الفساد والمقاطعة
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : بعد اتخاذ القرار بحلّ البرلمان وتعيين موعد الانتخابات البرلمانية في الأردن، أصبح احتمال إجراء الانتخابات هو الأقوى رغم مقاطعة بعض الأطراف السياسية لها، وعلى رأسها "الإخوان المسلمون"، ورغم الملاحظات التي يبديها بعض المحللين والمراقبين السياسيين حول معالم المرحلة الجديدة ووجه البرلمان القادم الذي سوف يكون له إسهامٌ ملموسٌ في صياغة وجه الأردن خلال الفترة المقبلة، إلاّ أنّ هناك بعض الأطراف التي كان لها دور واضح في إبعاد الإسلاميين ومقاطعتهم.
كثير من أصحاب القرار كان لديهم حرص شديد على مشاركة الإسلاميين، وتمّ القيام بمحاولات عديدة لثنيهم عن قرار المقاطعة، وكان هناك بعض الإشارات الواضحة لتسهيل نجاح هذه الجهود، لكن في المقابل هناك مجموعات لديها حرص شديد على عدم نجاح الجهود المبذولة في هذا الصدد، ولديهم رغبة حاسمة بالاستفراد بالمشهد الأردني برمّته، سياسياً واقتصادياً وإداريّاً.
المجموعة التي بذلت جهوداً مضنية من أجل الاستئثار بالمشهد بعيداً عن مشاركة الإسلاميين ومن حولهم ومن معهم، هي الجهة نفسها التي تتحمّل مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية ووصول البلاد إلى هذه الحالة الصعبة والتركة الثقيلة من الديون والعجز والفقر والبطالة وقلة القيمة وانعدام الهيبة، وهي الجهة نفسها التي بقيت في مواقع المسؤولية ردحاً طويلاً من الزمن وغرقت في الفساد وهي بعيدة عن المراقبة والمحاسبة الحقيقية.
إنّ مجيء الإسلاميين والقوى السياسية الإصلاحية، بزخم كبير وحضور مؤثر، سوف يؤدي إلى زعزعة مواقع هذه المجموعة، وسوف يجعل قبضتها تتراخى على مراكز صنع القرار، وسوف يؤدي إلى بداية زوال الهيمنة على المقدرات، وتوارث المناصب وتوزيع الغنائم، واستخدمت من أجل تحقيق هذه البغية عدة طرق وأساليب، أهمّها:
- التخويف من إحداث نقلة إصلاحية في الدستور والتشريعات تجعل الانتخابات النيابية قادرة على الإتيان بالشخصيات الوطنية القوية، والكفاءات الشعبية التي تملك القدرة على فضح الفساد وملاحقة الفاسدين، استناداً إلى إطلاق فزاعة الإسلاميين، خاصة بعد فوزهم في دول الإصلاح والربيع العربي.
- التركيز على مقولة أنّ الإسلاميين يريدون التغيير ولا يريدون الإصلاح وأنّهم لا يريدون المشاركة، ويريدون المغالبة بل الاستئثار بالسلطة، وبالغوا في قوتهم، وقدموا تقارير مرعبة غير واقعية حول حجمهم وحجم وجودهم المتوقع، وعمدوا إلى شيطنتهم ووضعهم بأبشع الأوصاف، واستندوا على بعض التصريحات، وبعض البيانات والخطابات، وبعض ما يقال في الغرف المغلقة وفي الجلسات التنظيمية.
- اللعب على وتر الإقليمية والجهوية، وتخويف الناس، وهناك مادة يمكن توظيفها والاستناد إليها، من بعض الأطراف قصيرة النظر، التي تفتقر إلى الحكمة وبعد النظر، خاصة من أولئك الذين لا يحسنون فهم الواقع، ولا يعون أبعاد المؤامرة الصهيونية على الأردن وأهله ومستقبله.
أعتقد أنّ المجموعة الفاسدة هي المستفيد الأكبر من إبعاد الإسلاميين والقوى الإصلاحية عن المشهد الأردني، وأنّ المقاطعة حققت غايتها التي كانت تسعى إليها والتي تتمثل ببقاء الأوضاع على ما كانت عليه من استئثارها بمؤسسات الدولة ومقدراتها، ولا تريد أن تتحقق أية خطوة جوهرية في الإصلاح الذي يرمي إلى إرساء معايير الكفاءة في التعيينات وملء مواقع المسؤولية؛ لأنّ ذلك سوف يؤدي إلى إبعاد هذه الشلل من القطط السمان التي سطت على المال العام، وتريد توارث هذا الوضع إلى الأبد.
