طبخة حصى
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : التغييرات السريعة والمتلاحقة التي ظهرت على المسرح السياسي المحلي الأردني خلال الأعوام القليلة الماضية، أوجدت انطباعاً سائداً لدى أغلبية الشعب الأردني، أننا بصدد مرحلة جديدة وسياسات جديدة ومنهجية جديدة ووجوه جديدة، ومجلس نواب جديد، وحكومات جديدة، وطريقة جديدة في اختيار رئيس الحكومة والفريق الوزاري الجديد، حتى لو لم تصل إلى الصورة المأمولة المكتملة أو في طريقها نحو الاكتمال.
لكن المراقب لما جرى ويجري في هذا المجال، يصل إلى قراءة مختلفة للمشهد المحلي، ويكاد يتم القطع بنتيجة أقرب إلى الاحباط وعدم الرضا منها إلى الأمل القليل والمبسّط بإحداث تغيّر حقيقي ينقل الدولة والمجتمع من حال إلى حال، وكأن ما يجري أشبه بما يسمّى "بطبخة الحصى".
لقد بدأت ملامح القوائم الانتخابية بالظهور، وقرأ الناس حروفها الأولى، وبدا واضحاً ترتيب الأسماء والشخوص التي تحتل المراتب الثلاث أو الأربع الأولى والتي ستحظى بالمقاعد البرلمانية المخصصة للقائمة في ظل التوقعات المؤكدة بعدم حصول أية قائمة على ما يزيد على 15 % من أصوات الناخبين، ما يجعل أن هذه النسبة لن تمنح القائمة سوى "أربعة" مقاعد فقط وفقاً لأحسن التوقعات، ما يوصلنا فوراً إلى قراءة الأسماء المتوقعة من دون عناء التي تريد تصدر المشهد السياسي.
كل الأردنيين خير وبركة، وينبغي تقدير جهود كل من يحاول تقديم الخدمة لوطنه وأمته، وتقديم الشكر على ما قدموا، لكن السؤال الكبير المطروح على ألسنة الشباب والأجيال ما هو الجديد عند هؤلاء القادمين، وقد كانوا جميعاً نواباً سابقين، ومسؤولين في الدولة واستلموا حقائب وزارية، أكثر من مرة وأكثر من دورة، واعتلوا مقعد رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة دورة بعد دورة، وقطفوا من أعمارهم وأفكارهم القطفة الأولى والثانية والثالثة...
لقد استمعنا لهؤلاء الذين يتصدرون القوائم المقبلة، مرات عديدة عندما كانوا في البرلمان والوزارة، ورأيناهم يجيدون توجيه الانتقادات لخصومهم وأحياناً يشاركون في وصف المرحلة السابقة لكنهم أقل قدرة على توجيه الانتقاد لأنفسهم إذا أرادوا العودة مرة أخرى في ضوء الربيع العربي وفي ضوء الطموحات الكبيرة التي يتطلع اليها الشباب وجماهير الحراك الشعبي والأجيال الجديدة، إذ من الواجب عليهم أن يوضحوا أنفسهم بجلاء ماذا كانوا وماذا أصبحوا، وهل يريدون تكرار أنفسهم أم عندهم شيء جديد يمكن إقناع الشعب الأردني به، وما هو هذا الشيء الجديد المختلف الذي لم يستطع أحدهم تقديمه وهو في السلطة والمسؤولية!!
ليس من المتوقع من هؤلاء الذين كانوا نواباً لأكثر من دورة ووزراء في أكثر من حكومة، أن لديهم ما يمكن تقديمه، حتى لو تغيرت أسماء الكتل والقوائم، وحتى لو تغيرت الصبغة الخارجية، وتغيرت القوالب والأشكال والمظاهر بإدخال بعض أنواع الزينة والرتوش التي لا تغيّر من الحقيقة الجوهرية شيئاً.
إذا كان هناك بعض الجدية لدى مختلف الأطراف، التي شاركت في صناعة المرحلة، وتحملت المسؤولية في إدارتها، صغرت أم كبرت فهم أمام مرحلة جديدة تقتضي منهم الاعتراف بأخطاء المرحلة السابقة وكشف التجاوزات التي تم ارتكابها أمام الشعب الأردني، وتشخيص مواضع الخلل بجرأة وأمانة وصدق قبل أن يحاولوا العودة من النافذة بعد أن خرجوا من الباب.
معظم الوجوه السابقة التي شاركت في مؤسسات الدولة الكبرى التشريعية والتنفيذية وما يتبعهما وما يلحق بهما، رتعوا في المال العام، وبذلوا جهوداً كبيرة من أجل الحصول على امتيازات شخصية، تتجلى بالسفرات والمياومات والسيارات والمنح والأعطيات، والرّش على المحاسيب والأزلام والأقارب، وشراء الذمم، وكان لبعضهم جهود مميزة في الحيلولة دون تطوير قانون الانتخاب ومجمل القوانين التي تمس الحريات العامة، وبعضهم أو الغالبية العظمى منهم أسهموا في طي ملفات الفساد، وتبرئة الفاسدين، وساندوا الحكومات الظالمة وزاودوا عليها..!!
