jo24_banner
jo24_banner

عجز الموازنة: قليل من التفاؤل

جمانة غنيمات
جو 24 : تقدر الحكومة العجز المالي لموازنة العام الحالي بأرقام متفاوتة، فتعلن تارة أن قيمته ستصل 2.5 مليار دينار نهاية العام، وتارة أخرى أن قيمته ستبلغ 2.1 مليار دينار.
التفاوت في التقديرات، إن كان بقصد أو بدون قصد، يهدف إلى تحقيق غاية واحدة هي إشعار المجتمع بخطورة الوضع المالي الذي تعاني منه الموازنة، تبعا للتقديرات التي تعلنها الحكومة.
بيد أن التقديرات الأولية للأرقام تشير إلى أن العجز سيكون أقل مما تعلن الحكومة.
وثمة عوامل تؤكد الفكرة، أولها التخفيض الذي طرأ منذ بداية العام على حجم الإنفاق الرأسمالي، وتواضع الإنفاق الفعلي لهذا النوع من الإنفاق مقارنة بما هو مقدر.
لا يتجاوز الإنفاق الرأسمالي حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) قيمة 400 مليون دينار من أصل 995 مليون دينار، فهل يتوقع أن ينفق ما تبقى من هذا البند قبل أن ينطوي العام؟.
بين ملحق الموازنة الذي أصدرته الحكومة الحالية بقيمة 800 مليون دينار والأموال المرصودة لبنود لم تنفق مخصصاتها بعد، يتوفر لدى وزارة المالية نحو 2 مليار دينار، فهل ستتمكن من إنفاق كل هذه الأموال في شهرين فقط؟ سؤال برسم الإجابة. وكم سينعكس ذلك على العجز؟
ثم لماذا تصدر دائرة الموازنة ملحقا، طالما أن السيولة غير متوفرة، وقدرة الحكومة على الاقتراض أضعف ما تكون، بعد أن خف حماس البنوك المحلية على إقراضها؟.
ولا أحد يعلم إن كان حصد ثمار إصدار اليورو بوندز سيتم خلال العام الحالي، حيث تخطط الحكومة لتسويقها خلال الشهر الأخير من العام، وهي فترة الأعياد في الأسواق المنشودة مثل أميركا وأوروبا، فهل يتوقع أن تحصل على الأموال خلال العام، سؤال ثان برسم الإجابة؟.
ثمة عامل آخر سيؤثر في القيمة النهائية لعجز الموازنة، يتمثل بتخفيض الإنفاق العسكري، حيث بادرت المؤسسات العسكرية إلى تخفيض نفقاتها بحوالي 150 مليون دينار منذ بداية العام، ويفترض أن ينعكس ذلك على قيمة العجز.
تبعا للقراءة الأولية، وفي حال طبقت الحكومة خطة ترشيد الاستهلاك التي تتحدث عنها، فان بالإمكان القول إن عجز الموازنة لن يتجاوز 1.8 مليار دينار، يتوقع أن يتراجع ليصل إلى التقديرات المدرجة في قانون الموازنة العامة والمقدرة بحوالي 1.02 مليار دينار، في حال وصلت المنح العربية، والمقدرة بحوالي 700 مليون دينار. وسط هذه القراءة يلزم طرح سؤال، حول ماهية دوافع الحكومة لتضخيم الحديث عن العجز؟
أول ما يتبادر إلى الذهن سعي الحكومة لتشكيل قناعات لدى الرأي العام تؤمن أن البلد وصل حدود الخطر، ما سيؤدي إلى تمرير قرارات مريرة، تضطر المواطن إلى تحمل أعبائها، كتضحية جديدة يقدمها من أجل درء المخاطر التي تحيق بالاقتصاد واستقراره المالي. أيضا، يرتبط ذلك مباشرة مع الاتفاقية التي وقعها الأردن مع صندوق النقد، والتي تفرض اتخاذ قرارات بالتخلص من الدعم يظن الصندوق أنها إصلاحية!، ما يؤهل الأردن للحصول على شهادة حسن سير وسلوك، تساعده في الحصول على الدفعة الثانية من قرض الصندوق، والمقدرة بحوالي 280 مليون دينار، إضافة الى دعم موقفه المالي في تسويق اليورو بوندز والمقدرة قيمتها بحوالي 800 مليون دولار.
وسط كل هذه الأرقام يحتار المواطن، وتتسرب لنفسه مخاوف من عدم قدرة الدولة على توفير الرواتب، بيد أن المعطيات الحقيقية تؤكد أن متوسط الإيراد المحلي الشهري لا يقل عن 300 مليون، وهذا المبلغ كاف لدفع الرواتب الشهرية، لكن تبقى أزمة الحكومة في توفير فوائد الدين. صحيح أن أوضاع المالية العامة ليست مريحة، وحال وزير المالية "بيبكي" كما قال رئيس الوزراء!، لكن التفاؤل وإظهار الحقيقة قادران على إعادة الثقة بالاقتصاد الذي أضره كثيرا أسلوب "الشكوى" الذي اتبعته الحكومات المتعاقبة.
فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

jumana.ghunaimat@alghad.jo


(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير