الحدود الشمالية وخطورة الرسالة
ما يجري على الحدود الشمالية مع سوريا، يعبر عن رسالة خطيرة تعبر عن مضمون يتسم بالشراسة، في ظل معرفة الحقيقة الواضحة التي تقول إن تحرك داعش والنصرة، وإعادة انتشارها في الجنوب السوري لا يخرج عن سياق تجاذبات الأطراف المتصارعة، وهو امتثال لأوامر المحركين من أصحاب التمويل والتسليح من جهة، وفي سياق المعرفة والتنسيق من الأطراف الأخرى المؤثرة التي ترقب التحركات عن كثب، وهي ليست خارج السيطرة بكل تأكيد، وهذا ما يفسر الاستيلاء على تدمر والتحرك في مناطق السويداء ودرعا تحت بصر كل الأقوياء والفاعلين في المشهد السوري.
الدولة الأردنية هي الأكثر تأثراً بما يجري على حدودها والأكثر عناية واهتماماً، ودور الأردن في هذه المسألة دور مباشر ولن يكون من خلال أطراف أخرى مهما كانت درجة القرب والصداقة.
الأردن معني تماماً بقراءة المشهد وقراءة التغيرات السريعة التي تجري على الأرض السورية، والتغيرات الكبيرة التي طرأت على مواقف القوى الإقليمية التي تدير مصالحها على الأرض السورية بشكل مباشر من خلال جيوشها ومن خلال حلفائها، ومن حق الأردن أن يستعمل ما لديه من أوراق قوة وعلاقات صداقة مع مختلف الأطراف من أجل تأمين المصالح الأردنية.
الأطراف العربية المؤثرة في القضية السورية بوجه من الوجوه معنية بقوة الموقف الأردني، وليس إضعافه، وينبغي أن يكون التحرك الاستراتيجي العربي موحداً وضمن إطار المصالح العربية المشتركة العليا، ما يجعل دور الأردن في هذا المسار محورياً وفي غاية الأهمية لما تمثله الأردن من موقع استراتيجي مهم وما تتمتع به الأردن من منهج سياسي معتدل يؤهلها للتعامل مع مختلف الأطراف بمرونة عالية.
ما يحتاجه العرب بالدرجة الأولى وعلى وجه التحديد يتمثل بالوصول إلى صياغة موقف عربي موّحد له رؤية متوازنة قائمة على تشخيص مصلحة الشعب السوري أولاً، ومصلحة الشعوب العربية المجاورة ثانياً، ومصلحة العرب جميعاً، التي لا تخرج عن هدف وقف شلال الدم في سوريا، وإعادة المهجرين ضمن دولة واحدة وأرض موّحدة وشعب موّحد، بقيادة حكومة انتقالية تمثل أطراف الشعب السوري ومكوناته، تتحمل مسؤولية الإعداد لسوريا المستقبل وإعادة إعمارها وإرساء قواعد السلم المجتمعي وإيجاد نظام ديمقراطي حقيقي.