2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

التواطؤ الدولي في المجازر

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لا يمكن لنظام عربي أن يقوم بهذه المجازر, ويصل إلى هذه الدرجة من سفك الدماء والتنكيل وتدمير الأحياء السكنية بالدبابات, وقتل ما يزيد على (15) ألف شهيد خلال عام إلاّ عندما يضمن التواطؤ الدولي, وغض البصر من أصحاب القوة ومالكي الفيتو.

لقد شعرت الولايات المتحدة وأوروبا براحة الصدر وانشراح البال, عندما أقدمت روسيا والصين على استعمال حق الفيتو, ضد مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن, وذلك باختصار من أجل تحميل روسيا والصين عبء الرأي العام الغربي والعالمي تجاه صمت المجتمع الدولي ووجدت مشجباً تعلق عليه تواطؤها الخفيّ على هذه المذابح المروّعة التي لم تحدث في تاريخ الشعوب, والدول المتحضرة وغير المتحضرة.

إنّ التواطؤ الدولي على مجازر النظام السوري يحقق مجموعة من الأهداف القريبة والبعيدة على صعيد المنطقة والإقليم, وأهمّ هذه الأهداف يتجلّى في محاولة إجهاض ثورة الربيع العربي, وكسر إرادة الشعوب العربية المنتفضة على أنظمة الاستبداد والفساد, ومن أجل أن يكون النموذج السوري نموذجا مرعبا ومخيفا وبشعا لمشروع التحرر العربي الذي يبغي استرداد سلطة الشعوب المسلوبة.

والهدف الثاني يتجلّى في وضع خطة الدفاع عن بقية المنظومة العربية المتداعية, التي ربما يشكل انهيار النظام السوري الحجر الأخير بالسد الترابي المهدد بالتصدع والانهيار المؤدي إلى تغيير معالم الإقليم بأكمله.

والهدف الثالث يتمثل في تحقيق رغبة الكيان الصهيوني في عدم انهيار النظام الذي استطاع أن يحفظ أمن الجولان طوال أربعة عقود ونيف, خاصة في ظلّ عدم اطمئنان الكيان المحتل حول معالم النظام البديل.

أمّا الأثر الأكثر خطورة لهذا التواطؤ, يتمثل في تسويغ استخدام القوة والعنف لدى الأنظمة العربية الأخرى في مواجهة التحركات الشعبية, فعندما يصمت العالم على ما يفعله النظام السوري , يغري بقية الأنظمة المتلهفة لإخماد صوت المطالبين بالإصلاح والتغيير والحرية والكرامة.

أمّا ما ينبغي التنبيه إليه بقوة هو خطورة الآثار المترتبة على ما تقوم به قوى سياسية محلية, وكتاب وصحافيون من الدفاع عن المجازر بحق الشعب السوري وذلك بتسويغ استعمال القوة والعنف ضد التحركات الشعبية التحررية في كلّ الساحات العربية وهم يشعرون أو لا يشعرون.

يجب الاتفاق بهذا الشأن على مجموعة من الثوابت الأساسية التي لا يجوز الخلاف عليها المتمثلة بما يلي: حق الشعوب في التظاهر والتجمع للمطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية, وحق الشعوب باسترداد السلطة; لأنّها هي مصدر الشرعية لكلّ من يمارس السلطة. كما لا يجوز استخدام الجيش وأجهزة الأمن لمحاربة الشعب وانتهاك كرامته, ولا يجوز اللجوء إلى العنف والقوة في إسكات صوت الجماهير. وأخيراً, لا يجوز الصمت على القتل, ولا يجوز تبرير استخدام العنف من أيّ نظام تجاه الشعوب صاحبة الحق والشرعية; فتبرير استخدام العنف أشدّ خطورة من استخدام العنف ذاته.
العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news