجية تجاه قضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية التي هي محل اتفاق الأمريكيين جميعاً حول دعم "إسرائيل" وتأييدها بكل قوّة ممكنة، فالتغيير الحقيقي نحن نصنعه عندما نصبح قوة فعلية قائمة على الأرض.

rohileghrb@yahoo.com


(العرب اليوم)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير