قراءة تحليلية بنتائج مشاركة الأردن في الاختبار الدولي Pisa للرياضيات والعلوم والقرائية للعام 2015
وقبل البدء في تناول نتائج المشاركة الأردنية في هذه التقييمات فإننا سنتعرف أولاً إلى طبيعة اختبار بيزا (Pisa)Programme for" International Student Assessment " ، حيث يقوم برنامج التقييمالدوليللطلبة؛بمجموعةمنالدراسات التي تشرف عليها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD )، وتُجرى كل ثلاثة أعوام بهدفمعرفةمدىامتلاكالطلبةمنالعمر( ١٥ ) سنة للمهارات والمعارف الأساسية في( الرياضيات والعلوم والقرائية) ، وقياس قدرتهم على حل مشكلات مرتبطة بالواقع المعيشي، مستخدمين المعارف والمهارات المكتسبة في المجالات الثلاثة للتعبير عن مواقفهم بشكل واضح تجاه هذه المشكلات، إضافة إلى التركيز على استيعاب المفاهيم والقدرة على العمل في أي مجال تحت الظروف المختلفة، دون تركيز كبير على محتوى المنهج بهدف قياس مدى نجاح الطلاب الذين بلغ سنهم 15 سنة والذين هم على وشك استكمال تعليمهم الإلزامي والاستعداد لمواجهة تحديات مجتمعاتهم اليومية.
يعد هذا الاختبار أكبر مسح تعليمي دولي في العالم يشمل المدارس والطلاب في ( 72 ) بلدًا في عام 2015، ممثلة ما يقارب الـ 90% من الاقتصاد العالمي ، وتعتمد الدراسة الدولية على معايير موحدة؛ مثل تساوي أعمار الطلاب (١٥) عاما فقط دون اعتبار لصفوفهم الدراسي ، وتماثل الأسئلة التطبيقية ، وتحييد عوامل التاريخ والثقافة المحلية، ويتم التركيز في كل دورة على مجال واحد من المجالات الثلاثة، أما الدورة الأخيرة في عام 2015 فقد تم التركيز فيها على العلوم، وتم ترتيب الدول وفق ذلك، وتبلغ مدة الاختبار ساعتين، والاختبار عبارة عن أسئلة من نوع الاختيار من متعدد وأسئلة مقالية، وزمن الاختبار بكل فروعه (7) ساعات ، وعدد الطلاب الذين يُطبَّق عليهم الاختبار ما بين 4500 و 10000 طالب في كل بلد، ويتم اختيارهم بشكل عشوائي وفق إجراءات مُحكَمة لدى المنظمة الدولية، وقد بدأ أول اختبار عام 2000م بمشاركة (43 ) دولة ، والثاني عام 2003 م بمشاركة (41) دولة ، والثالث عام 2006 م بمشاركة (57) دولة، وشاركت فيها ثلاث من الدول العربية فقط هي (الأردن – قطر – تونس )، وقد جاءت جميعها ضمن الدول التي احتلت مؤخرة الترتيب في مواد الاختبار الثلاثة، ولكن مع تميز بسيط للأردن.
أما الدورة الرابعة في عام 2009، فقد كانت بمشاركة (74) دولة، واحتل الأردن المرتبة الأولى عربيًّا، وكان أداء الطلبة الأردنيين في عام 2009 أعلى مما كان عليه في عام 2006 في مجالي القرائية والرياضيات، حيث بلغ متوسط الأداء الأردني في عام 2009، في القرائية ( 405 )، والرياضيات(387)، في حين كانت هذه المتوسطات عام 2006، في القرائية ( 401) وفي الرياضيات ( 384) ، أما في العلوم فقد انخفض متوسط الأداء الأردني في عام 2009 إلى (419) مقابل (422) في عام 2006 ، وجاء متوسط أداء الأردن في مجال القرائية أعلى من متوسطات الأداء لكل من الدول التالية: (تونس، اندونيسيا، الأرجنتين، كازخستان، ألبانيا، قطر، بنما، بيرو، أذربيجان، قيرغستان). أمَّا في مجال الرياضيات فقد تفوقت الأردن على الدول التالية: (البرازيل، كولومبيا، ألبانيا، تونس، اندونيسيا، قطر، بيرو، بنما، قيرغستان). وفي مجال العلوم تفوقت الأردن على الدول التالية : (تريننداد وتوباكو، البرازيل، كولومبيا، مونتنييغرو، الأرجنتين، تونس، كازخستان ، ألبانيا، اندونيسيا، قطر، بنما، أذربيجان، بيرو، قيرغستان).
