الملك في مواجهة الشعب
منذ شهر تقريبا بدأت حملة اعلامية موجهة بطريقة غاية في الخبث هدفها وضع الملك في مواجهة الاردنيين ولا تزال مستمرة وتركز على مفاصل محددة غاية في الحساسية بحيث يتم ربط الملك بحالة الصراع الداخلي الموجودة ووضعه في مواجهة التيارات والقوى المختلفة وكل جهة ترغب في النيل من الاخرى تلعن اختها من خلال استغلال النشاط الملكي بتحريف الوقائع على الارض ولي عنق التصريحات الملكية ..
الحملة الاعلامية الممنهجة على الملك وتجييش الشارع ضده ما كانت تستدعي التوقف او الانتباه فيما لو كانت موجهة من خلال مؤسسات اعلامية خارجية او انها كانت انعكاسا لها ولكن ما يستدعي التأمل والتوقف انها تنطلق من بين ظهرانينا ويتم الترويج لها من خلال بعض المؤسسات الاعلامية الاردنية مما يضع علامات استفهام كبيرة جدا حول الجهة التي تقف خلفها ..
الحملة منسقة وذكية ولا تخلو من الدهاء والتوجيه وصناعة الخبر ولا اقول نقله وهي تتلقف أية معلومة او جهد او حركة يقوم بها الملك وتضعها في غير مكانها واطارها ويجري تشويه كل ما يتعلق بجهود الملك في الشارع ويجري تحريف تصريحاته بمقابل حالة عجيبة من صمت القبور تميز الديوان الملكي وقصور في الأداء لدى جهاز المخابرات مما قد يستدعي اجراءات صارمة في الأيام القادمة ليس أقلها ان نشاهد تغييرات واسعة على مستوى قيادي في هاتين المؤسستين ..
افراط المخابرات في الثقة بالنفس تحت بند ( الوضع تمام سيدي ) من أهم العوائق التي تحول دون تقديم هذه المؤسسة لاجابات واضحة ودقيقة حول ماهية الجهة التي تقف خلف حالة الاستهداف والتجييش الممنهج ضد الملك كما لا يوجد مبرر للغيبوبة التي دخل فيها الديوان الملكي بتراجعه عن أداء دوره فالمشهد الاردني يوحي بأن الملك بات يقاتل وحيدا دون حلفاء حتى ممن اختار الاجندة الملكية كوسيلة للاصلاح مثل الاحزاب المشاركة في الانتخابات ويضعون العبء كاملا على حكومة سيستيقظ الجميع على مفاجأة انها غير دستورية ..
كمواطن اردني أريد ان اعرف من قام بصناعة ونشر اخبار وتقارير جرى توزيعها على الجهات الاعلامية والوكالات الاخبارية المختلفة وما هي دلالات ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يلي :-
اولا / تقارير اعلامية تربط الملك بغلاء الاسعار على المواطنين وانه يدافع عن قرار الحكومة برفع الدعم ونقل تبعات اصدار القرار من الحكومة على الملك مما ينقل حالة الكراهية الشعبية من الحكومة للملك ..
ثانيا / تقارير وتحليلات عن قيادة الملك للسياسة الخارجية بشكل منفرد دون ربط ذلك بالمصالح الاردنية الداخلية العليا ومن ثم الحديث عن دور غير بريء للاردن في الشأن السوري مما يضع الملك في مواجهة تيار دعم النظام السوري والذي لا يستهان بتأثيره في الشارع
ثالثا / اخبار وتقارير اعلامية عن حالة من الوحدة غير واضحة وغير مفهومة وعلاقة ضبابية مع الشقيق الفلسطيني وكونفدرالية تضع التيار الوطني الاردني والتيار الوطني الفلسطيني بمواجهة الملك الذي يتم تصويره كجهة داعمة لهذا التوجه في لقاء الرئيس عباس
رابعا / اخبار وتقارير وتصريحات محرفة منسوبة للملك بأنه مستهدف من تنظيم الاخوان مما يضع الشريحة المعارضة الاساسية في طريق اللاعودة يضاف الى ذلك الامتداد الكبير للتنظيم في الشارع وتأثيره على الرأي العام
خامسا / الحديث عبر الفضائيات والاعلام حول انتقاد الملك لرجال الامن العام والدرك بطريقة تعاملهم مع الموقوفين والحديث بأن الراحل الكبير الحسين رحمه الله قد حذر الملك من جهاز المخابرات وبنفس الوقت الافراج عن الموقوفين – من غير معتقلي الرأي - حتى ممن ارتكبوا جرائم في الاحداث الاخيرة على وجه الحقيقة سواء بالاعتداء بالقتل او الشروع فيه على رجال الامن او تخريب المنشآت العامة والخاصة مما يشكل احباطا لدى هذه المؤسسات ومنتسبيها وعائلاتهم
