السفارة الامريكية تبحث عن عملاء !
من النتائج غير الملحوظة للربيع العربي انه استطاع اسقاط عملاء المحطات الاستخبارية ( السفارات ) وقام شباب الثورات بتفكيك وضرب شبكات المعلومات والعمالة الغربية التي كانت تجوب البلاد العربية دون حسيب او رقيب وتحظى بدعم وقبول خارجي تؤهلها للسيطرة على مفاصل الدول الاستراتيجية ولطالما كانت السفارة الامريكية تحديدا ( محطة ) اجبارية في طريق الوصول للمنصب السياسي والتمتع بأدوات الحماية والنفوذ ..
تساقط الأنظمة الأستبدادية و / أو انتهاء دورها كان يقع في أطار التقييمات الاستخبارية ولكن ليس بالشكل الدرامي الذي حصل وكان لابد من وضع الخطط الاستخبارية البديلة التي تضمن استمرارية النفوذ والمصالح الامريكية ومنها عمليات زرع وتجنيد شخصيات سياسية او اقتصادية او دينية او اجتماعية تكون بديلا للعملاء والوكلاء ومصادر المعلومات في منطقة الشرق الاوسط تتمتع بصفات ( العميل المحترم ) من حيث النزاهة والانفتاح السياسي بعيدا عن تجربة ( المصدر المحروق ) وتاريخه الفاسد الأستبدادي ..
الخروج عن المهنية والمعايير والضوابط الاستخبارية الصارمة والانتقال من الظل للشمس هو ما كان يميز نشاط السفارة الامريكية في البلدان العربية التي طرق بابها الربيع بسبب طبيعة المرحلة ولو كان ذلك مخالفا للقانون الدولي والاعراف الدبلوماسية وقواعد العمل الامني المرعية بشكل يمس ويخدش السيادة الوطنية لأية دولة في ظل حالة صمت وعجز استخباري لأجهزة الأمن العربية ..
في الأردن لم تكن المخابرات الأمريكية موفقة في تقديراتها فاندفعت السفارة باضطراب وتحركت بشكل غير متزن بين محافظات المملكة واخذت تعقد اللقاءات – ولا تزال - الا انها لم تستطع الخروج بتقييم يسعف البيت الابيض في اتخاذ قرارات محددة تحسم موقفه لضبابية القراءات التي تقف خلفها جهات محترفة لكنها استطاعت جمع بيانات تعتبر قاعدة معلومات جيدة لعمليات انتاج عملاء لا يمكن التعويل عليهم لأسباب يطول شرحها ..
الأردن بلد صغير وما يجري في الغرف المغلقة يمكن ان يتسرب بسهولة حتى لو كان ذلك في داخل السفارة الامريكية نفسها ولن يمض وقت طويل حتى يكتشف السيد ....... في الطابق ....... من الجناح ....... للسفارة بأن جهات أخرى تتقدم شعبته دائما بخطوات وانه يعيش في وهم استخباري سيضطر معه لاعادة انتاج السلسلة مجددا وستصل الكلف الى عشرات الملايين في كل مرة لسبب بسيط ذلك انه لم يستخدم الجزء الأهم في جسمه ( الدماغ ) ..
في الاردن يمكن توجيه الجماهير لحرق العلم الامريكي في الساحة الهاشمية تحت أي بند حتى لو كان الامر متعلقا بما يسمى بحقوق المثليين وبلحظة واحدة تستعيد الجماهير ذاكرتها بخصوص الدعم الامريكي لاسرائيل او مشاهد غزو العراق فحجم وأرث الكراهية التي صنعتها سياسة العم سام لا يمكن محوها بسهولة من الذاكرة الجمعية للأردنيين وأسقاط أية شخصية تتعامل مع السفارة أمر غاية في السهولة وقد عانى الأخوان المسلمون ما عانوه بهذا الشأن بسبب معلومات عابرة اخذت بعدا قضائيا سعيا في ترسيخ دولة القانون ولو كان الموضوع في غير الأردن لأخذ طريقا معروفا للجميع ..
ما استطاعت الثورات هدمه من تاريخ طويل من العمالة لن يكون بمقدور الولايات المتحدة الامريكية اعادة اعماره بسهولة طالما بقيت بسياساتها تطل على الشعوب العربية يوميا بنفس الوجه القبيح ونقول ادعموا حقوق الشعب الفلسطيني في استعادة دولته وانهوا احتلالكم الفعلي للعراق وامحوا آثاره حتى يعود لحاضنته العربية وعاملوا شعوب العالم العربي بما تستحق من كرامة واحترام وانسانية وتوقفوا عن نهب وسرقة الثروات وتبني الديكتاتوريات وتمزيق جسد الأمة والوقوف في وجه وحدتها وستجدوا ان الشعوب سترمي نفسها في احضانكم طواعية بلا عمالة ولن يتردد الأردنيون في رفع العلم الأمريكي في مظاهراته ..