أما الدورة
الخامسة فكانت في عام 2012، وبمشاركة ( 65 ) دولة، وشاركت الدول العربية الأربعة
( الإمارات ،الأردن، وتونس، وقطر) وعلى الترتيب
بالنتائج أيضا، وكانت نتائجنا في الرياضيات ( 386)، وفي العلوم الثاني عربيا ، والترتيب
الدولي ( 61) من (65)، وفي العلوم( 409 ) الثاني عربيا ، والترتيب الدولي ( 57) من (65)
، وفي القرائية ( 398 )، الثاني عربيا ، والترتيب الدولي ( 58) من (65)،. بينما كانت الدورة السادسة في
عام 2015، وشارك في هذا الاختبار ما يزيد عن (7000) طالب من المدارس الحكومية
والخاصة ومدارس وكالة الغوث، ومثلوا (250) مدرسة، و بلغ عدد الدول المشاركة (72)
دولة، وكانت نتائجنا في الرياضيات ( 380 )، الثالث عربيا، والترتيب الدولي (
66 ) من ( 72) دولة، وفي العلوم ( 409 ) ،
الثالث عربيا ، والترتيب ( 63) من ( 72) دولة، وفي القرائية( 408) ، الثاني عربيا،
والترتيب الدولي ( 60 ) من (72) دولة.
تحليل لنتائج مشاركة الأردن في اختبار بيزا (Pisa) مقارنة مع الدول العربية والدول الخمسة الأولى دوليًّا، ومع المتوسط الدولي لدول منظمة (OECD):
تشير نتائج مشاركة الأردن في اختبار بيزا ( Pisa ) للعام 2015 إلى ما يلي:
- تم ترتيب الدول المشاركة في الاختبار لهده الدورة وفق نتائج مجال العلوم.
- بلغ المتوسط الدولي لمنظمة ( OECD ) لهذه الدورة ( 493) لمجال العلوم ، و( 490) لمجالي القرائية والرياضيات.
- احتلت دول (سنغافورا، واليابان، واستونيا، وتايوان، وفنلندا ) المراكز الخمسة الأولى على الترتيب.
- تشير النتائج إلى تراجع الأردن عن مستواه في الدورات السابقة في مجال الرياضيات وهذا التراجع ظاهري غير دالٍّ إحصائيًّا ، وثبات ظاهري غير دالٍّ إحصائيًّا في نتائج العلوم ، وتشير كذلك إلى تقدم ظاهري (ostensible progress ) غير دالٍّ إحصائيًّا في مجال القراءة، ومنذ المشاركة الأولى في عام 2006، حيث كانت النتائج في عام 2006 تشير إلى أن نتائجنا في هذا الاختبار في القرائية(401)، وفي الرياضيات(384)، أما في العلوم فكان (422) ، وفي الدورة الثانية عام 2009 فكانت النتائج في القرائية (405)، وفي الرياضيات(387) ، وفي العلوم (419). أما في عام 2012 فكانت نتائجنا في الرياضيات ( 386 )، وفي العلوم ( 409 ) ، وفي القرائية ( 398 ). بينما كانت النتائج في الدورة السادسة في عام 2015 التي تمت بمشاركة (72) دولة، في الرياضيات ( 380 )، وأقل من المتوسط الدولي (110 ) نقاط ، والترتيب (3) عربيًّا من بين (6) دول، يليها بالترتيب لبنان ، وتونس ، والجزائر، والترتيب الدولي ( 66 ) من ( 72) دولة، ، وفي العلوم ( 409 )، وأقل من المتوسط الدولي ( 84 ) نقطة ، والترتيب (3) عربيًّا من بين (6) دول يليها بالترتيب لبنان ، وتونس ، والجزائر ، والترتيب الدولي ( 63) من ( 72) دولة، وفي القرائية ( 408)، وأقل من المتوسط الدولي ( 82 ) نقطة ، والترتيب (2) عربيًّا من بين (6) دول يليها بالترتيب ، قطر، و لبنان ، وتونس ، والجزائر ، والترتيب الدولي ( 60 ) من (72) دولة .