سادسا / نشر اخبار وتصريحات وتحليلات عن براءة الملك من المجموعات الموالية والمؤيدة له وبالنتيجة براءته من امتداداتها المناطقية وما تقوم به من مسيرات وفعاليات لدعم اجندة الملك الاصلاحية
سابعا / نشر اخبار عن رسالة موجهة من الاخوان للملكة رانيا بطريقة مسيئة للملك وتتجاوزه حول ولاية العهد ودعمهم للامير حسين ( بعد احتسابهم على ما يسمى بالكتلة الفلسطينية ) بمقابل الترويج للامير حمزة اعلاميا ومحاولة احتسابه على ما يسمى ( بالشرق اردنيين ) وبما يوحي بوجود انقسام في الاسرة المالكة ويتزامن ذلك مع اشاعات حول دعم امريكي لتغييرات في هذا الاتجاه
حسنا .. هل بقيت جهة او مجموعة او فئة او مكون وطني لم يجر تحريضه على الملك بعد ؟؟ ربما المواطن الواعي المنتمي حقيقة لهذه الارض والذي يستطيع بكل بساطه ان يدرك ان النهج الملكي القائم على الثوابت التاريخية التالية له رأي آخر :-
اولا / لا لرفع السلاح العربي في وجه الشقيق العربي ولابد من حل سياسي للازمة السورية تضمن وحدة الدولة واستقرارها وتحافظ على حقوقها كدولة وعلى حقوق الشعب العربي في سوريا
ثانيا / لا للعبث في قرار فك الارتباط ولابد من تكريس وجود الدولة الفلسطينية كهدف استراتيجي اردني وكل من يستهدف الوجود الاردني يستهدف الوجود الفلسطيني
ثالثا / لا لتقويض الامن والاستقرار الاردني الداخلي مما يستوجب دعم القوات المسلحة والحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية الديمقراطية وتطويرها ونقلها من مرحلة الى اخرى بتوافق شعبي
رابعا / الكل شركاء في الوطن وكل تيار او تنظيم او جهة هي جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الاردني وهي جزء من منظومة الحكم سواء اكانت تؤدي دورها في السلطة او المعارضة والشعب هو الذي سيقرر شكل الحكومة ومن يقود سلطته التنفيذية وعلى الجميع احترام الارادة الشعبية مهما كان القرار الشعبي الوطني على اساس مبدأ التداول السلمي للسلطة
خامسا / الملك يقف على مسافة واحدة من الجميع دون انحياز ويقع عليه عبء القيادة والتوجيه واتاحة الفرصة لمؤسسات الدولة للقيام بواجباتها الدستورية والقانونية كل حسب ولايته ولا لتدخله المباشر او الانحياز لتيار او فكرة او مجموعة دون سواها فكما زار اليسار قام بزيارة الاخوان وقام بزيارة العشائر واجتمع مع كل الاردنيين ورؤيته تقوم عى دعم وجود ثلاثة او اربعة تيارات سياسية واجتماعية شعبية وحزبية تقود الوطن وتحمل عبء النهوض بالاردن معه
سادسا / التحدي الاقتصادي هو الشغل الشاغل للمكون الاردني وعلى رأس هذا المكون جلالة الملك ولا يمكن لعاقل ان يتصور عدم وجود رغبة لدى الملك في ان يكون الاردني صاحب اعلى دخل في العالم
سابعا / لن يتردد الملك – كأي قائد من آل البيت - في التضحية بالملك في سبيل الاردن ولن يتوانى لحظة عن التنحي عن العرش فيما اذا قرر الشعب الاردني ذلك وفيما لو كان وجوده يتسبب في اراقة دماء شعبه فلا تدفعوه بتفجير العنف في الشارع للوصول الى هذه المرحلة علما انه لا وجود لنص دستوري يعطيه الحق في ذلك مما سينشيء فراغا سيندم عليه الجميع كما ان العائلة المالكة قد حسمت امرها في خيار تماسكها ووقوفها خلف قيادة عبدالله الثاني بما فيهم سمو الامير حمزة الذي افاد بذلك صراحة في عدة خطابات ورسائل يصر البعض على الالتفات عنها
السياسة الاردنية واضحة والنهج الملكي مباشر ومعلن لكن من هي الجهة التي تقف وراء الغمغمة والتضليل والضبابية ؟؟ على المخابرات العامة ان تقدم اجوبة مقنعة وبخلاف ذلك فعالواقب وخيمة ..