كل من كان عضواً في جوقة الفساد، أو دار في فلكها، أو ساندها أو رقص على غنائها، وكل من غطى عليها، وصمت على جرائمها، لا يجوز له أن يفكر بالعودة مرى أخرى إلى المشهد السياسي، وأفضل ما يقدمه للشعب الأردني في هذه المرحلة أن يعتزل العمل السياسي، ويفسح المجال للوجوه الجديدة والشابة لممارسة دورها في الاصلاح وتقليل الفساد وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
لكن المراقب لما جرى ويجري في هذا المجال، يصل إلى قراءة مختلفة للمشهد المحلي، ويكاد يتم القطع بنتيجة أقرب إلى الاحباط وعدم الرضا منها إلى الأمل القليل والمبسّط بإحداث تغيّر حقيقي ينقل الدولة والمجتمع من حال إلى حال، وكأن ما يجري أشبه بما يسمّى "بطبخة الحصى".
لقد بدأت ملامح القوائم الانتخابية بالظهور، وقرأ الناس حروفها الأولى، وبدا واضحاً ترتيب الأسماء والشخوص التي تحتل المراتب الثلاث أو الأربع الأولى والتي ستحظى بالمقاعد البرلمانية المخصصة للقائمة في ظل التوقعات المؤكدة بعدم حصول أية قائمة على ما يزيد على 15 % من أصوات الناخبين، ما يجعل أن هذه النسبة لن تمنح القائمة سوى "أربعة" مقاعد فقط وفقاً لأحسن التوقعات، ما يوصلنا فوراً إلى قراءة الأسماء المتوقعة من دون عناء التي تريد تصدر المشهد السياسي.
كل الأردنيين خير وبركة، وينبغي تقدير جهود كل من يحاول تقديم الخدمة لوطنه وأمته، وتقديم الشكر على ما قدموا، لكن السؤال الكبير المطروح على ألسنة الشباب والأجيال ما هو الجديد عند هؤلاء القادمين، وقد كانوا جميعاً نواباً سابقين، ومسؤولين في الدولة واستلموا حقائب وزارية، أكثر من مرة وأكثر من دورة، واعتلوا مقعد رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة دورة بعد دورة، وقطفوا من أعمارهم وأفكارهم القطفة الأولى والثانية والثالثة...
لقد استمعنا لهؤلاء الذين يتصدرون القوائم المقبلة، مرات عديدة عندما كانوا في البرلمان والوزارة، ورأيناهم يجيدون توجيه الانتقادات لخصومهم وأحياناً يشاركون في وصف المرحلة السابقة لكنهم أقل قدرة على توجيه الانتقاد لأنفسهم إذا أرادوا العودة مرة أخرى في ضوء الربيع العربي وفي ضوء الطموحات الكبيرة التي يتطلع اليها الشباب وجماهير الحراك الشعبي والأجيال الجديدة، إذ من الواجب عليهم أن يوضحوا أنفسهم بجلاء ماذا كانوا وماذا أصبحوا، وهل يريدون تكرار أنفسهم أم عندهم شيء جديد يمكن إقناع الشعب الأردني به، وما هو هذا الشيء الجديد المختلف الذي لم يستطع أحدهم تقديمه وهو في السلطة والمسؤولية!!
ليس من المتوقع من هؤلاء الذين كانوا نواباً لأكثر من دورة ووزراء في أكثر من حكومة، أن لديهم ما يمكن تقديمه، حتى لو تغيرت أسماء الكتل والقوائم، وحتى لو تغيرت الصبغة الخارجية، وتغيرت القوالب والأشكال والمظاهر بإدخال بعض أنواع الزينة والرتوش التي لا تغيّر من الحقيقة الجوهرية شيئاً.
إذا كان هناك بعض الجدية لدى مختلف الأطراف، التي شاركت في صناعة المرحلة، وتحملت المسؤولية في إدارتها، صغرت أم كبرت فهم أمام مرحلة جديدة تقتضي منهم الاعتراف بأخطاء المرحلة السابقة وكشف التجاوزات التي تم ارتكابها أمام الشعب الأردني، وتشخيص مواضع الخلل بجرأة وأمانة وصدق قبل أن يحاولوا العودة من النافذة بعد أن خرجوا من الباب.
معظم الوجوه السابقة التي شاركت في مؤسسات الدولة الكبرى التشريعية والتنفيذية وما يتبعهما وما يلحق بهما، رتعوا في المال العام، وبذلوا جهوداً كبيرة من أجل الحصول على امتيازات شخصية، تتجلى بالسفرات والمياومات والسيارات والمنح والأعطيات، والرّش على المحاسيب والأزلام والأقارب، وشراء الذمم، وكان لبعضهم جهود مميزة في الحيلولة دون تطوير قانون الانتخاب ومجمل القوانين التي تمس الحريات العامة، وبعضهم أو الغالبية العظمى منهم أسهموا في طي ملفات الفساد، وتبرئة الفاسدين، وساندوا الحكومات الظالمة وزاودوا عليها..!!
كل من كان عضواً في جوقة الفساد، أو دار في فلكها، أو ساندها أو رقص على غنائها، وكل من غطى عليها، وصمت على جرائمها، لا يجوز له أن يفكر بالعودة مرى أخرى إلى المشهد السياسي، وأفضل ما يقدمه للشعب الأردني في هذه المرحلة أن يعتزل العمل السياسي، ويفسح المجال للوجوه الجديدة والشابة لممارسة دورها في الاصلاح وتقليل الفساد وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)