أما نتائج الأداء لمجالات العلوم والرياضيات والقرائية، وكانت على النحو الأتي:
-نتائج العلوم اقل من المتوسط الدولي واقل من نتائج المشاركة الأولى عام 2006، وهناك تراجع ظاهري غير دال إحصائيا.
-نتائج الرياضيات اقل من المتوسط الدولي ونتائج مستقرة ولا تحسن عن نتائج المشاركة الأولى عام 2006، وهناك ثبات واستقرار في النتائج.
-نتائج القرائية اقل من المتوسط الدولي ونتائج مستقرة ولا تحسن عن نتائج المشاركة الأولى عام 2006، وهناك تقدم ظاهري غير دال إحصائيا.
في حين كانت نوعية النتائج وحسب متغيرات (الجنس، الخلفية الاجتماعية، جنسيات الطلبة (المهجرين أو غيرهم)، وكانت على النحو التالي:
-النتائج اقل من المتوسط الدولي وتعد نتائج مستقرة ولا يوجد تحسن أو تغير أقل أو أعلى يعزى لمتغير الجنس بين نتائج الذكور والاناث عن نتائج المشاركة الأولى عام 2006.
-النتائج أعلى من المتوسط الدولي وتعد نتائج مستقرة ولا يوجد تغير أقل أو أعلى يعزى للخلفية الاجتماعية عن نتائج المشاركة الأولى عام 2006.
-النتائج أعلى من المتوسط الدولي ونتائج مستقرة ولا يوجد تغير أقل أو أعلى يعزى لجنسية الطلبة غير الأردنيين، ولكنها أقل من نتائج المشاركة الأولى عام 2006.
ثالثا: لا يوجد تحسن في نتائج المشاركة الأردنية في
الاختبار الدولي بيزا (Pisa) من عام
(2006-2015) والنتائج مستقرة وثابتة في (العلوم والرياضيات، والقرائية).
- احتلت دولة الإمارات الأول عربيًّا بين هذه الدول في جميع مجالات الاختبار في الدورة السابقة، والدورة الحالية حيث كانت نتائجها في الرياضيات (427)، والترتيب (1) عربيًّا من بين (6) دول، والترتيب الدولي (48) من (72) دولة، وفي العلوم (437) ، والترتيب (1) عربيًّا من بين (6) دول، والترتيب الدولي ( 48) من ( 72) دولة، وفي القرائية (434) ، والترتيب (2) عربيًّا من بين (6) دول، والترتيب الدولي (48) من (72) دولة.
-جدول يبين نتائج الأردن منذ المشاركة الأولى:
المجال
العام |
علوم |
رياضيات |
قرائية |
المتوسط الدولي لعام 2015 لمنظمة (OECD) |
|
2006 |
422 |
384 |
401 |
علوم |
493 |
2009 |
419 |
387 |
405 |
رياضيات |
490 |
2012 |
409 |
386 |
398 |
قرائية |
490 |
2015 |
409 |
380 |
408 |
- جدول يبين نتائج الدول الخمسة الأولى، ونتائج دول الإمارات،
وقطر، والأردن لدورة عام 2015،
وفق المتوسط الدولي لمنظمة (OECD) :
المجال
الدولة |
علوم |
رياضيات |
قرائية |
المتوسط الدولي لعام 2015 لمنظمة (OECD ) |
|
سنغافورا |
556 |
564 |
535 |
علوم |
493 |
اليابان |
538 |
532 |
516 |
||
استوانيا |
534 |
520 |
519 |
رياضيات |
490 |
تايون_ الصين |
532 |
542 |
497 |
||
فنلندا |
531 |
511 |
526 |
||
الإمارات العربية المتحدة |
437 |
427 |
434 |
قرائية |
490 |
قطر |
418 |
402 |
402 |
||
الأردن |
409 |
380 |
408 |
وفي ضوء هذه النتائج فإنه من المهم لصناع السياسة وأصحاب القرار الاطلاع على نتائج هذا الاختبار الدولي؛ لأنها تقدم لهم رؤى عن السياسات والممارسات التي تساعد على رصد الاتجاهات لدى الطلبة ومدى اكتسابهم للمعرفة والمهارات في مختلف البلدان، كما يكشف الاختبار نتائج الطلبة الأعلى أداء والأكثر تحسُّـنًا بشكل أسرع في الدول المتقدمة، حتى تتمكن الدول الأخرى الأقل تطورًا التعلم منها والقيام بخطوات إصلاحية لنظمها التعليمية، والعمل على تحديد أهداف السياسة القابلة للقياس والتعلم باعتماد المعايير الدولية لرسم التطور التربوي الوطني ومقارنته بنتائج الدول المماثلة والمنافسة له في عالم الاقتصاد.