هل يمكن البحث عن مبادرة جديدة تفوّت الفرصة على النخب الفاسدة، وتؤثر مصلحة الدولة والوطن والشعب، وتؤدي إلى إرساء معالم الاستقرار الحقيقي الذي يتأتّى بمشاركة جميع المكونات السياسيّة والاجتماعيّة، في جوّ من التفاهم والمشاركة القائمة على إدراك المصلحة الوطنية العليا، التي تعلو فوق المصالح الشخصية والحزبية والفئوية.
العرب اليوم
كثير من أصحاب القرار كان لديهم حرص شديد على مشاركة الإسلاميين، وتمّ القيام بمحاولات عديدة لثنيهم عن قرار المقاطعة، وكان هناك بعض الإشارات الواضحة لتسهيل نجاح هذه الجهود، لكن في المقابل هناك مجموعات لديها حرص شديد على عدم نجاح الجهود المبذولة في هذا الصدد، ولديهم رغبة حاسمة بالاستفراد بالمشهد الأردني برمّته، سياسياً واقتصادياً وإداريّاً.
المجموعة التي بذلت جهوداً مضنية من أجل الاستئثار بالمشهد بعيداً عن مشاركة الإسلاميين ومن حولهم ومن معهم، هي الجهة نفسها التي تتحمّل مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية ووصول البلاد إلى هذه الحالة الصعبة والتركة الثقيلة من الديون والعجز والفقر والبطالة وقلة القيمة وانعدام الهيبة، وهي الجهة نفسها التي بقيت في مواقع المسؤولية ردحاً طويلاً من الزمن وغرقت في الفساد وهي بعيدة عن المراقبة والمحاسبة الحقيقية.
إنّ مجيء الإسلاميين والقوى السياسية الإصلاحية، بزخم كبير وحضور مؤثر، سوف يؤدي إلى زعزعة مواقع هذه المجموعة، وسوف يجعل قبضتها تتراخى على مراكز صنع القرار، وسوف يؤدي إلى بداية زوال الهيمنة على المقدرات، وتوارث المناصب وتوزيع الغنائم، واستخدمت من أجل تحقيق هذه البغية عدة طرق وأساليب، أهمّها:
- التخويف من إحداث نقلة إصلاحية في الدستور والتشريعات تجعل الانتخابات النيابية قادرة على الإتيان بالشخصيات الوطنية القوية، والكفاءات الشعبية التي تملك القدرة على فضح الفساد وملاحقة الفاسدين، استناداً إلى إطلاق فزاعة الإسلاميين، خاصة بعد فوزهم في دول الإصلاح والربيع العربي.
- التركيز على مقولة أنّ الإسلاميين يريدون التغيير ولا يريدون الإصلاح وأنّهم لا يريدون المشاركة، ويريدون المغالبة بل الاستئثار بالسلطة، وبالغوا في قوتهم، وقدموا تقارير مرعبة غير واقعية حول حجمهم وحجم وجودهم المتوقع، وعمدوا إلى شيطنتهم ووضعهم بأبشع الأوصاف، واستندوا على بعض التصريحات، وبعض البيانات والخطابات، وبعض ما يقال في الغرف المغلقة وفي الجلسات التنظيمية.
- اللعب على وتر الإقليمية والجهوية، وتخويف الناس، وهناك مادة يمكن توظيفها والاستناد إليها، من بعض الأطراف قصيرة النظر، التي تفتقر إلى الحكمة وبعد النظر، خاصة من أولئك الذين لا يحسنون فهم الواقع، ولا يعون أبعاد المؤامرة الصهيونية على الأردن وأهله ومستقبله.
أعتقد أنّ المجموعة الفاسدة هي المستفيد الأكبر من إبعاد الإسلاميين والقوى الإصلاحية عن المشهد الأردني، وأنّ المقاطعة حققت غايتها التي كانت تسعى إليها والتي تتمثل ببقاء الأوضاع على ما كانت عليه من استئثارها بمؤسسات الدولة ومقدراتها، ولا تريد أن تتحقق أية خطوة جوهرية في الإصلاح الذي يرمي إلى إرساء معايير الكفاءة في التعيينات وملء مواقع المسؤولية؛ لأنّ ذلك سوف يؤدي إلى إبعاد هذه الشلل من القطط السمان التي سطت على المال العام، وتريد توارث هذا الوضع إلى الأبد.
هل يمكن البحث عن مبادرة جديدة تفوّت الفرصة على النخب الفاسدة، وتؤثر مصلحة الدولة والوطن والشعب، وتؤدي إلى إرساء معالم الاستقرار الحقيقي الذي يتأتّى بمشاركة جميع المكونات السياسيّة والاجتماعيّة، في جوّ من التفاهم والمشاركة القائمة على إدراك المصلحة الوطنية العليا، التي تعلو فوق المصالح الشخصية والحزبية والفئوية.
العرب اليوم