الحلول المقترحة:
في ضوء التحليل الذي تم لنتائج اختبار تميز (TIMSS) لمادتي العلوم والرياضيات واختبار بيزا (Pisa) لمادتي العلوم والرياضيات والقرائية، ولتدني النتائج في أداء الاختبارَيْن وأثرهما في سمعة النظام التعليمي الأردني، فإنه يُـقتَرح الحلول نفسها التي قدمت لاختبار (TIMSS)، وتتمثل في الآتي:
- تشكيل هيئة وطنية تُعنى بالإشراف المباشر على النظام التعليمي، وتمثل مكونات المجتمع لتعكس فلسفته في النظام التعليمي.
- إعادة النظر واجراء مراجعة حقيقية من قبل لجنة من المحايدين الذين يمكن للهيئة اختيارهم بعيدًا عن هيمنة المسؤولين في الوزارة.
- إعداد خطة إنقاذ وطني لتطوير النظام التعليمي، بحيث تتناول عناصر المنظومة التعليمية كافة.
- إسناد مهمة إدارة النظام التعليمي لمتخصصين تربويين.
-إعادة النظر في تنفيذ المبادرات الملكية التي تشكل الأساس في تطوير المنظومة التعليمية التي فشل القائمون على النظام التعليمي من فهمها أو وضع الخطط الإجرائية لتنفيذها.
- تنفيذ توصيات استراتيجية تنمية الموارد البشرية التي تعد المظلة لتطوير منظومة الموارد البشرية.
- الاسترشاد بالنظم التعليمية العالمية والعربية المتقدمة وآلياتها، ولاسيَّما لدى الدول التي حققت تقدُّمًا في الاختبارات الدولية.
- التركيز على إعداد الطلبة للـعمل المستقبلي؛ لإدماجهم في المجتمع، وتحفيزهم على تطوير قدراتهم وتحقيق أفضل النتائج العملية.
- تطوير المناهج الدراسية لتركز على تنمية الإبداع والابتكار والاختراع وتطبيقاته العملية، والانتقال إلى التعليم القائم على مستوى متقدم من التفكير والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي، وتنمية المهارات العقلية والعملية لدى الطلبة فيما تعلموه. وعليه لا بد أن تكون التقييمات الدولية جزءًا لا يتجزأ من عملية التدريس والتعليم للمحتوى، وأحد المداخل المهمة لتطويره.
- تفعيل توظيف التكنولوجيا التفاعلية في الغرف الصفية ومواقف التعلم المختلفة، وتفعيل مواد الرياضة والفنون عموما وغيرها.
- الاستفادة من تجربة بعض الدول العالمية والعربية في موضوع استقلال المؤسسة التعليمية لضمان نجاحها، والبدء بتجريبها على عينة من المدارس أو الإدارات، أو الدول التي لديها أكثر من نظام تعليمي في البلد الواحد.
- رفع مكانة المعلم الاجتماعية وتأهيله وتدريبه على استراتيجيات وأساليب التدريس الحديثة.
- نقل أثر التدريب والتعليم والتوظيف إلى الغرفة الصفية مع الطلبة.
- زيادة المخصصات المالية لتدريب المعلمين، بما يمكنهم من حرية تنظيم العملية الدراسية بما يناسب طلبتهم، وتطبيق ما تعلموه أو تدربوا عليه.
- إنشاء محطات تقييمية لكل مرحلة تعليمية أو في نهاية كل مـستوى دراسي، بحيث يتقدَّم الطلبة إلى اختبارات نظرية واختبارات عملية من واقع الحياة، من أجل اختبارهم عمليًّا على مهارات الحياة.
- تطوير بيئات التعلم المادية والمعنوية، وتزويدها بموارد التعلم لتصبح بيئات جاذبة ومحفزة على التعلم.
- تبني سياسات للاختيار والتعيين والاستقطاب والمحافظة على العاملين المتميزين في النظام التعليمي.
-إنشاء نظام المساءلة التعليمية المجتمعية على المستويات الإدارية والفنية كافة في (إدارة النظام، والمديريات، والمدارس).